اخبار وتقارير

الجمعة - 06 ديسمبر 2019 - الساعة 03:05 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل _متابعات- خاصة



كشف تقرير أممي عن تقديم نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية الشيخ أحمد صالح العيسي، رشاوي باهظة لمسؤولين في حكومة الرئيس هادي، من أجل تسليمه موارد النفط والغاز اليمني ليلتهمه وبضعة فاسدين في الحكومة.

وأكد التقرير الأممي الذي أُعلن عنه نهاية يناير الماضي وتم رفعه لمجلس الأمن الدولي ، أن فريق الخبراء الدوليين،أجرى تحقيق حول فساد كبير، متورط فيه العيسي وقوى نافذة في "الشرعية" اليمنية .

التقرير الذي أعده فريق خبراء الأمم المتحدة وجاء في 230 صفحة بنسختيه العربية والانجليزية، سلط الضوء في اتهامات فساد في حق جميع أطراف النزاع في اليمن، مشيراً إلى أن فساد رجل الأعمال العيسي يتركز في مجال النفط والغاز، عبر شركاته التجارية والاستثمارية.
 
وقال التقرير الأممي، إن فريق الخبراء توصل إلى نتائج في حالات إرتكاب فساد وتحويل أموال عامة مخصصة لإنتاج الكهرباء في محافظات عدن وأبين ولحج ، يقف ورائها نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية رجل الأعمال أحمد العيسي الذي كان إلى فترة قريبة المحتكر الوحيد لتوريد المشتقات النفطية إلى تلك المحافظات.

وذكر التقرير إن فريق الخبراء الأممي تلقّى فاتورة تبيّن مبالغ مستحقة بقيمة تزيد على 3 ملايين دولار صادرة عن شركة مصافي عدن إلى إحدى شركات مجموعة أحمد العيسي وذلك مقابل استئجار ناقلة النفط الخام "إم إسبيرت" وتكاليف التأخير المتعلقة بها.

فساد تحت مسمى غرامة تأخير :
 
ولفت التقرير إلى أن فريق الخبراء لم يتمكن من فهم أسباب التأخير الطويل عند إرساء الناقلة النفطية في ميناء عدن في الفترة من 4 سبتمبر/أيلول وحتى 6 أكتوبر/تشرين الأول، 2018م لأن ذلك أدى إلى فرض غرامة تأخير، كما لم يفهم أسباب تكرار الأيام وما يقترن بها من تكاليف تأخير إضافية، وذلك في إشارة إلى تلاعب تمارسه شركات العيسي من أجل تحقيق مكاسب بالتواطؤ مع مسؤولين في حكومة هادي.

وأشار فريق الخبراء الأممي، إلى أن الحكومة اليمنية أبلغت الفريق بأن الناقلة النفطية "إم إسبيرت" تم التعاقد معها عبر مجموعة العيسي من أجل نقل نفط خام من محافظة حضرموت شرقي اليمن إلى مصفاة عدن، ولم يتم دفع سوى جزء بسيط من قيمة العقد.

وأفاد التقرير الأممي بأن فريق الخبراء تلقّى وثائق تكشف تفاوتاً كبيراً بين حجم الوقود المشار إليه في مستندات المناقصات وكمية الوقود الفعلية الموجهة إلى محطات توليد الكهرباء في عام 2017.

وتكشف إفادة فريق الخبراء الأممي عن تلاعب كبير في كميات النفط التي توردها إحدى شركات أحمد العيسي، وتشتريها منه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من أجل توليد الكهرباء، وبين الكميات الحقيقية التي تصل محطات التوليد المذكورة، وفقاً للمستندات التي تلقاها الفريق الأممي.

تغيير بنود العطاءات :

وقال التقرير إن فريق الخبراء أطلع حكومة اليمن المعترف بها دولياً، على المعلومات، في رسالة تشير إلى أن البنود في مستندات المناقصات توثر على ما يبدو أحد مقدمي العطاءات المحليين الذي يحظى بالاحتكار في عدن، وقامت الحكومة بالرد وبررت ذلك بأنه في عام 2018، اضطر الوضع الاقتصادي والمالي لليمن إلى تغيير البنود في طلبات تقديم العطاءات بالنسبة للوقود، ما يجعل من الصعب على مقدمي العطاءات الآخرين الامتثال للبنود الجديدة.

 وزعمت الحكومة الشرعية في سياق ردها على الفريق الأممي، بأنه تم تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي بدأ بالتدقيق في استيراد الوقود إلى عدن في الفترة من 2015 إلى 2018، كما أشارت إلى أن المملكة العربية السعودية، بدأت اعتباراً من نوفمبر 2018، في منح الوقود لليمن من أجل توليد الكهرباء.

