كتابات وآراء


الأربعاء - 21 نوفمبر 2018 - الساعة 10:59 م

كُتب بواسطة : وضحه مرشد - ارشيف الكاتب



بعد الحرب العالمية الثانية شكل الحلفاء المنتصرون حلفا دوليا في عام 1945 م أسموه " منظمة الأمم المتحدة " خلفا لعصبة الأمم (1919م-1946م) التي فشلت بقيام الحرب العالمية الثانية وإستهزاء دول "المحور" بكل قراراتها لإيقاف الحرب .
وبغض النظر أن النادي الدولي يضم في عضويته الدائمة "مجلس الأمن" خمس دول فقط التي تمتلك إمتياز "حق الفيتو" ، ورغم سيطرة الدول العظمى على قرارات المجلس.
إلا إني كمواطنة على كوكب الأرض أعتبر كل مواثيق الأمم المتحدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع المسودة الأولى لنصه المحامي الكندي "جون بيترز همفري" ، وقد اختصرت لاحقا من 400 صفحة إلى 30 مادة، إضافة لإتفاقية السيداو ، وإتفاقية حقوق الطفل ... الخ ..الخ ... الخ ، أعتبرتها قفزة إنسانية هائلة في تاريخ البشرية نحو الحقوق والحريات والمساواة والعدالة والأمان والسلام العالمي، بل إنها دستور الدساتير، وأعظم الكتب المقدسة على الإطلاق رغم بشرية مصدرها.
كنت ماقبل الحرب في اليمن أتابع بانبهار جهود الإغاثة الإنسانية للأمم المتحدة في الدول التي تشهد صراعات مسلحة وحروب ومجاعات، أراقب الجهود الجادة والحثيثة لإحلال السلام والأمن وتوفير الغذاء في تلك الدول، والقرارات الصارمة بحق المتسببين في تلك المآسي الإنسانية، ومحاكمة مجرمي الحرب في لاهاي.
كنت أرى كل ذلك وأشعر بالأمل رغم سوداوية الواقع، نعم... هاهي الأمم المتحدة نصيرة المظلومين في هذا العالم ، دايك العدالة، ايريني السلام ، يونوميا النظام ، وثيميس القانون !!!
ثم حدثت الحرب في وطني، الحرب التي بدأت في عام 2014 تاريخ إنقلاب الحوثيين على مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته، وعلى الشرعية الدستورية، وإسقاط المدن والمعسكرات.
تصورت أن العالم المتحضر سيقف في صف شعب في أقصى جنوب الكرة الأرضية، شعب يعاني من الفساد والفقر والأمية والأمراض والأوبئة، شعب طيب وبسيط، ولايشكل أي تهديد أمنيا أو اقتصاديا أو سياسيا على دول القرار العالمي.
تصوري الحالم بإن العالم سيلتفت لمعاناة البشر في هذه البقعة الصغيرة المنسية من الكوكب، وبإن منظمة الأمم المتحدة ستقف بحزم وبكل نزاهة وعدالة ضد الإنقلاب، وستتخذ الإجراءات الرادعة لإنهاء الإنقلاب، الإنقلاب الذي تسميه "حربا أهلية" ، ثم تسمي المليشيات "سكان أصليين" ، الإنقلاب الذي وعبر تاريخ حركته لم يلتزم بأي معاهدات أو مفاوضات أو تهدئات وهدن، منذ حروبه الست في صعده ضد الدولة (2004-2010) ، ومرورا بثورة 11 فبراير 2011 م التي تسلق على أكتافها ليتحول من إرهابي لثائر،، وحتى مؤتمر الحوار الذي شارك فيه كمكون أساسي رغم أنه ليس حزبا، ولامكون مدني مجتمعي، وحتى مسودة الدستور الذي حاول اختطافها، ثم إعلانه الحرب على اليمن بإسقاط صنعاء، وعمران ودماج قبلها، ثم بتدخل التحالف العربي لإستعادة الشرعية ، وكل مفاوضات السلام التي إما حضرها بأجندة متشددة بسقف عال، أو رفض حضورها من الأصل، وانتهاءا بالتهدئة المعلنة من قبل الأمم المتحدة ومشروع القرار المقدم من مندوبة بريطانيا لمجلس الأمن، بعد التقدم الكبير للجيش والمقاومة اليمنية في الحديدة.
لم تلتزم تلك الجماعة الإرهابية لو لمرة واحدة بعهد أو إتفاق أو هدنة !!!
رغم أن الضغوط الغربية للتهدئة في الساحل الغربي والدخول في مفاوضات جديدة في استكولهوم، جاءت في توقيت لصالح المليشيا بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها ، إلا أنها وبعنجهية وغباء نرجسي خرقت التهدئة بإطلاق صاروخ سقط في البحر.
السؤال الملح... في إطار تعنت الحوثيين -من ناحية- للجلوس على طاولة الحوار بنوايا تفاوضية حقيقية للوصول لحل سياسي وإحلال السلام، وعرقلة الأمم المتحدة وأمريكا وبريطانيا للحسم العسكري من ناحية أخرى، هل تعمل الأمم المتحدة فعلا لإنهاء الحرب في اليمن؟ ماهو الخيار الثالث الذي تطرحه الأمم المتحدة إذا لإنهاء مأساة مايقارب 30 مليون يمني، ثلاثة أرباعهم صاروا تحت خط الفقر، وعلى حدود المجاعة التي ضربت الفئات الأكثر فقرا.؟!
بل أن الأمم المتحدة واعضاءها الدائمين لا يتذكرون أن هناك حربا في اليمن منذ خمس سنوات، إلا حين تحقق الشرعية إنتصارات عسكرية، وكأنها تتحرك فقط لإنقاذ المليشيا الحوثية من الهزيمة، وإعطائها مزيدا من الوقت لالتقاط الأنفاس وترتيب الصفوف، واستعادة قوتها... لتراوح الحرب مكانها كأنها الأبد !!!
أما السؤال الأكبر... منذ متى ترعى الأمم المتحدة مفاوضات سلام مع الجماعات الإرهابية في العالم؟ ! هل سبق وقامت برعاية مفاوضات مع داعش أو القاعدة، أو طائفة" أوم شنريكيو" اليابانية، وحركة "كاهانا حاي" الإسرائيلية؟ !
ألا يرى العالم المرفة على الخريطة أن وجود فيروس الحوثي وتقوية شوكته، لا يؤثر فقط على اليمن ،بل يهدد الأمن في المنطقة والشرق الأوسط، والأمن الإقليمي والدولي؟ ! خاصة وأن إيران العدو الظاهري المعلن للغرب سبق وصرحت على لسان عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية " رحيم بور أزغدي" أنها قد ربحت لبنان وسوريا والعراق وفلسطين وأفغانستان واليمن، وصار تملك في تلك البلدان نفوذا إقليميا !!!
هل يرى العالم جماعة الحوثي العقائدية الطائفية العرقية الإرهابية أقل خطرا من إرهاب المليشيات العنيفة المسلحة الأخرى؟ !
أم أن الإرهاب الشيعي هو الوحيد الذي صار مسموحا به في العالم؟ !
هذه الحروب التي يشعلها ويقويها الغرب في الشرق الأوسط .. هنا وهناك ، تتسلى بها وبإطالتها لتصدير السلاح، ستغير خارطة الشرق الأوسط وموازين القوى العالمية، لتقف الأمم المتحدة والغرب بالجهة الخطأ من التاريخ، وليعاد ترتيب النادي الأممي من جديد، ربما هذه المرة بمعايير الإنسانية والأمن والسلام العالمي كما نصت مواثيق ودساتير الأمم المتحدة !!!