كتابات وآراء


الأربعاء - 06 مارس 2019 - الساعة 11:13 م

كُتب بواسطة : فكري قاسم - ارشيف الكاتب


في اليمن لما تشتي تَشْتُم شخص بأقذع العبارات والصفات قل له يا يهودي يا بن اليهودي أو يا نصراني يا بن النصراني.. هكذا توارثنا الأحقاد جيلاً بعد جيل، أحفاداً وأبناءً وأجداداً، على الرغم من أن اليهود والنصارى طائفتان أنزل إليهما كتاب وأنبياء سمينا أولادنا بأسمائهم دون أن يكون لأحدنا علم بما حدث في الماضي أو يكون لأحدنا على الأقل يد فيما آلت اليه حروب الإله المتكاثرة. علمونا في دروس التوحيد أن أركان الإيمان ستة بينهن الإيمان بالله وكتبه ورسله، ولكن منابر الصلاة تحرضنا دائماً بأن نكره اليهود والنصارى، وإمام الصلاة غالباً ما يدعو اللهم أهلك اليهود والنصارى، وكيف يمكن لإله عادل ورحيم أن يبعث إلى الناس أنبياء يدعون أشياعهم إلى قتل الآخرين أو لتقتيل بعضهم بعضاً في سبيل الله؟! هذا هراء اخترعه الرهبان والأحبار والفقهاء ولا علاقة للسماء بذلك. وكيف يمكن لإله قدير أن يجعل لعباده ثلاثة كتب سماوية كل منها جاء لينفي وجود الأول، ما سبّب للبشرية مشاكل كثيرة وحروباً بشعة سببت للناس، عبر الزمن، التعاسة والشقاء! وهل يقبل رب أسرة عاقل أو مجنون أن يجعل أبناءه يتباغضون ويتقاتلون في سبيل بصيرة البيت مثلاً؟ لا طبعاً. لكن ما هي الحكمة التي تجعل الله الرحمن يخلق البشرية في أدق الصور ثم يجعل بين عباده ديانات مختلفة كانت على مر العصور محل صراع بين البشر، وكل ديانة تقوم على تدمير الأخرى، وتدعي أن بصيرة السماء مكتوبة باسمها، وأنها الأحق بتصريف شؤون الناس، وهو الحق الذي كان ولا يزال منذ ظهور الديانات وحتى الآن محل نزاع وصراع دمويين سبب للبشرية التعاسة والشقاء، وفي كل مرة يُقال لنا بأن تلك هي مشيئة الله؟! ما هي مصلحة الله في جعل الناس يقتلون بعضهم بعضاً؟ وما هي الفائدة التي سيجنيها الله الرحمن الرحيم مالك يوم الدين في جعلنا أمماً وشعوباً ومللاً تبغض بعضها؟ وأنا كإنسان خلقني الله بسمع وبصر كافيين لجعلي أؤمن بأن مهمة أي دين إسعاد البشرية وبأن المتدينين الخُلص الذين يؤمنون بالله الواحد لا يحملون البغضاء ضد أي مخلوق آخر يهودياً كان أو مسيحياً أو مسلماً أو لا ديني، وأما أولئك المتدينون الذين يؤمنون بـ إله الحزاوي ولا يؤمنون بالرحمن هم الذين يجعلون من الدين وسيلة للكراهية والعنف والتسلط والبغضاء وتدمير الحياة في سبيل حزاوٍ متوراثة قيل لنا إنها من عند الإله، بينما هي في حقيقة الحال من صنائع الإنسان نفسه. وفي اليمن، على أية حال، كان هناك طائفة يهودية آمنت جيلاً بعد جيل بما قيل لها إنه مُنزل عليها من عند الله، وكان لهم طقوسهم التي يتواصلون عبرها مع الله كأمة لديها رسل وأنبياء وكتاب، ولكنهم تعرضوا لكثير من الضيم ومورست ضدهم كثير من البشاعات حتى أصبحوا مع الوقت مثل فص ملح وذاب، ومع هذا لا تزال هناك طائفة من المسلمين في اليمن يحملون لهم البغضاء ويلعنونهم ويشقدفون أهاليهم ويبخسون دينهم وملتهم، مع أن الإسلام دين رحمة ومحبة وتعايش. وعندما نشاهد الآن جماعات دينية مسلمة كلها تؤمن بمحمد رسول الله، وتؤمن بالقرآن الكريم، ولكنك مع هذا تجدهم اشتاتاً يتقاتلون بينهم البين، ويدمرون الحياة في بلدانهم، ويقولون لنا بأن تلك هي مشيئة الله! على أن ذلك الذي يحدث يفترض به أن يكون كافياً لفهم ما يدور، إذ إن كل هؤلاء المتدينين لايؤمنون بالله الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وإنما يؤمنون بإله الحزاوي، ذلك العابث المستهتر سارق الأعمار والأحلام والطاقات إله الذين يتباغضون ولا يتعايشون.