شئون دولية

الثلاثاء - 07 مايو 2024 - الساعة 04:21 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - متابعات



في تصعيد خطير للأحداث على الحدود المصرية، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عن السيطرة الكاملة على معبر رفح على الجانب الفلسطيني، كما رفعت الأعلام الإسرائيلية هناك بعد عملية عسكرية بدأت أمس.

ومع هذا التطور الخطير، ووسط تساؤلات حول طبيعة الرد المصري، ومستقبل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، أن الاجتياح الإسرائيلي لشرق رفح والسيطرة على المعبر البري من الجانب الفلسطيني، يمثلان انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، ويقوضان فرص تثبيت التهدئة وإحياء المسار السياسي، كما يعد ذلك انتهاكا صارخا لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، وملاحقها الأمنية.

نصوص اتفاقية السلام
وأوضح الدكتور مهران في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، أن اتفاقية كامب ديفيد، بما في ذلك ملاحقها الأمنية، تنص بوضوح في موادها على التزام الطرفين بصون سيادة وسلامة أراضي كل منهما، وحظر اللجوء إلى التهديد أو العنف المسلح، فضلًا عن ضمان احترام الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للسكان في الأراضي الخاضعة للاحتلال.

وأضاف أن ما تقترفه إسرائيل من جرائم ممنهجة بحق المدنيين العزل في رفح، يتنافى تمامًا مع جوهر ونصوص اتفاقية السلام، التي كان يُفترض أن تضع حدًا للنزاع، ليس فقط بين مصر وإسرائيل، وإنما بين إسرائيل وجيرانها العرب، كما أكدت على ذلك ديباجة الاتفاقية.

ولفت الخبير الدولي إلى أن المادة الأولى من اتفاقية كامب ديفيد أكدت على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي انتهكتها إسرائيل بشكل صارخ من خلال استهداف الأبرياء في رفح والاجتياح البري، كما أن معاهدة السلام تضمنت التزامًا بانسحاب القوات الإسرائيلية والمستوطنين إلى حدود ما قبل يونيو 1967.

وفي هذا السياق أشار الدكتور مهران إلى أن المادة الثانية من الاتفاقية شددت على حظر اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي للطرفين، في حين أن الاجتياح الإسرائيليي لرفح ينتهك هذا النص بشكل سافر، حيث يمثل تعديًا على سيادة الأراضي الفلسطينية، وتهديدًا محتملًا للأمن القومي المصري، مشدداً على أن ذلك يهدف إلي تهجير سكان غزة إلى سيناء ما يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وما يستدعي مراجعة القاهرة لعلاقتها بتل أبيب، والنظر في خيار الانسحاب من اتفاقية السلام وفقاً لما تقضي به المواثيق الدولية.

مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود
وبيّن أستاذ القانون الدولي أن المادة الرابعة من كامب ديفيد نصت على إقامة مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود المصرية الإسرائيلية، وهو ما خرقته إسرائيل باجتياحها لرفح بقواتها وبإدخال المعدات الثقيلة، محذرا من مغبة استمرار الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والمتكررة لأحكام اتفاقية كامب ديفيد، قائلًا: "إن تمادي إسرائيل في تقويض التزاماتها التعاقدية تجاه السلام مع مصر وفلسطين، يمنح القاهرة الحق القانوني الكامل في تعليق العمل بالاتفاقية أو الانسحاب منها، وفقًا لقواعد القانون الدولي".

التحرك في الإطار القانوني
وحول الإطار القانوني الذي يمكن أن تتحرك فيه مصر للتصدي لهذه الانتهاكات، أشار الخبير الدولي إلى أن مصر، بصفتها دولة طرف في اتفاقية السلام ودولة جوار وراعية للمصالحة الفلسطينية، لديها مصلحة مشروعة في الحفاظ على استقرار الأوضاع في المنطقة، وهو ما يخولها التحرك على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية لوقف التصعيد.

وأوضح مهران، أنه يمكن لمصر أن تقدم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي بوصفه الجهة المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين، لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية وحثها على الالتزام بوقف إطلاق النار وباتفاق التهدئة ووقف كافة الأعمال العدائية، أو أن تطلب عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث تداعيات الموقف وتنسيق مواقف إقليمية ودولية ضاغطة على إسرائيل.

كما لفت مهران إلى إمكانية لجوء مصر للمطالبة بتفعيل اتفاقية السلام من خلال اللجنة المشتركة المنصوص عليها في الاتفاقية، أو اللجوء إلى آليات تسوية المنازعات المنصوص عليها فيها كالتحكيم الدولي، لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها واحترام التزاماتها القانونية تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه دول الجوار.

وأكد أيضاً أن الإجراءات العسكرية أحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل تقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل، مشددًا على أهمية استئناف المفاوضات والعمل الدبلوماسي البنّاء لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه غير القابلة للتصرف، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.

هذا وشدد أستاذ القانون، على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في وقف جرائم الحرب الإسرائيلية، ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب، وضمان مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، تمهيدًا لتحقيق سلام عادل وشامل ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويصون الأمن القومي المصري.