كتابات وآراء


الأربعاء - 17 فبراير 2021 - الساعة 09:51 م

كُتب بواسطة : الدكتور / أحمد المعمري - ارشيف الكاتب


حيس التي في خاطري (11)
حيس التي كانت
الى روح شباب وشابات حيس القنا الذين خطفهم الموت قبل الموعد .
كنت قد توقفت عن كتابة خواطري عن حيس التي أسكنها وتسكنني ، كونها ذكريات لأيام جميلة الواقع الراهن يؤلمني فكنت أهرب اليها ، ولكن وفاة الشباب كل يوم جعلني أهرب بطريقة معكوسة ، أو غير منتظمة وأرى أنه قد يتذكر الناس الأيام الجميلة فتنتشر في أرواحهم مساحة من الفرح .
وفاة بني الجبيلي وزيد ثابت محي الدين ومصطفى عبده فراش وأبناء بعكر وعلي إبراهيم أبو الحياء يصعب حصرهم هنا وإن كان هناك إحصائية أعدها فريق من نبلاء حيس ومن المؤلم أنها تتجدد بصورة شبه يومية مات الكثير من خيرة شباب حيس وهم كلهم أبناء رفاق وزملاء وأصدقاء ومنهم أقرباء حالات كلها تثير الحزن العميق بل العميق جدا ...
يصعب تخيل هذه القامات تغادر دنيانا وهي في ريعان العمر وربيعه تموت بهذه السهولة وهذا العبث وبلا مبرر يدعو لكل هذا الموت
وحسبنا الله ونعم الوكيل .
يوم الإثنين كان يسمى بحيس القنا يوم الوعد ، الموسم الأسبوعي للتبادل الاقتصادي وشراء الفل والمشاقر ...في هذا اليوم يشتري كثير من الناس إن لم يكن جميعهم الكثير من إحتياجاتهم وخاصة القادمين من الريف (ريف حيس وبعض أهل شمير وشرعب وجبل راس والجراحي ومديريات أخرى من محافظتي الحديدة وتعز وخاصة المناطق المتاخمة لمديرية لمديرية حيس ).يشترون البضائع (المواد الغذائية والملابس والقات والحلوى والمشاقر والفل والكاذي وكثير من إحتياجاتهم الضرورية والثانوية بحسب إمكاناتهم وقدراتهم ، كما يبيع البعض ماتيسر لهم مم يجلبوه من قراهم ومناطقهم وخاصة الثروة الحيوانية ، والبعض يبيع الذهب ) ، بإختصار يوم الإثنين هو العيد الأسبوعي في حيس وكان يوما ليس ككل الأيام بل يوما مميزا يوما للبيع والشراء والفرح والمقيل الكبير ، بل ويوم عند الكثير للعلاقات الأسرية الحميمية ، وهذه الأيام كانت في كل اليمن بل وهناك دول عربية مثل ليبيا وسوريا مازال في بعض مدنها تلك الأيام ، ففي ليبيا منطقة أشتهرت في الحرب 2011_2020 كثيرا ونقصد سوق الجمعة ، وأعتقد أنها منطقة متاخمة للعاصمة الليبية طرابلس أو في الجوار منها .
حيس التي أنتمي لها بطريقة او بأخرى ربما تكون اليوم اتعس منطقة في الجغرافية اليمنية والعربية بل والعالم لسبب بسيط أن هوائها النقي تحول الى روائح بارود وموت ، وان معظم قتلى حيس من المراهقين والأطفال والشباب والنساء ولا ذنب لهم أو بالتعبير العربي (لاناقة لهم ولا جمل ).
القنص لايتوقف على حيس فيحصد أجمل البراعم وأفضل فتيان وفتيات المدينة والألغام تحاصر الجغرافية الحيسية فتمنع الذهاب والإياب والتنقل والحركة ومن لايموت قنصا أو قصفا أو مواجهة مات بلغم أو بغدر وخيانة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
....................................................
يوم الإثنين في حيس كانت هناك أماكن تزدحم فيها الحركة والناس يفرحون ، ويطربون ويأكلون ويشربون ويبيعون ويشترون ويقتنون ويظل الحال مستورا في كل حال .
السوق القديم في حيس الذي صارموحشا ومهجورا و مرعبا ومخيفا ومنطقة خطر كان فيه المقوات والمجزرة (محل بيع اللحوم ) وفيه المحلات التجارية لبيع كل ما يحب الناس ، دكان الحضرمي كانت تقف امامه الطوابير وله روائح وعبق حيس التاريخ تمشي قليلا بإتجاه جنوب شرق يصادفك (المقوات ) وكلاء القات وبائعيه من محمد عبده حضرمي الى عبده فتيني هتاري الى بني معيمرة الى الفاتش والبقية ، بجوار الحضارم تجد بائعة لحوح فيها ذكاء فطري ملفت للإنتباه لا اعرف هل توفيت ام مازالت على قيد الحياة ، كان لها أبناء من أصدقائنا في هذا الشارع تجد أيضا باعة الجبن البلدي اللذيذ ومنهم بني الحيمي ، من الصباح الباكر كل يوم تجد الزحام في هذا السوق مثل كل أسواق مدن تهامة التاريخية كزبيد وبيت الفقية والزيدية والمراوعة ، ولكن يظل يوم الإثنين هو اليوم الكبير (يوم الوعد ) وللكلمة دلالة في اللغة والحياة والحياة .
غدا تتجدد الذكريات مع تفاصيل ويوميات وذكريات عن ومن حيس القنا التي نحبها وتسكننا .
ذات حزن

* من صفحة الكاتب بالفيس بوك