إعتراف بالفساد :

ويُعد ما جاء في رد الحكومة، اعترافاً بحالات فساد تمت بتواطؤ مسؤولين حكوميين في عملية توريد النفط ومشتقاته التي يحتكرها رجل الأعمال أحمد العيسي.

يأتي كشف فريق خبراء الأمم المتحدة عن فساد نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد العيسي، ومسؤولين حكوميين ،،في وقت يعيش اليمن "أسوء أزمة إنسانية في العالم" وفقاً للأمم المتحدة، نتيجةً للحرب الطاحنة المستمرة في هذا البلد الفقير منذ خمس سنوات بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.

وتؤكد الأمم المتحدة ومنظماتها أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.

فساد مهول :

ونتيجة للفساد المهول الذي يمارسه رجل الأعمال أحمد العيسي، بمشاركة مسؤولين في حكومة هادي، أوصى فريق الخبراء الأممي، في تقريره الصادر مؤخراً، مجلس الأمن الدولي بتضمين قرار أو بيان لرئاسة المجلس، صيغة تُذكِّر حكومة اليمن والدول الأعضاء والأطراف الأخرى، بأن الفساد يشكل خطراً كبيراً يهدد السلام والأمن في اليمن وأن الجناة المتورطين فيه قد تنطبق عليهم معايير تحديد الجهات المختصة الخاضعة للجزاءات بموجب القرار الأممي 2140 لسنة 2014.

كما أوصى الفريق الأممي، مجلس الأمن، بتضمين قرار أو بيان لرئاسة المجلس، صيغة تُذكِّر حكومة اليمن المعترف بها دولياً، بالتزاماتها بموجب المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا تزال واجبة التطبيق في حالة النزاع المسلح، والتي تقر بحق كل إنسان في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحصول على ما يكفي من الغذاء، من بين أمور أخرى، بالإضافة إلى تذكيرها بضرورة الوفاء بالالتزامات الواقعة على الحكومة بموجب العهد الدولي حول ضمان تيسير آليات الاستيراد لدخول السلع الأساسية لاسيما الأغذية إلى جميع مناطق اليمن.

وطلب الفريق الأممي من مجلس الأمن الدولي، أن يتم تضمين قرار أو بيان لرئاسة المجلس، صيغة تحث جماعة الحوثي على ضمان احترام الحياد والنزاهة والاستقلال للجهات العاملة في المجال الإنساني.

وكان تقرير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة قد رفعه لمجلس الأمن الدولي في يوليو 2018، كشف أن الحرب في اليمن أوجدت تجار حروب جدد لا يريدون لهذه الحرب أن تتوقف، في إشارة واضحة إلى مراكز النفوذ والمصالح التجارية والاستثمارية، التي تكونت في رأس سلطتي الشرعية في الجنوب، وجماعة الحوثي في الشمال، وذلك حتى لا يفقدون مكاسبهم ومصالحهم وعلى رأسهم نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية للشؤون الاقتصادية الشيخ العيسي.

رغم أن فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، قال إنه مستمر بالتحقيق في حالات فساد حكومية وتورط العيسي فيها، إلا أن الاستنتاجات الأولية للتحقيق التي أوردها الفريق في تقريره مؤخراً، تؤيد ما ورد في تحقيق صحافي أجرته وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء ونشرته في 13 أغسطس الماضي، كشف عن فساد هائل يمارسه العيسي عبر شركاته مستخدماً في ذلك نفوذه القوي في السلطة .

خلق أزمات وتسبب بإنهيار العملة:

وتناول تحقيق "ديبريفر" دور رجل الأعمال أحمد صالح العيسي المحتكر لاستيراد الوقود بكافة أنواعه إلى عدن والمحافظات المجاورة، في خلق أزمات متكررة في الوقود بتلك المحافظات، فضلاً عن دوره في انهيار العملة المحلية "الريال اليمني" والتدهور الاقتصادي للبلاد من أجل التربح المادي.

إحتكار مشتقات النفط :

وكشف التحقيق عن كيفية احتكار التاجر العيسي، لتوريد المشتقات النفطية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، مستغلاً في ذلك قرار الرئيس عبدربه منصور هادي مطلع مارس 2018، والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

واستعرض التحقيق كيف ساهم قرار الرئيس هادي في شل نشاط شركة النفط اليمنية الحكومية في عدن، وشركة مصافي عدن، وحصر استيراد المشتقات النفطية على شركات العيسي فقط.

