صدى الساحل - بقلم: عبدالله باصهي
الشحر، المدينة التي تحمل عبق التاريخ وألق الرياضة، لا تزال تزخر بأسماء وفرق تنبض بالحيوية والإبداع، ومن بين هذه الأسماء، يبرز فريق الحرية الرياضي الثقافي الاجتماعي بالشحر، الذي تجاوز كونه مجرد فريق رياضي إلى أيقونة مجتمعية تمزج بين الرياضة، الثقافة، والتراث.
في خطوة تعكس رؤيته المتفردة، ظهر فريق الحرية بجماهيره ومحبيه بالمشاركة في زفاف أحد نجومه في كرة القدم وهو الكابتن محمد جمعان باحميد (الدون) بتنظيم رقصة "العدة" التراثية الشهيرة، تلك المبادرة ليست مجرد احتفال بزفاف، بل لوحة فنية نابضة بالحياة تجمع بين الأجيال وتعيد إحياء موروث حضرمي أصيل.
إن لعبة "العدة"، أو كما تُعرف محلياً بـ"الشبواني"، ليست مجرد رقصة، بل نبض التراث الحضرمي وحكاية أصيلة تُروى بإيقاع الطبول وأصوات الشعراء، رقصة تتميز بطابعها العسكري الرجولي، حيث يظهر المشاركون بزِي موحد وحركات متناغمة تمثل القوة والانسجام.
حيث تُعد هذه الرقصة جزءاً من الهوية الحضرمية، وتحضر في مختلف المناسبات الاجتماعية، خاصة الأعراس، لتكون شاهداً على ترابط أبناء المجتمع، فهي ليست فقط عرضاً فنياً، بل رسالة تعبر عن الحب، الألفة، والاعتزاز بالهوية المحلية.
فما يميز فريق الحرية بالشحر عن غيره هو قدرته على المزج بين الرياضة والثقافة، ليصبح أكثر من مجرد فريق شعبي، رياضي بثوب ثقافي، ففي زفاف أحد لاعبيه، المعروف بــ" الدون" خلال الأيام الماضية، أظهر الفريق روحاً اجتماعية وثقافية تعكس رؤيته العميقة لدوره في المجتمع، واختيار لعبة "العدة" للاحتفال لم يكن عشوائياً؛ بل هو امتداد لرسالة الفريق في الحفاظ على التراث وتعزيز قيم المحبة والتكاتف.
يُدرك فريق الحرية أن الرياضة ليست فقط منافسة، بل منصة لإحياء الموروث الشعبي وتقوية النسيج الاجتماعي، هذه الفكرة تجلت بوضوح في هذه المبادرة، التي حملت رسالة بأن الرياضة يمكن أن تكون نافذة للثقافة، وأداة لتعزيز الانتماء.
إن تأدية فريق الحرية لـ"العدة" في هذا السياق يُظهر عمق ارتباطه بالمجتمع الحضرمي، هذه الرقصة، التي تُعرف بتأثيرها الكبير على الحاضرين، تتجاوز كونها فنا تراثيا بل رمزاً للوحدة والتلاحم، فهي تجمع المشاركين والحاضرين في أجواء من الفخر والحماس، وتعزز روح الجماعة بين أبناء المشاركين والمحبين.
ومن خلال هذه الخطوة، يوجه فريق الحرية رسالة مهمة ومستدامة أن التراث ليس مجرد ماضٍ يُحكى، بل حاضرٌ يُعاش ومستقبلٌ يُحافظ عليه. تلك الرسالة تمثل جوهر عمل الفريق، الذي يسعى إلى بناء جسر بين الرياضة والثقافة، وبين الماضي والحاضر، ليبقى قريباً من جماهيره وعشاقه.
فإن فريق الحرية الرياضي الثقافي الاجتماعي بالشحر هو أكثر من مجرد فريق شعبي، بل إنه نموذج حي لما يمكن أن تكون عليه الرياضة عندما تمتزج بالثقافة والتراث، لتصبح وسيلة لتمكين المجتمع وتعزيز هويته، في كل مبادرة، يثبت هذا الفريق أن الرياضة ليست فقط للعب، بل هي رسالة حياة.