الثلاثاء - 17 ديسمبر 2019 - الساعة 04:44 م
- لوترون ما رأيت وتسمعون النساء والعجز وترون هلع الأطفال وهي ترقب سقف البيت متى يقع على رؤوسهم وخيالات البسطاء وهم ينتظرون سقوط قذيفة مجهولة عليهم..
لو رأيتم سكان حيس والتحيتاء والدريهمي..
وزرتم قريةمنظر أو رأيتم أبناء الجبلية ..
لو كنتم في الخوخة والحيمة ورأيتم عشش القش المتطايرة من الرياح في مخيمات النزوح.
لو شاهدتم أحمد سعيد وهو يلفظ أنفاسه... وسلمى زوجة صالح وهي تموت في طريقها إلى عدن للولادة.
لو رأيتم طفلها الحي في بطنها بعد أن لفظت أنفاسها في الطريق إلى عدن وهو يحاول الخروج من بطنها وكأنه يقول أني حي أخرجوني من ميت.
لو رأيتم أبوه وهو يصرخ الطفل حي في بطنها... اخرجوه ..
إنه إبني الذي انتظرته سنين
(هاتو سكين) ...
ثم يعود ويقول حرام لا تقتلوها مرتين اتركوه ليحيا معها في الجنة.
هل رأيتم سكون بطن الأم من حركات طفلها بعد أن استجاب لنداء والده ليسكن مع أمه الجنة؟
لو رأيتم السكون الذي خيم في الصحراء على طريق الخوخة عدن.. انطفات السيارة وحدها وتوقفت الرياح وساد الجميع صمت مريب وتساؤل غريب؟!
أيعجز المحاربون وداعموهم عن إيجاد غرفه للولادة في طول الساحل الغربي؟
أيعقل أن مستشفى الملك سلمان لا يوجد به ولادة..؟ أو حتى أشعة x-ray (كشافة) ..؟
لو رأيتم طفل وشاب وامرأة يموتون كل يوم..؟ بمعاناتهم؟ لو تعرفوا قصة سليم الذي باع كل ما خرج به ليستأجر سيارة ويذهب ليقطع جواز من عدن للسفر لعلاج أمه؟ فلا ذهب ولا تعالجت أمه فقد كل شي وهو الآن في خيمة بيضاء مقطعة في مخيم النازحين بالخوخة.
لو رأيتم الطفلة هدى في طريقها من الدكان للمنزل بعد أن تعثرت بالقاذورات والمشمعات المتناثرة في الطريق فسقطت على الأرض موقعة قارورة صغيرة تحملها وبها بعشرة ريالات زيت لو رأيتموها وهي تبكي بحرقة غير قادرة على أن ترفع رأسها من الأرض وتضرب الأرض بكلتا يديها حائرة أتعود لأمها دون زيت أو لا تعود؟
هل رأيتم رجلا عاجزا يبكي حاله وماله وهو يرى نخلته المثمرة أمام عينيه وهي تودع اللون الأخضر لتميل إلى الصفار استعدادا للموت لتلحق باخواتها اليابسات؟
هل شاهدتم الصياد جابر
في الفازة أو عمر بالمجيلس
وهو أمام قاربه المرمي على الشاطئ يتشقق من الجفاف غير قادر على إنزاله البحر ليروي عطشه وشباكه التي هدمت
بفعل الشمس والريح لأنه ممنوع من نزول البحر ليصطاد؟
لو زرتم الساحل الغربي لرأيتم ما يندي له الجبين وما يوقف التاريخ الإنساني أمامه صاغرا غير كابر.. فلا سلام تم ولا تحرير أنجز.
إنهم يتاجرون بآلام ومعانات البسطاء من أبناء تهامة الخير والعطاء.
- هل شاهدتم الطفل نديم وهو يجلس حزينا حائرا باكيا يبحث عن إخوته الخمسة وأمه وأبيه الذين ماتو بحمى الضنك وهو يظن أنهم سيرجعون أو سافروا وتركوه.. هل رأيتم رفضه وإصراره ألا يدخل بيوت الجيران؟ ولا يريد إلا أن يقف على باب بيته ينتظر أباه وأمه واخوته علهم يعودون.
معاناتنا في الحديده يندى لها الجبين.
شرعية تخلت عن رعايها.
ساسة يكسبون ويتاجرون بألم الوطن.
رعايا تائهون.. ذهول ما بعده ذهول .. مثقفون وأدباء خائفون ساكنون.. يترقبون خروج مسجون.
سلطةالأمر الواقع توزع التهم وتوسع السجون.
نسائنا تنتهك حرماتهن في الشوارع والطرقات.. قيد السجون.
باكون يناشدون
لا أحد يسمعهن..
لا عاقل ولا مجنون..
انه الجنون
ماذا تنتظرون
كلهم مجرمون
تجار حروب مزايدون....
يتباكون كذب ومراء
ولأموال نهبوها من آلام البوساء يكدسون
- هل رأيتم دقيق المساعدات والديدان تسبح فيه والحشرات البنية التي تشبه القمل تتقافز من كيسه الذي يحويه.
هل شاهدتم الأخوة الأعداء المحررين وهم يتقاتلون فيما بينهم على المسميات والمناصب
هل شاهدتموهم وهم يفتعلون الفتن في الأسواق لينهبوا أموال الناس هل عشتم حفل انتصار وتحرير الخوخة يتحول إلى يوم قتال بين المحررين.
هل كنتم معي وأنا أبكي جاثيا على ركبتي وأنا أودع سليمان قادري الذي مات في سيارته في حفرة أحد الألغام وهو الذي كان لا يتأخر عن مواساة ومساعدة صديق أو عدو..
هل عشتم معي وأنا أشاهد مبارك وهو يموت من طلقة قناص هشمت راسه لم يمت منها ولكنه يعيش المرارة وهو يستجدي العلاج.
هل رأيتم داوود الذي كان يساعد الناس وهو يبحث عن من يساعده لشراء دواء ابنته التي ترقد في العيادة دون علاج.
هل عرفتم أجمل من وجه شموخ التي ماتت بحمى الضنك.. هل رأيتم أباها وهو يحملها ميتة وأمها الغائبة عن الوعي.
هل شاهدتم جسم هبه المنتفخ بعد أن عولج من المكرفس
لا تلوموني أن طالبت تحرر وتحرير ناجز أو سلام حقيقي لا ينتقص من الحقوق.
أي اتفاق سلام ومقابرنا تستقبل المئات من القتلى بالقذائف والمذبوحين بنار الإهمال وسطوة الأمراض والأنين يزداد بجوع وإهمال ومتاجرة بالآلام.