كتابات وآراء


الجمعة - 01 مارس 2019 - الساعة 11:15 م

كُتب بواسطة : نبيل الصوفي - ارشيف الكاتب



"كُنْ في الحياة كعابر سبيل"..
ليس لمن عرف ابتسامتك أن لا يؤمن بإنسانيتك الكبيرة يا علي صالح عُباد مقبل..

صُوِّر لنا في حلقات الإخوان أنه مُجرم قتَّال.. وحين عرفتُه كان يتأذى من أن تُقتل ولو نملة على جدار بيته.

وآخر ساعات حياته يفيق ليسأل: من يُطعم القطط؟

ليس من قليل أكره الإسلام السياسي.. ليس من قليل، صراعاته مع الناس فاجرة، هو بَعدها ينسى ويلتقي بمن فَجَر ضده، لكن لا يصحّح ولا ينقد ماضيه.
رحمك الله يا "مقبل"..

ذات مقيلٍ كان يستعيد نضالهم الثوري ضد الاستعمار، أذكر ضحكته، وهو ينتقد حماسه ورفاقه في فتح طرقات للسيارات في جبال أبين ولحج..

لم تكن هناك سيارات كافية، لكنّهم كانوا متحمسين لبناء وطنهم المستقل لتوّه من بريطانيا، ولم ينتبهوا لغضب الحمالين بالجمال، الذين تضررت مصالحهم من الطرقات، لأن الناس ستفضّل السيارات على الجمال.

كان الرجل من عائلة ميسورة، وتولّى بنفسه تأميمها لصالح التغيير الثوري، وعاش بعدها إنساناً متحرّراً من كل الأطماع الشخصية، أنموذجاً فريداً مبهراً.

سمعته يتحدث عن "النعرة الهاشمية"، كُنا في بيته وجاءت سيرة تحالف الإخوان والمؤتمر، ومن اللحظات النادرة التي سمعت فيها تفسيراً مختلفاً لهذا التحالف، لا أتذكر ماذا كان يتناقش فيه ومحمد قحطان، ولا من كان معنا أيضاً، كان هذا في حدود العام 2005، فذكر مقبل حواراً بينه والدكتور عبدالكريم الإرياني في 1993، كان الاشتراكي معترضاً على تحالف الرئيس علي عبدالله صالح والإخوان، فقال له الإرياني: "من تتحالفون معهم أسوأ من الذين نتحالف نحن معهم". يقصد "الهاشمية الإمامية".

وهو يحدثنا، ابتسم قائلاً بلهجته الأبينية: "ماكنتشي داري أن عاد في إسلام أصلي وإسلام تقليد.. وأن الرفيق يحيى الشامي بيكون أحسن مني في الإسلام حقكم أنتم وهم"، يقصد إصلاح قحطان ومؤتمر الإرياني.

تخَفُّف عباد مقبل من الأطماع الشخصية، منحه قوة ترفع بلاداً بأسرها، لذا نجح في نفخ الروح في حزبه الاشتراكي اليمني بعد 94م، وحين قرّر الترشح للمنافسة الرئاسية في 1999م وقف ضد علي عبدالله صالح والإخوان على حد سواء.

وفي مؤتمره الصحفي عقب رفض برلمان صالح والإصلاح تزكيته، سأله الإعلام إن كان واحد من أسباب رفض ترشيحه في البرلمان أنه غير مسلم، فرد ببساطة: "شي حد منهم بيجي يتأكد باوريه أني مختون"..

اتصل به الزعيم، رحمه الله، ذات يوم، منتقداً حديثاً للشهيد جار الله عمر، أيضاً.. فرد مقبل بتلك اللكنة العنيدة اللامبالية له: "سلّم أخوك للانتربول أولاً وبعدها نتناقش عن جار الله"، يقصد علي محسن الأحمر بعد أحداث تفجير كول وبدء شركات النقل البحري لعلي محسن وأحمد العيسي.

كل صراعاته لم تبعده عن جوهر إيمانه، باليمن والناس والعدالة، رفيق سالمين، الحراكي المؤمن بالجنوب وباليمن.

وُلد في أبين، وبدأ نضاله في لحج وعدن، عاش في صنعاء ومات فيها، واليوم سيعود إلى عدن ليُشيع غداً إلى قريته التي وُلد فيها..

انتهى زمن الكبار، فشدّ علي صالح عصاه ورحل.

لنيوز يمن