شئون دولية

الأربعاء - 16 سبتمبر 2020 - الساعة 12:02 م بتوقيت اليمن ،،،

دفع ولي العهد الكويتي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بنجله الشيخ سالم نواف الأحمد الصباح إلى رئاسة جهاز أمن الدولة، وذلك لتطويق الفوضى التي داخلته بسبب تسرّب الصراعات السياسية إليه، لاسيما الصراعات بين أفراد الأسرة الحاكمة، التي تشير العديد من المصادر إلى استشرائها بشكل بات يهدّد تماسك الأسرة ومن ورائها الاستقرار السياسي في البلد الذي يمرّ بإحدى أصعب فتراته جرّاء الأزمتين الصحية والاقتصادية، في ظل غياب أمير البلاد المقيم منذ يوليو الماضي في الولايات المتّحدة للعلاج.

وجاء تعيين الشيخ سالم على رأس جهاز أمن الدولة من قبل وزير الداخلية أنس الصالح بعد إزاحة مدير عام الجهاز العميد طلال مع سبعة من كبار المسؤولين إثر تفجّر فضيحة تجسّس على المواطنين أحدثت دويا كبيرا داخل الأوساط السياسية والإعلامية الكويتية التي ربطت الفضيحة بما يدور في البلد من صراعات على السلطة، ومن سباق لتحصيل أقصى قدر ممكن من المكاسب المادية من أقصر الطرق، الأمر الذي انتهى ببعض شيوخ الأسرة الحاكمة متورّطين في قضايا فساد كبيرة مثل قضية الاتجار بالإقامات وقضية الصندوق الماليزي.

وقال مصدر كويتي إنّ اختيار الشيخ نواف لنجله لترؤس جهاز أمن الدولة ذي الحساسية الاستثنائية، جاء بناء على نصيحة وتشجيع من بعض أقرب مقرّبيه بمن في ذلك رئيس إحدى المؤسسات الرئيسية المشكّلة للسلطة (رفض التصريح باسم الشخص والمؤسسة التي يرأسها).

وأضاف ذات المصدر أنّ الشيخ نواف كان متردّدا في تعيين نجله في غياب أمير البلاد مخافة أن يُفهم اختياره على أساس أنّه تدعيم لمركزه وحماية لموقعه الذي لا تخلو الساحة الكويتية من بعض الطامعين فيه.

لكن المصدر ذاته حرص على القول إنّ تعيين الشيخ سالم نواف الأحمد على رأس جهاز أمن الدولة، عكس دون شكّ، تراجع منسوب الثقة بين الشيوخ، حيث كان على طاولة الشيخ نواف الأحمد العديد من أسماء المرشّحين لشغل المنصب سواء من شيوخ الأسرة الحاكمة أو من كبار الضباط والمسؤولين من خارجها.

كما شملت قرارات التعيينات الأمنية التي اتّخذها وزير الداخلية إثر فضيحة التجسّس تعيين العميد محمد العبيد مديرا عاما لجهاز أمن الدولة خلفا للعميد طلال الصقر، وتعيين اللواء عزيز سويلم وكيلا مساعدا لمكتب وزير الداخلية بعد أن كان يشغل منصب وكيل مساعد لجهاز أمن الدولة.

وكانت فضيحة التجسس التي مست جهاز أمن الدولة الكويتي قد انطلقت من نشر حساب على تويتر تسريبات بالصوت والصورة تظهر قيام ضباط في الجهاز وهم بصدد الحديث عن عمليات تجسس على مواطنين ونواب بمجلس الأمة، عبر مراقبة منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

الشيخ نواف كان مترددا في تعيين نجله رئيسا لجهاز أمن الدولة في غياب الأمير مخافة أن يساء فهم اختياره

وزادت قضية التجسّس من تعميق أجواء عدم اليقين السائدة في الكويت جراء الأوضاع الصحية والمالية ومرض أمير البلاد، الأمر الذي استدعى تدخلّ نائبه ولي العهد الذي كان قد تسلّم بعضا من صلاحياته ريثما يعود من رحلته العلاجية في الولايات المتّحدة.

وشدّد الشيخ نواف في وقت سابق على وجوب المحافظة على أمن الكويت وتعزيز استقراراها، معتبرا أنّ ذلك مسؤولية الجميع وهي الهدف الأعلى وقمّة الأولويات.

لكنّه حاول في المقابل طمأنة الكويتيين قائلا “إن الكويت بخير بتلاحم أبنائها وتعاونهم وهي قادرة على تجاوز كل العقبات والتحديات وستظل دائما دار عز وأمان تمضي بخطى واثقة نحو مستقبل واعد وزاهر ينعم فيه أبناؤها بالأمن والرخاء والازدهار”.

ودعا الحكومة ومجلس الأمّة إلى اعتماد التدابير الفاعلة والتشريعات الكفيلة بردع الفاسدين والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه بكافة أشكاله، مشيرا إلى أن البلاد تشهد في ظل جهود مواجهة وباء كورونا ما يدور من مظاهر العبث والفوضى والمساس بكيان الوطن ومؤسساته، لاسيما ما يتصل ببدعة التسريبات الأخيرة (المتعلقة بالتجسّس على المواطنين) وما شابها من ممارسات شاذة مرفوضة وتعدّ على حريات الناس وخصوصياتهم تطال بعض العاملين في المؤسسات الأمنية وما برز من محاولة البعض شق الصف وإثارة الفتن”.

كما أكّد اهتمامه بقضية التجسّس ومتابعته لجميع الإجراءات المتعلقة بها وإخضاعها برمتها وكافة تفاصيلها للقضاء بعد أن تمت مباشرة الإجراءات القانونية اللاّزمة في شأنها، مشدّدا على ضرورة ألا يفلت أي مسيء من العقاب.

وعن تماسك المؤسسات الأمنية لبلاده وفعاليتها قال إن “شذوذ البعض الذين سينالون قصاصهم العادل جرّاء أفعالهم الدنيئة” لن ينتقص من قدرها.

وفي إشارة ضمنية إلى تورّط عدد من أفراد الأسرة الحاكمة في عدد من قضايا الفساد، حرص ولي العهد الكويتي على القول إنّ هؤلاء جزء من أبناء الشعب الكويتي وتسري عليهم ذات القوانين ومن يخطئ يتحمل مسؤولية خطئه فليس هناك من هو فوق القانون ولا حماية لفاسد أيا كان اسمه أو صفته أو مكانته.