وأشار التحقيق إلى أن قرار الرئيس عبدربه منصور هادي، بتحرير سوق المشتقات النفطية أوقف نشاط شركة النفط الحكومية، التي وبدلاً من أن تقوم بعملها في شراء وبيع المشتقات النفطية، أصبحت بفعل القرار، تشتري الوقود من شركة "عرب جلف" وهي شركة تجارية استثمارية مملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، وتبيعه للسوق وفق الأسعار التي يريده العيسي.

وأصدر الرئيس هادي، قبل أكثر من عامين، قراراً بتعيين رجل الأعمال أحمد صالح العيسي مستشاراً للرئيس ونائبا لمدير مكتبه للشئون الاقتصادية، في خطوة أثارت الاستغراب.

فساد ممنهج وغير مسبوق:

كما كشف تحقيق "ديبريفر" عن عمليات فساد ممنهجة وغير مسبوقة، للاستيلاء على المال العام وأموال المنح والمساعدات الدولية وتتم بالمحاصصة بين العيسي ومسؤولين في الحكومة اليمنية "الشرعية".

ونقل التحقيق عن عدد من مسؤولي وموظفي شركة النفط اليمنية في عدن، وشركة مصافي عدن، معلومات عن كيفية احتكار العيسي لاستيراد المشتقات النفطية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وتحويل مصافي عدن إلى مجرد خزانات للعيسي.

سابقة خطيرة على مستوى العالم :

واحتكار شركة العيسي عملية استيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية ، يُعد سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، وفق مراقبون، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص. وجاء قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، بعد إحجام حكومة الرئيس هادي عن تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الصعبة، وتوقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، عن استيراد الوقود، وتم تحويلهما إلى مجرد مخازن خاصة بالتجار العيسي.

سيطرة المقربين من العيسي :

وتحدثت مصادر حكومية وعمالية في شركة مصافي عدن في تحقيق "ديبريفر" عن أحد أساليب سيطرة العيسي على المصافي، وأكدوا أن غالبية قيادات "مصافي عدن" هم من المقربين من التاجر العيسي، ويدينون بالولاء له ، وعن تمكن ذات التاجر من توقيع عقد استئجار طويل الأمد لخزانات المصافي دون علم الحكومة وشركة النفط التي يرتبط عملها بالمصافي.

وأكدت تلك المصادر أن ذلك جعل من قرار تحرير سوق استيراد المشتقات النفطية الذي أصدره الرئيس هادي في مارس 2018، قراراً مفرغاً من مضمونه، لأن أي شركات أو تجار عاديين، لن يستطيعوا استيراد أي كمية من المشتقات إلى عدن بسبب عدم وجود خزانات تحفظ لهم كميات الوقود المستوردة، فالخزانات استأجرها العيسي لفترة طويلة جداً، وبات وحده من يملك صلاحية تخزين أي مشتقات فيها، ويخصصها لواردات شركاته.


إبتزاز و"بيع مجهول":

مسؤولون يشغلون مواقع متعددة في شركة النفط اليمنية الحكومية بعدن قالوا في ذلك التحقيق، إن العيسى يمارس الابتزاز على شركة النفط الحكومية المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات الخاضعة لسيطرة "الشرعية"، كون الشركة تشتري من العيسي المشتقات النفطية بالسعر الذي يحدده هو، وبالعملة الصعبة وبزيادة عن الأسعار العالمية، ما يترتب عن ذلك خسائر فادحة على الشركة الحكومية التي تلتزم بسعر رسمي محدد.

مصدر آخر في شركة النفط الحكومية كشف حينها، أساليب ابتزاز تقوم بها شركة العيسي المحتكرة لاستيراد النفط، ومنها طريقة "البيع المجهول"، إذ تقوم شركة العيسي بضخ كميات كبيرة من الوقود إلى شركة النفط عدن المختصة بتوزيع الوقود محلياً في المحافظات، دون تحديد قيمة مالية، وتجعل الشركة الحكومية تحت الأمر الواقع ما يسبب خسائر كبيرة للدولة.

وأكدت مصادر حكومية مطلعة في شركة النفط بعدن، في ذات التحقيق، أن العيسي المتعهد الوحيد بتوريد النفط إلى عدن، ما يزال يصر على استلام مبالغ شراء الوقود بالعملة الصعبة، ما يجبر شركة النفط على شراء قرابة ثلاثة ملايين دولار شهرياً من شركات الصرافة المحلية بالسعر الآني، بمبلغ يفوق اثنين مليار و500 مليون ريال لتسديد قيمة الوقود للعيسي، وذلك يتسبب في انعدام العملة الصعبة من السوق المحلية وبشكل مستمر، ما يساهم بقوة في انخفاض قيمة "الريال اليمني" أمام الدولار، ويؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية أصلاً بسبب الحرب.