وكالات

الجمعة - 12 يوليه 2024 - الساعة 03:15 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - متابعات

العلاقات الروسية الإيرانية تحظى بأهمية قصوى لدى السلطات في البلدين بالرغم من التقلبات التي شهدتها. وفي الوقت الراهن تترقب موسكو التطورات التي قد تطرأ على صعيد السياسة الخارجية الإيرانية على خلفية فوز رئيس إصلاحي في إيران يدعو إلى الحوار مع الغرب، بغية إحياء الاتفاق النووي عبر توافق يفضي إلى إلغاء العقوبات المفروضة على إيران.
بوتين يدعو لعلاقات على نمط حكومة إبراهيم رئيسي
إلى ذلك أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف الخميس 11 يوليو أكد أن "العلاقات المتينة بين إيران وروسيا ستستمر"، على حد قوله.

وأردف يقول: "لقد أجريتم مؤخراً انتخابات رئاسية في بلدكم.. فأود أن أعرب عن أملي وثقتي في أن تستمر العلاقات بين إيران وروسيا الاتحادية بنفس الوتيرة التي كانت عليها في الماضي وفي عهد الرئيس إبراهيم رئيسي".
وفي تقرير لإذاعة "فردا" الأميركية الناطقة بالفارسية، ترى الصحافية الأوكرانية "آنا ريسكايا" أن المسؤولين الروس لا ينتابهم القلق بهذا الخصوص لأنهم يعتقدون أن تحديد أولويات السياسة الخارجية الإيرانية هي مسؤولية المرشد الأعلى وليس الرئيس، وستتطور العلاقات بين موسكو وطهران. ولكن وفقا للخبراء الروس، إذا حاولت طهران التفاعل بشكل أكبر مع الغرب، فقد تضطر إلى إعادة النظر في علاقاتها مع موسكو".
يذكر أن العلاقات الروسية الإيرانية تطورت بشكل غير مسبوق خلال العامين الماضيين، ومن أهم العوامل التي لعبت دورا محوريا على هذا الصعيد يمكن الإشارة إلى تزويد إيران روسيا بالمسيرات والصواريخ والتي استخدمتها الأخيرة في حرب أوكرانيا، والتعاون في مجال الالتفاف على العقوبات المفروضة على البلدين من قبل العواصم الغربية.
وفي السادس من يوليو/تموز بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رسالة التهنئة التي الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان أعرب فيها عن أمله في أن يؤدي عمله كرئيس إلى تطوير التعاون البناء لصالح شعبي البلدين..".
مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران
قبل ثلاث سنوات رحبت وسائل الإعلام الروسية بانتخاب إبراهيم رئيسي باعتباره "الخيار الأفضل"، وتوقعت أن يكون تحسين العلاقات مع روسيا من أولويات حكومة الرئيس الإيراني الراحل، ولكن الرأي السائد الآن هو أن العلاقات مع موسكو ستستمر، إلا أن إحياء العلاقات مع الغرب قد يكون من أولويات الحكومة الجديدة في طهران.
وتشير "ريسكايا" إلى ما نشرته صحيفة "إزفستيا" الروسية، حيث تقول: "إذا تحركت الحكومة الجديدة في إيران لإعادة العلاقات مع الغرب، فلن تتمكن من التوجه نحو أميركا وأوروبا وبالتزامن مع روسيا التي تراجعت علاقاتها مع الغرب إلى أدنى مستوى تاريخي".
وبحسب تحليل صحيفة "فيدوموستي" الروسية، فإن "الغرب قد يطلب من طهران إيقاف التعاون مع موسكو، خاصة في مجال إرسال الأسلحة الإيرانية إلى روسيا خلال الحرب في أوكرانيا، لكن إيران ستسعى على الأرجح إلى تحقيق التوازن وعدم وضع كل بيضها في سلة واحدة".
كما أعرب سفير روسيا السابق لدى إيران، ألكسندر مارياسوف فی مقابلة مع وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية، أعرب عن ثقته في أن "المرشد الإيراني ليس مستعدا لقبول مطالب الغرب بكبح البرنامج النووي، أو في مجال حقوق الإنسان، أو التخلي عن دعم الميليشيات النيابية في الشرق الأوسط، كما لن يسمح للحكومة الإيرانية بذلك أيضا".
وعلى هذا الأساس يعتقد هذا الخبير الروسي أن "الحكومة الجديدة في إيران ستواصل تطوير علاقاتها مع أصدقائها القدامى، خاصة الصين وروسيا".
مسار العلاقات بين طهران وموسكو
