وكالات

الأربعاء - 13 يناير 2021 - الساعة 11:37 ص بتوقيت اليمن ،،،

وكالات

لم يبدد قرار بكين السماح لبعثة منظمة الصحة العالمية بالدخول إلى الصين لتقصي منشأ فيروس كورونا (كوفيد - 19)، الشكوك التي تحوم حول مدى استعداد السلطات الصينية للتعاون والتساؤلات حول هامش الحرية أمام خبراء البعثة لمعاينة المواقع التي يريدون، ومقابلة المسؤولين الصحيين أو المرضى الذين أصيبوا خلال الأسابيع الأولى من ظهور الوباء وتعافوا منه.

ويتوقف المسؤولون في منظمة الصحة عند البيان المقتضب الذي صدر عن الهيئة الوطنية الصينية للصحة في جملة واحدة من غير أن يحدد برنامج عمل البعثة والجدول الزمني لتنقلاتها، سوى أنه من المنتظر وصولها إلى بكين غداً (الخميس)، حيث سيخضع أعضاؤها العشرة لحجر صحي صارم يدوم 14 يوماً قبل التوجه إلى مدينة ووهان التي ظهر الفيروس في إحدى أسواقها الشعبية للمرة الأولى أواخر العام الماضي.

كانت وزارة الخارجية الصينية قد أصدرت بياناً صباح أمس (الثلاثاء)، شددت فيه على أن التحري عن منشأ «كوفيد» يجب أن يشارك فيه خبراء من عدة دول، وألا ينطلق من أي فرضية مسبقة حول المنشأ الجغرافي للفيروس. وإن دل هذا البيان الرسمي الصيني على شيء، فهو يدل على مستوى التجاذبات السياسية الذي بلغه هذا الموضوع، خصوصاً بعد إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ أشهر على الحديث عن «الفيروس الصيني»، والحملة الواسعة التي تقوم بها بكين لترويج احتمال ظهور الوباء خارجة الصين، لكن من غير أن تقدم أدلة على ذلك.

ويقول مسؤول رفيع في «الصحة العالمية» لـ«الشرق الأوسط»: «مهمة البعثة معقدة جداً من الناحية العلمية، خصوصاً أنها تتم بعد أكثر من عام على ظهور الوباء، لكنها تكاد تكون مستحيلة في مثل هذه الظروف السياسية الضاغطة».

يذكر أن السلطات الصينية كانت قد رفضت في يوليو (تموز) الفائت السماح لاثنين من خبراء المنظمة بالذهاب إلى مدينة ووهان في مهمة استكشافية، بعد احتجازهما أسبوعين تحت الحجر الصحي في بكين. ويعترف المسؤولون في المنظمة الآن أن الضوء الأخضر الذي أعطته بكين يوم الاثنين لسفر خبراء البعثة، جاء بعد التعهد بأن يكون الخبراء الصينيون هم الذين يقومون بالتحريات الأولى في المدينة. يضاف إلى ذلك أن الحكومة الصينية هي التي تشرف وحدها على كل البحوث التي تجرى لتحديد منشأ الفيروس وتمنع نشر نتائجها إلا بترخيص منها.

وتتوقع أوساط منظمة الصحة العالمية مزيداً من التعقيدات أمام البعثة في الأيام المقبلة، خصوصاً أن السلطات الصينية قد رفعت درجة حالة الطوارئ الصحية بعد ظهور بؤرة وبائية جديدة، هي الأكبر منذ يونيو (حزيران) الفائت، في محافظة هيباي التي تزنر العاصمة بكين، وبعد أن أخضعت سكان مدينة شيجازهوانغ، البالغ عددهم 11 مليون نسمة، للإقفال التام، وباشرت بفحصهم. ولا تستبعد هذه الأوساط أن تعلن الحكومة عن قيود على التنقل داخل البلاد على أبواب عطلة رأس السنة القمرية خشية من موجة جديدة لانتشار الوباء.

في غضون ذلك، يدرس خبراء منظمة الصحة منذ الاثنين الماضي البيانات التي وصلتهم من السلطات الصحية الإيطالية، التي تفيد بأن امرأة في الخامسة والعشرين من عمرها، من مدينة ميلانو، كانت قد خضعت لعلاج بسبب من إصابتها بالتهاب جلدي غير نمطي، وتبين بنتيجة تحليل الخزعة المستأصلة في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) أنها كانت مصابة بـ«كوفيد - 19». وكان الأطباء الذي أشرفوا على ذلك العلاج في مستشفى ميلانو الحكومي قد نشروا هذه المعلومات في دراسة صدرت في العدد الأخير من الجريدة البريطانية للأمراض الجلدية. يذكر أن السلطات الصحية الإيطالية كانت تعتبر حتى الآن أن «المريض الأول» الذي ظهر في إيطاليا هو ماتيا مايستري الذي تأكدت إصابته بالفيروس في 21 فبراير (شباط) من العام الفائت.

ويتوقع خبراء منظمة الصحة أنه في حال تأكد هذه البيانات سوف تتشدد السلطات الصينية في إصرارها على فرضية ظهور الوباء للمرة الأولى خارج أراضيها، ما سيؤدي حتماً إلى المزيد من العراقيل في وجه بعثة التحري عن منشأ «كوفيد - 19». وينص برنامج عمل البعثة الذي تحدد بموجب الاتفاق الموقع بين الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية بعد مفاوضات طويلة وعسيرة، على معاينة المواقع التي يختارها خبراء البعثة في سوق مدينة ووهان الذي أغلقته السلطات الصينية فور ظهور الوباء من غير أن تأخذ عينات من الحيوانات التي قامت بتضحيتها، مكتفية بعينات من المنتوجات المجلدة وأخرى موقعية من الأدوات المستخدمة وقنوات الصرف الصحي. ومن الأسئلة الرئيسية التي سيحاول خبراء البعثة الإجابة عنها معرفة ما إذا كانت السوق المذكورة هي مصدر سريان الفيروس، أو بؤرة لانتشاره بين البشر، أو مصدراً وبؤرة في آن واحد.

ومن المقرر أيضاً أن يقوم أعضاء البعثة بالتدقيق في السجلات الطبية لجميع المرضى في مستشفى ووهان لمعرفة ما إذا كان الفيروس سارياً في المدينة قبل ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019. كما سيقومون باستجواب الحالات الأولى لمحاولة تحديد طريقة السريان، وبدراسة عينات الدم المستخرجة قبل ظهور الوباء وبعده والمحفوظة في مستشفيات المدينة بحثاً عن مضادات الاجسام، وفي حال العثور عليها يقومون بتتبع أنشطة وتنقلات حامليها لمعرفة ملابسات إصاباتهم وتحديد مواقعها.