شئون دولية

الثلاثاء - 20 أغسطس 2019 - الساعة 11:03 ص بتوقيت اليمن ،،،

واشنطن

إن الحديث عن دعم قطر للإرهاب وتمويله في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط أو في مختلف بلدان العالم، لم يعد وحده كافيا لإبراز الأدوار التي لعبتها هذه الإمارة الخليجية في زعزعة استقرار عدة دول في المنطقة وصولا إلى شمال أفريقيا أين مازالت تراهن على بعض الجماعات الإسلامية المتشددة في ليبيا أو في غيرها.

المطلوب الآن من المجتمع الدولي بعد تتالي وتواتر التقارير التي تكشف الحجم الهائل للاستثمارات القطرية في دعم وإسناد الإرهاب، ليس الاكتفاء فقط بالإخبار عن ذلك أو إصدار مواقف لتهدئة الخواطر ومن بعد ذلك مواصلة السير في التنعّم بما ترصده الدوحة لبعض الحكومات من مال لغض النظر عن أنشطتها.

رغم أن أعتى الحكومات وفي مقدّمتها الأميركية، التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، تصعّد بين الفينة والأخرى في حدة خطاباتها الموجهة للدوحة إلا أنها لم ترتق إلى حد الآن لتصل مرحلة ما حدث مع دول ومنظمات أخرى أدرجت على لوائح الإرهاب بالنسبة لواشنطن، إذن لماذا هذا السكوت عن أدوار قطر المفضوحة.

وفي هذا الصدد، تعود صحيفة “ذا فيدراليست” الأميركية لسرد أدق تفاصيل أنشطة الدوحة وتحديد المواقف الدولية منها، حيث يقول صاحب المقال غوردان كوبي، إن “النظام القطري يتباهى بثراء بلاده وخاصة من إنتاج الغاز الطبيعي، وامتلاكه لشركة الخطوط الجوية القطرية، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران”.

ويضيف أن الإمارة الخليجية تعتبر موطنا لقناة الجزيرة الإخبارية، وهي واحدة من مصادر الأخبار الأكثر نفوذا في العالم. كما أن الدوحة تحتفظ بنفوذ كبير في مجال التعليم الأميركي العالي، حيث تبرعت بأكثر من 1.5 مليار دولار لبعض الجامعات الأميركية الأكثر شهرة: جامعة ميشيغان، وجامعة نورث كارولينا ونورث ويسترن وتكساس إيه آند أم وكورنيل.

ويشدد غوردان على أن قطر مازالت تمتلك جانبا مظلما وغامضا، لاسيما وأنها تدعم وتمول الإرهابيين بشكل علني إلى درجة لا تتوافق مع حجمها وثقلها الاستثماري، حيث دفعت سياسة دعم وتمويل الإرهاب التي تنتهجها قطر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى تصعيد الأمر إلى مستويات عليا.

رغم هذا الاعتراف، فإن جميع الإدارات الأميركية، حتى تلك التي تتبع ترامب، تجاهلت حقيقة رعاية هذه الدولة للإرهاب، واكتفت وفق التقرير الأميركي بالاحتفال بعشرات المليارات من الدولارات التي تنفقها قطر على المعدات العسكرية والتجارية الأميركية، فضلاً عن استضافة قطر وسماحها بتمركز الآلاف من القوات الأميركية.




ورغم السخاء القطري القائم على شراء الذمم، فإن الدوحة في أحيان كثيرة قامت بتحدي الإدارة الأميركية، عبر دعمها للتنظيمات الإرهابية، حيث يركز تقرير “ذا فيدراليست” على إبراز الدعم القطري لحركة حماس، مشددا على ضرورة أن تتخذ وزارة الخارجية الأميركية قرارا حازما بتسمية قطر “دولة راعية للإرهاب”، كما فعلت بالنسبة للآخرين الذين “قدموا الدعم مرارا وتكرارا لأعمال الإرهاب الدولي”.

وتربط قطر علاقات قوية بحركة حماس، التي تم حظرها من قبل الولايات المتحدة. وكونها واحدة من أكبر الممولين لحماس، مولت قطر الحركة بأكثر من 1.1 مليار دولار منذ عام 2012. وفي حين أن قطر غالبا ما تبرر تمويلها بدوافع إنسانية، فإن مسار تمويلها، وكذلك تصريحات الأمير الحالية، تشير إلى دوافع أخرى حقيقية مختلفة.

ويرفض أمير قطر اعتبار حماس منظمة إرهابية، بل يموّلها. حيث كان قد أكّد في مقابلة له مع شبكة سي.أن.أن، بأن قطر “تدعم الشعب الفلسطيني”، مضيفا “نحن نعتقد أن حماس جزء مهم جدًا من الشعب الفلسطيني”. ونظرا لتأييدها لحماس، انحرفت قطر كثيرا عن مسار قضيتها الإنسانية المفترضة، بعد أن بدأت بتمويل قادة حركة حماس بشكل علني.

