الخميس - 20 ديسمبر 2018 - الساعة 04:31 م بتوقيت اليمن ،،،
أمجد قرشي
وقع عبدربه منصور هادي والأحزاب السياسية اتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين مساء يوم 21 سبتمبر 2014، يوم اجتياح الحوثيين للعاصمة والاستيلاء على المؤسسات الحكومية، مدنية وعسكرية، ومحاصرة منازل القيادات العليا بمن فيهم الرئيس.
وفي المساء كانت القوى السياسية المشاركة في الحكومة التي سقطت نهارا، في منزل الرئيس وبرعاية جمال بن عمر توقع مع الحوثيين اتفاق السلم والشراكة.
خرج الحوثيون من التوقيع وبدأوا من فورهم تمزيقه كأن لم يكن. وحوصر هادي كما حوصرت الحكومة والوزراء والأحزاب وقادتها، وانهار كل شيء، واستولت المليشيا على كافة المقدرات والمؤسسات والمعسكرات، وبقي هادي محاصرا في بيته، ويحدث زائريه وجمال بن عمر عن اتفاق السلم!
كانت مراسم التوقيع مجرد خطوة تكتيكية أخيرة أخذها الحوثيون برعاية بن عمر لاستكمال الدرس، وكان الاتفاق من قبلهم لعدم التنفيذ وليس العكس. هكذا كانوا دائما. لكن لا هادي ولا أحزاب حكومة التوافق كانوا يصغون للنصائح والتحذيرات التي راكمت شواهد حروب صعدة وسيرتهم مع العهود والاتفاقيات.
قبل هذا كانت اتفاقية مخرجات الحوار الوطني التي شارك في إنجازها الحوثيون، تتعرض للخيانة باجتياحهم للعاصمة وإسقاطهم للدولة وللتوافق واختطاف العاصمة بمن فيها.
بعدها بوقت قصير، في نوفمبر/ ديسمبر 2014، كان الإصلاح قاد تقاربا مع الحوثيين وجر أحزاب المشترك إلى تفاوض معهم لتهدئة الأجواء المشحونة بالتوتر، وذهبت قيادة الحزب إلى صعدة للقاء عبدالملك الحوثي، وقال قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح، إن حزبه اتفق مع جماعة أنصار الله على فتح حوار لمعالجة التداعيات التي وقعت بعد دخول الحوثيين العاصمة صنعاء.
وأوضح زيد الشامي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على الإخوان المسلمين) للأناضول، إن حزبه "اتفق خلال لقاء وفد تابع له مع عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، على بدء صفحة جديدة، وفتح حوار لمعالجة التداعيات التي حدثت بعد دخول الحوثيين صنعاء في سبتمبر/ أيلول الماضي".
خلال أيام كانت القيادات الاصلاحية تتعرض للاعتقال من قبل الحوثيين، وحاول الحزب الاستمرار في الحوار ودفع الأسوأ بنظره، لكن الأسوأ كان هو الركون إلى التزام الحوثي بما يخالف سيرته ومنواله مع العهود والاتفاقات. كان الإصلاحيون يعرفون ذلك، لكنهم أيضا كانوا يحاولون تغيير النهاية التي باتت واقعا لا احتمالا يقبل التغيير. وبينما مزق الحوثي اتفاق السلم وهو مشهود دوليا كان أهون عليه أن يغدر بالإصلاح والمشترك.
هذا الدرس القاسي تكرر مع المؤتمر الشعبي العام والرئيس السابق علي عبدالله صالح، واتفاق التحالف السياسي الذي أوجد المجلس السياسي الأعلى وحكومة مشتركة في صنعاء، ومن قبل هذا بكثير كان الحوثي يعمل على تصفية المؤتمريين في الوظيفة والقبيلة والجيش والأمن. وكان الاتفاق مجرد محاولة أخيرة من صالح تشبه إلى حد ما محاولة الإصلاح الأخيرة قبلها. وانتهى الأمر بالغدر واغتيل صالح شخصيا وصودر حزبه وإرثه.
لا يلجأ الحوثي إلى المهادنة والمناورة بالحوار إلا عند حاجته إلى التمكن والنفاذ من مخنق. ليعود سيرته الأولى. الحوار والاتفاقيات في عرف الحوثي (الباطني) مجرد تقية تتوسل فرصة أفضل ليفتك بمن حاوره.
الخبرة المتراكمة يمنيا لا يستفيد منها أحد. اتفاق السويد وبشأن الحديدة، يخدم الحوثي في مأزقه الضاغط مع تقدم القوات المشتركة إلى مشارف الميناء، واستنجد بالبريطانيين والتدخلات الخارجية لإنقاذه. منحه هادي ووفده المفاوض هذه الفرصة، ليمنح نفسه أو المؤثرين في قراراته، في المقابل، شعورا بالتشفي لنجاحهم في انتصار فلان أو القوة الفلانية في الحديدة. فقط الأمر بهذه البساطة والكارثية معا. تبادل خدمات غير ودي بين طرفين؛ أحدهما لا علاقة له بحرب ومعركة الحديدة من الأساس، والآخر لم يعد لديه القوة الكافية لدرء الهزيمة.
هل سيلتزم الحوثيون بالاتفاقية؟ ولكن يجب أن يعرف الناس ما هي الاتفاقية من الأساس. لا أحد يملك وثيقة موقعة يقال هذه الاتفاقية. وحده مارتن غريفيث سيقرر ما يجب وما لا يجب بناء على حقه في التفسير الحصري.
لكن الحوثي لم يلتزم حتى الآن بسريان وقف إطلاق النار. وكل ما يفعله يدفع نحو الاعتقاد بأن المليشيا تجهز لحرب أسوأ وليس لانسحاب وسلام.
اليمنيون يعرفون أن الحوثي ليس في حساباته السلام والالتزام بالعهود والاتفاقيات، وبالفعل هو أحرقها بالصواريخ والمدفعية والهاونات خلال يومين أخيرين.
لكن هادي، الذي استقبل محافظ الحديدة، يوم الأربعاء، كان يتحدث عن إقليم تهامة لمحافظ الحديدة، وعن الوظائف في إطار الدولة الاتحادية المقبلة!!