تتسارع الأحداث في كوريا الجنوبية منذ أن أعلن الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية قبل أن يتراجع عنها بعد ساعات، مما أثار أكبر أزمة سياسية منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد في آسيا.
وتقدمت ستة أحزاب معارضة بطلب لعزله، وطالبت بمقاضاته أمام البرلمان.
وقال ممثلو الأحزاب الستة وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي إنهم جهزوا طلب العزل وسيدرسون موعد طرحه على التصويت ومن المتوقع أنه قد يحصل بعد بضعة أيام.
وخيّر مشرعون في كوريا الجنوبية اليوم الأربعاء الرئيس بين التنحي طوعا أو العزل. فيما شهدت البلاد المزيد من الاحتجاجات اليوم الأربعاء مع إعلان أكبر ائتلاف نقابي في كوريا الجنوبية، الاتحاد الكوري للنقابات العمالية، خلال تجمع حاشد في سول الإضراب لحين استقالة يون.
وأشعل الإعلان المفاجئ أمس الثلاثاء مواجهة مع البرلمان الذي رفض محاولته حظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام، فيما اقتحمت قوات مسلحة مبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) في العاصمة سول.
ودعا الحزب الديمقراطي الرئيسي المعارض يون، الذي تولى منصبه في 2022، إلى الاستقالة طوعا أو العزل.
وقال بارك تشان-داي، النائب البارز في الحزب الديمقراطي "بات واضحا للأمة بأكملها أن الرئيس يون لم يعد قادرا على إدارة البلاد بشكل طبيعي. عليه أن يتنحى عن منصبه".
ونقل الحزب الديمقراطي في رسالة للصحافيين عن ستة أحزاب معارضة في كوريا الجنوبية القول إنها تعتزم تقديم مشروع قانون لعزل الرئيس يون اليوم، على أن يتم التصويت عليه يوم الجمعة أو السبت.
ودعا زعيم حزب (سلطة الشعب الحاكم) الذي ينتمي إليه يون إلى إقالة وزير الدفاع كيم يونغ-هيون واستقالة مجلس الوزراء بأكمله.
وقال يون للأمة في خطاب بثه التلفزيون إن الأحكام العرفية ضرورية للدفاع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية المسلحة نوويا والقوات المناهضة للدولة المؤيدة لبيونغ يانغ وحماية نظامها الدستوري الحر رغم أنه لم يحدد ماهية التهديدات.
وتبع ذلك مشاهد فوضوية، إذ تسلق جنود مبنى البرلمان من خلال النوافذ المحطمة وحلقت مروحيات عسكرية في السماء. وحاول معاونون في البرلمان إبعاد الجنود باستخدام طفايات الحريق، واشتبك متظاهرون مع الشرطة في الخارج.
وقال الجيش إن أنشطة البرلمان والأحزاب السياسية ستُحظر، وإن وسائل الإعلام والنشر ستكون تحت سيطرة الأحكام العرفية.
لكن في غضون ساعات من الإعلان، أقر البرلمان بحضور 190 من أعضائه البالغ عددهم 300، بالإجماع اقتراحا برفع الأحكام العرفية، بما في ذلك جميع الأعضاء الثمانية عشر الحاضرين من حزب يون. ثم ألغى الرئيس الإعلان.
وهتف متظاهرون خارج الجمعية الوطنية مرددين "لقد فزنا!"، وصفقوا وقرعوا الطبول.
وقال مسؤول في الرئاسة الكورية الجنوبية لرويترز في مكالمة هاتفية "هناك من يرى أن فرض الأحكام العرفية كان مبالغا فيه وأن الإجراءات لم تُتبع بشكل صحيح، لكن القرار اتُخذ ضمن حدود الدستور".
وحثت السفارة الأميركية المواطنين الأميركيين في كوريا الجنوبية على تجنب المناطق التي تشهد احتجاجات، بينما نصحت بعض الشركات الكبرى الموظفين بالعمل من المنزل.
وشهدت الأسواق المالية تقلبات، مع هبوط الأسهم الكورية الجنوبية بنحو اثنين بالمئة في وقت مبكر من اليوم، بينما استقر الوون بعد هبوطه إلى أدنى مستوى في عامين. وأفاد متعاملون بأن السلطات الكورية الجنوبية ربما تدخلت للحد من تراجع العملة المحلية.
وعقد وزير المالية تشوي سانج-موك ومحافظ بنك كوريا ري تشانغ-يونغ اجتماعات طارئة الليلة الماضية، وتعهدت وزارة المالية بدعم الأسواق إذا اقتضت الحاجة.
تجنب كارثة
ويمكن للجمعية الوطنية عزل الرئيس إذا صوت أكثر من ثلثي المشرعين لصالح ذلك. ثم تعقد المحكمة الدستورية محاكمة، والتي يمكن أن تؤكد ذلك بتصويت ستة من القضاة التسعة.
ويسيطر حزب يون على 108 مقاعد في الهيئة التشريعية المكونة من 300 عضو.
وإذا تنحى يون أو أُقيل، فإن رئيس الوزراء هان داك-سو سيتولى منصب الرئيس لحين إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوما.
وقال دانيال روسيل، نائب رئيس معهد أبحاث السياسات التابع لجمعية آسيا في الولايات المتحدة، تعليقا على إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية الذي يحدث لأول مرة منذ عام 1980 "نجت كوريا الجنوبية من كارثة لكن الرئيس يون ربما يكون قد أوقع نفسه في مأزق".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه يرحب بقرار يون إلغاء إعلان الأحكام العرفية. وأضاف في بيان "نستمر في توقع حل الخلافات السياسية سلميا ووفق سيادة القانون".
وتستضيف كوريا الجنوبية نحو 28500 جندي أميركي منذ الحرب الكورية بين 1950 و1953.
العربية نت