ورغم أنه تم الاعتراض على هذا التمويل من قبل المسؤولين الأميركيين، فقد أرسلت قطر عام 2014 أموالاً في شكل رواتب لحوالي 44 ألف موظف من حماس. وفي عام 2016، قامت الدوحة مرة أخرى بتمويل رواتب موظفي حماس، حيث أراد إسماعيل هنية استخدامها لتمويل الجناح العسكري للحركة: كتائب عزالدين القسام.

ورغم الاعتراض الدولي، استمرت قطر وفق كوبي في تمويل أعضاء حماس في عام 2019. وحتى هذه اللحظة، تحتفي قطر بسجلها المليء بتمويل موظفي حماس وإرسالها للتبرعات النقدية اللازمة للحفاظ على بيروقراطية حماس ومؤسساتها.

ومثلما احتضنت قطر حماس في الخارج، فقد رحبت أيضا بحماس داخل حدودها، ووفرت الحماية للجماعة. ومنذ عام 2012، كانت قطر تؤوي خالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، وأحد أبرز أعضاء حماس.

ويعود تقرير “ذا فيدراليست ” إلى سرد حيثيات كيف سمحت قطر لحركة حماس بعقد اجتماعاتها في بعض من أكثر الفنادق شهرة في العاصمة القطرية، الدوحة. ففي عام 2015، استضاف خالد مشعل مؤتمرا صحافياً في فندق “فور سيزونز”، وفي عام 2017، أعلنت حركة حماس عن ميثاقها الجديد في مؤتمر في فندق “شيراتون”، مما يدل على أن قطر قد سمحت، داخل حدودها الخاصة، لمنظمة إرهابية بتنظيم المؤتمرات وإطلاق الحملات على الملأ وفي وضح النهار.

كما قامت الحكومة القطرية بتمكين ودعم أجندة حماس من خلال نشر مؤتمرات وخطب كاملة لحماس على قناة الجزيرة القطرية. وللتحقق من ذلك يمكن القيام بمجرد بحث بسيط في قناة الجزيرة مباشر، وعبر اليوتيوب حيث بثت القناة تغطية مؤتمرات وخطب لحماس.

وقد شاركت قناة الجزيرة في تغطية تتراوح ما بين الوقفة الاحتجاجية لمؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وصولا إلى مقابلة كاملة مع أحد أهم  أعضاء حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ومثلما وفرت قطر الملاذ الآمن والتمويل لحماس، فقد فعلت نفس الشيء للمنظمات الأخرى المصنفة على أنها منظمات إرهابية سواء في الولايات المتحدة أو في الخارج. وعلى الرغم من اعتبار جماعة الإخوان المسلمين مصدر إلهام لحماس –رغم حظرها كمنظمة إرهابية من قبل البحرين ومصر وروسيا وسوريا والسعودية والإمارات- إلا أن الجماعة تلقت أكثر من مليار دولار من الحكومة القطرية.

جميع الإدارات الأميركية، حتى تلك التي تتبع ترامب، تجاهلت حقيقة رعاية هذه الدولة للإرهاب، واكتفت وفق التقرير الأميركي بالاحتفال بعشرات المليارات من الدولارات التي تنفقها قطر على المعدات العسكرية والتجارية الأميركية

وقامت دولة قطر أيضا بإيواء 20 من كبار أعضاء حركة طالبان الأفغانية ورعت أعضاء حركة أحرار الشام، وهي ميليشيا سلفية سورية، قاتلت في السابق إلى جانب جماعة جبهة النصرة الإرهابية. علاوة على ذلك، وفي عام 2017، دفعت قطر حوالي 360 مليون دولار أميركي لإطلاق سراح رهينتين تم أسرهما على يد كتائب حزب الله – وهي منظمة إرهابية شيعية إيرانية تشتهر بنصب الكمائن للقوات الأميركية في العراق.

وقد اشتهرت قطر بدعمها الدائم للجماعات الإرهابية. من خلال إيواء وتمويل بعض الجماعات الأكثر شهرة في العالم، لتصبح راعية للإرهاب. وهو ما يدفع الكاتب غوردان كوبي للخروج بأهم استنتاج مفاده أنه حان الوقت لأن تدرك واشنطن وبقية العالم الحجم الذي تهدد به قطر الأمن العالمي ويجب على المجتمع الدولي تسمية قطر وفقا لذلك.

وتضاعفت المخاوف لدى الغرب وخاصة لدى واشنطن من مطامح الدوحة، ليس فقط بسبب بروز أكثر من دليل يثبت تورطها في دعم جماعات إرهابية مسلحة أغرقت العالم في بحر من الدماء، بل أيضا لما باتت تلعبه من أدوار مشبوهة تسعى لاختراق صناع القرارات السياسية في هذه البلدان.

وأثير مؤخرا جدل كبير في واشنطن بعدما ثبت أن قطر استثمرت الملايين للتأثير على بعض الدوائر والشخصيات في الإدارة الأميركية والكونغرس لصالح الدوحة. كما زادت الهواجس أيضا بعدما تم تقديم شكوى قضائية ضد عضو الكونغرس النائب السابق جيف ميلر بتهمة انتهاك القانون الفيدرالي عندما سجل نفسه وكيلا لقطر بعد ستة أشهر من مغادرته منصبه.