بالرغم من رفع شعار "لا غربية ولا شرقية، جمهورية إسلامية" بعد ثورة 1979، إلا أن معاداة الولايات المتحدة ووصفها بـ "الشيطان الأكبر" واحتلال سفارتها في طهران، ومن ثم قطع واشنطن علاقاتها مع طهران وفرضها العقوبات على النظام الثوري المنتصر على محمد رضا شاه حليف الغرب وشرطيها في الخليج، دفع ذلك "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" إلى السعي لتعزز موقفها أمام الولايات المتحدة باللجوء إلى "الاتحاد السوفيتي الشيوعي" الذي كان أول دولة تعترف بالحكم الديني في إيران.
وبالرغم من متانة العلاقات بين موسكو وطهران، تعتقد "ريسكايا" أنها لم تكن خالية من المشاكل، حيث أدت محاولات إيران لإنشاء شبكة لوجستية في القوقاز وآسيا الوسطى وبغية ترسيخ موقعها الإقليمي، أدت إلى استياء الكرملين، ومن ناحية أخرى، ظل تلكؤ الروس في مجال استكمال محطة بوشهر للطاقة النووية والتأخير في تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي S-300 عالقين في ذاكرة الإيرانيين، وتم اعتبر ذلك بمثابة سوء نية من الجانب الروسي.
وحتى في ظل التقارب غير المسبوق بين العاصمتين لدعم بشار الأسد في سوريا، لم يتم حل الخلافات بين موسكو وطهران بالكامل ويكفي أن نتذكر كيف تغض موسكو الطرف عن الهجمات الإسرائيلية ضد القوات الإيرانية في سوريا أو منع إيران المقاتلين الروس من استخدام قواعدها العسكرية بسوريا.
لكن خلال الحرب في أوكرانيا حظيت روسيا بدعم صريح من إيران، فضلاً عن مساعدة طهران لموسكو في تجاوز العقوبات الغربية، وخاصة عن طريق إرسال طائرات بدون طيار انتحارية وغيرها من المعدات العسكرية التي يحتاجها الجيش الروسي في أوكرانيا، والأمر الذي دفع الكرملين للمرة الأولى إلى النظر إلى إيران ليس كشريك بل كحليف.
وهذا التطور في رؤية روسيا، إلى جانب الجهود التي تبذلها حكومة إيران لتحسين مستوى العلاقات مع موسكو والصين وفقا لسياسة التوجه إلى الشرق للتخلص من ضغط الغرب، أدى إلى حدوث تغييرات أساسية في العلاقات بين البلدين.
قلق بشأن ضمان التعاون
هذا وأعرب بعض الخبراء الروس عن قلقهم من أن يقع اتفاق التعاون الشامل بين روسيا وإيران ضحية للتغيرات الأخيرة في السياسة الداخلية الإيرانية والمتمثلة في استلام السلطة التنفيذية بواسطة التيار الإصلاحي الذي يكرر ويؤكد بأنه يريد تحسين العلاقات مع الغرب والتخلي عن سياسة التوجه نحو الشرق فقط.
وفي الأيام الأخيرة، نُشرت تقارير متضاربة حول وثيقة التعاون بين موسكو وطهران، فقال بعض المسؤولين الروس إنهم ينتظرون استلام النسخة النهائية من إيران، وأضافوا "لا يزال يتعين على الجانب الإيراني اتخاذ بعض الخطوات الضرورية".
وعلى الجانب الإيراني أكد البعض أن هذه الوثيقة جاهزة للتوقيع، وبحسب سفير إيران لدى روسيا، لو لم يقتل الرئيس الإيراني في حادث تحطم المروحية، كان من المحتمل الانتهاء من توقيع الاتفاقية.
وتم التوقيع على أول معاهدة شاملة بين روسيا وإيران في عام 2000 مع إمكانية تجديدها كل خمس سنوات إلى أجل غير مسمى. لكن في الذكرى العشرين لإبرامها، طالبت حكومة حسن روحاني بتحديثها، وفي وقت لاحق، أعلنت حكومة إبراهيم رئيسي أن العلاقات الاستراتيجية مع الصين وروسيا هي أحد أولوياتها الدولية.
وبعد إبرام وثيقة التعاون طويل الأمد مع الصين، أصبحت صياغة وثيقة مماثلة مع روسيا تحظى بالأهمية هي الأخرى، لكن التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن بات أطول بكثير من التوقعات الأولية.
ويرى العديد من الخبراء أنه حتى لو تم إبرام هذه الاتفاقية، لن تتم إزالة العديد من العقبات أمام التعاون الكامل بين روسيا وإيران، كما لم يؤد توقيع اتفاقية التعاون الشامل مع الصين إلى تغيير جوهري في العلاقات بين طهران وبكين.
العربية نت