وكالات

الخميس - 17 أكتوبر 2019 - الساعة 08:55 ص بتوقيت اليمن ،،،

بروكسل

أفرجت مداولات الساعات الأخيرة بين لندن والمفوضية الأوروبية عن أجواء متفائلة باحتمال التوصل إلى صفقة بين الاتحاد الأوروبي وحكومة بوريس جونسون في بريطانيا تجنبا لطلاق دون اتفاق.

وعلى الرغم من أن صعوبة المصادقة على الاتفاق المحتمل في القمة الأوروبية (الخميس والجمعة) في بروكسل بسبب ضيق الوقت الضروري لاكتمال كافة عناصر الاتفاق، إلا أن القادة الأوروبيين لن يتوقفوا كثيرا على مسألة المهل، وباتوا مستعدين لمنح المفاوضات مزيدا من الوقت تجنبا لخروج بريطانيا من النادي الأوروبي دون اتفاق.

وسيعقد البرلمان البريطاني جلسة استثنائية في 19 أكتوبر لتقييم نتائج القمة وتحديد ما يجب القيام به بناء على ذلك. ونقل عن المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه أن “المناقشات التفصيلية جارية ولا يزال الاتفاق ممكنا للغاية”. واستغرب المراقبون هذا التفاؤل المفاجئ الذي هبط على المنابر الأوروبية، والذي ألحقه وزير بريكست البريطاني ستيفن باركلي بجرعة أخرى من الأجواء الإيجابية التي توحي بأن اتفاقا ما بات قريبا بين الطرفين، فيما أعاد بارنييه التوضيح أنه “حان الوقت لتحويل النوايا الحسنة إلى نص قانوني”.

ولم يفهم المراقبون في بروكسل التفاؤل المتبادل بين بارنييه ونظيره البريطاني في وقت نقل فيه عن مصدر حكومي ألماني أنه بعد اطلاعه على فحوى المناقشات، فإنه يشكك في إمكانية عقد الاتفاق ضمن المهل والأجندة الموضوعة، لينتهي وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني من جهته إلى الكشف عن أنه “لا تزال هناك حاجة إلى تقدّم كبير”.

ويسعى المفاوضون في لندن وبروكسل إلى بذل أقصى الجهود للتوصل إلى اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قبل الموعد المقرر لخروج بريطانيا من النادي الأوروبي في 31 أكتوبر الجاري.

وعلى الرغم من أن مجلس العموم البريطاني صوت على قانون يفرض على بوريس جونسون طلب تمديد هذه المهلة إذا لم تتوصل حكومته إلى اتفاق مع الأوروبيين، فإن جونسون ما زال يردد أن بلاده ستترك الاتحاد الأوروبي مع أو دون اتفاق في آخر هذا الشهر، معتبرا أن طلب التمديد بمثابة إذلال وإذعان لا يريدهما لبلاده.

تفاءل حذر




تتعامل العواصم الأوروبية بحذر مع أجواء بروكسل المتفائلة، فيما يتساءل المراقبون عما إذا كانت دول الاتحاد ستوفر مرونة لجونسون لم تقدمها لرئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي.

ونقل عن أحد مستشاري قصر الإليزيه في باريس قوله “نأمل في التوصل إلى اتفاق لكننا لا نعرف متى سيتم الانتهاء من صياغته”، على نحو أكد أن الأمور قد دخلت مرحلة التفاصيل التقنية، وأنها تجاوزت الفيتو السياسي السابق.

وكشف دبلوماسيون أوروبيون في بروكسل عن مداولات لتطويع مسائل المهل والتوقيت وتجاوز أي معوقات إجرائية تحول دون إمكانية الانخراط داخل اتفاق خلاق بين الجانبين.

وقال وزير الخارجية الأيرلندي، الذي يعتبر موقف بلاده أساسيا في مسألة الحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية التابعة للعرش البريطاني، أنه “إذا لم يكن بالإمكان إبرام الاتفاق” خلال وقت يتيح للقمة الأوروبية دراسته، فـ”سيتعين على القادة الأوروبيين بعد ذلك تحديد نوع التفويض الذي يريدون إعطاءه لميشيل بارنييه في مفاوضات الأسبوع المقبل”.

ونقل عن مسؤول ألماني أنه “يمكن لبارنييه أن يقول في القمة إنه يحتاج إلى المزيد من الوقت لإنهاء المهمة”، ما أوحى بإمكانية “تفهم” برلين لضرورات ما استجد خلال الساعات الأخيرة في المفاوضات بين الوزيرين، الأوروبي والبريطاني، المكلفين بالتفاوض حول هذا النزاع.

صداع المعضلة الأيرلندية




يتركز الخلاف الكبير بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول مستقبل الحدود بين بريطانيا وأيرلندا. وتطالب بروكسل بأن لا تقوم حدود صلبة بين الأيرلندتين بسبب تأثيره المباشر على الأيرلنديين على طرفي الحدود، كما أنه يتداعى سلبا على الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية.

وتقدمت حكومة جونسون باقتراحات جديدة حول هذا الشأن تقدم فيها تنازلات للأوروبيين، بحيث تقبل لندن بخضوع أيرلندا الشمالية دون بقية الأراضي البريطانية، بشكل مؤقت، لمعايير السوق الأوروبية، بانتظار التوصل إلى اتفاق نهائي دائم ينظم العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي، كتجمع إقليمي أوروبي، وبريطانيا، بصفتها الجديدة دولة أوروبية غير عضو في النادي الأوروبي.

وتتركز المناقشات الحالية على نقطتي خلاف: طريقةُ تجنّبِ عودة الحدود بين جمهورية أيرلندا، عضو الاتحاد الأوروبي، وأيرلندا الشمالية، وهي جزء من المملكة المتحدة، جميعها من خلال تنفيذ الضوابط الجمركية، وحق الفحص الممنوح لسلطات أيرلندا الشمالية بشأن اتفاق الطلاق.

والظاهر أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 تبدي قلقا من التأثيرات السلبية على القارة نتيجة خروج حاد لبريطانيا. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذّرت من أن بريطانيا ستصبح “منافسا جديدا” على باب الاتحاد الأوروبي. وتقول المراجع إن الهولنديين والفرنسيين يصرون على منع المنافسة غير العادلة من خارج الاتحاد التي ستستخدم الحدود بين الأيرلنديين لأن لندن لن تضع الضوابط اللازمة.

بريكست دون اتفاق

يبدو أن الأوروبيين قد فقدوا الأمل في استعادة بريطانيا مجددا إلى داخل الاتحاد وهم يحاولون تخفيف الخسائر والأضرار من مغبة ذهاب لندن إلى بريكست دون اتفاق. حتى أن رئيس الوزراء الفنلندي أنتي رين، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، قال إنه يمكن أن تستمر المفاوضات بعد قمة الاتحاد الأوروبي.

في هذا الوقت بدأت تروج في بروكسل إمكانية عقد قمة أوروبية جديدة طارئة للقادة الأوروبيين من قبل 31 أكتوبر. أمر كهذا لم ينفه رئيس الدبلوماسية البلجيكية، ديدييه رايندرز، الذي قال إنه “إذا لم تتمكن القمة الحالية من البت في الأمر فسنرى”.