شئون دولية

الأحد - 20 أكتوبر 2019 - الساعة 08:19 ص بتوقيت اليمن ،،،

القاهرة

تسارعت وتيرة الرسائل السياسية الموجهة من قبل بعض الأطراف الليبية إلى المجتمع الدولي بشأن مكافحة الإرهاب وتقويض دوره، بعد أن أصبح عقبة رئيسية أمام تسوية الأزمة، والتدخل لوقف العنف الذي يقوم به متشددون تحت غطاء ودعم من حكومة الوفاق وقوى إقليمية معروفة للعالم.

وعقد عدد من أعضاء مجلس النواب اجتماعا تشاوريا في القاهرة يومي الجمعة والسبت، هو الثاني خلال ثلاثة أشهر، وأكدوا على أهمية أن تقوم الدول الكبرى المعنية بالالتفاف حول حل حاسم للتخلص من نفوذ الميليشيات والكتائب المسلحة.

وتوافق غالبية أعضاء البرلمان الذين حضروا اجتماع القاهرة حول ضرورة الخروج برؤية واضحة للتعامل مع المستجدات ودفع القوى الكبرى إلى الالتزام بالمساهمة بجهود جدية في وقف الحرب المدمرة، ومنع تهريب الأسلحة إلى العصابات المسلحة.

ووعد النواب بتحديد مكان وزمان لاجتماع قريب داخل الأراضي الليبية، انطلاقا من الشرعية الدستورية التي يحظى بها البرلمان، وتمثيله للأطياف المختلفة، فيما أجمع نواب من الشرق والغرب والجنوب في لقاءات القاهرة المغلقة، على أن دحر القوى الإرهابية خطوة أولى لنجاح أي عملية سياسية لاحقا.

وبدا الاتجاه العام لدى النواب، أنهم عازمون على ممارسة مهامهم كهيئة تشريعية منتخبة ووحيدة، وربما يتم اتخاذ جملة من الإجراءات التي تؤكد أهمية الدور المحوري الذي يقوم به البرلمان، بعد اجتماع أكبر عدد من النواب منذ فترة، وتفاهمهم على التخلي عن أي توجهات مناطقية أو أيديولوجية.

وقال طارق الجيوشي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، لـ”العرب” “إن اجتماع القاهرة يرسل رسالة واضحة لمؤتمر برلين، تشير إلى ضرورة أن تكون مخرجاته متسقة مع مصالح الليبيين، وسيادتهم على أراضيهم، وأي حلول سياسية مقترحة للتطبيق تأتي بعد التخلص من الإرهاب، وما عدا ذلك فهو مرفوض، ولن يُعتد به على الإطلاق”.

وكشفت بعض المصادر لـ”العرب”، عن عزم البرلمان على الإمساك بالدفة السياسية، بعد ظهور ملامح تشير إلى أن بعض الأطراف المحلية، مدفوعة من قوى خارجية، تريد إيجاد أمر واقع يقلص دور مجلس النواب، وتجذير الخلافات بين نواب طبرق وطرابلس.

وينوي البرلمان تبني تحركات سياسية جديدة تبطل مفعول المحاولات الرامية إلى التشكيك في الدور المصيري الذي يقوم به الجيش الليبي، والمهام التي يقوم بها لأجل القضاء على الإرهاب، والتخلص من النفوذ الطاغي للميليشيات التي تسخر إمكانيات الدولة لأغراضها.

وتفاعل المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، مع التحركات التي تراهن على المؤتمر الدولي المتوقع انعقاده في ألمانيا الشهر المقبل، واتخذ خطوة إيجابية للتعاطي معه، وحدد جملة من الثوابت التي تحظى بإجماع غالبية الليبيين.

وثمن الجيش الوطني الليبي مساء الجمعة، كل جهد دولي يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار والقضاء على الإرهاب والوصول إلى حكومة تحظى بالشرعية، ولا تخضع لسلطة العصابات والجماعات الإرهابية، وتكون ممثلة لكل الشعب الليبي.

وأعرب بيان للجيش الليبي عن أمله في أن يسفر مؤتمر ألمانيا عن “السير بالبلاد نحو عملية سياسية عادلة ومتوافق عليها في ظل بناء دستوري يكون محل اتفاق كل الشعب الليبي”.

وشدد بيان الجيش الليبي على أن أي عملية سياسية ما لم تتوافر لها الشروط الأمنية الضامنة لنجاحها، واحترام نتائجها، سيكون من العبث الحديث عنها، والعملية العسكرية في طرابلس غايتها القضاء على الإرهاب. كما أعرب البيان عن تمسكه بتوحيد وتفعيل دور البرلمان باعتباره السلطة الشرعية المنتخبة للشعب الليبي والممثل الشرعي له.

وأشار إلى ضرورة التزام المؤسسات الاقتصادية بالحياد كونها مؤسسات لكل المواطنين ولا يُقبل أن تُستغل في دعم طرف بعينه، ما يتطلب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع استعمال عائداتها في تمويل الإرهاب ودعم الكتائب المسلحة.

وتسيطر على المصرف المركزي ومؤسسة النفط شخصيات تنحاز إلى قوى سياسية معينة. وتنصل فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، رئيس حكومة الوفاق، من قرارات أصدرها البرلمان من أجل وضع حد لعدم التوزيع العادل للثروة، وقطع جزء كبير منها للميليشيات.

وأوضح الباحث الليبي، عبدالباسط بن هامل، أن بيان الجيش الوطني جاء في التوقيت المناسب، ويحمل مبادرة إيجابية من قبل المشير حفتر للتعامل مع التطورات على الساحة الدولية، وفقا للقناعات التي تسعى لحل الأزمة بعيدا عن أي دور فاعل للميليشيات. وأضاف لـ”العرب”، أن المشير حفتر يراعي جيدا المعادلة الدولية، وقرأ مكوناتها بصورة واقعية، ولذلك أصدر بيانه قبل أن يلتئم مؤتمر ألمانيا، وأراد أن يضع الجميع أمام مسؤوليتهم السياسية، فلا تسوية يمكن أن تتم في ظل كثافة الدور الذي تقوم به الكتائب المسلحة المدعومة من قوى سياسية رسمية.

ولفت بن هامل إلى أن توافق الأطراف الوطنية الليبية، من مؤسسة عسكرية ومجلس نواب، مسألة حيوية في حض المجتمع الدولي على النظر للأزمة برؤية شاملة، قبل وضع أي تصورات خاطئة، لأن هناك أطرافا تسعى إلى استمرار انسدادها، واتخاذ تدابير تعوق انفتاحها على الحل، وجرها إلى طرق أشد ظلاما.