كتابات وآراء


الخميس - 16 يناير 2025 - الساعة 01:05 ص

كُتب بواسطة : الصحفي / عبدالله باصهي - ارشيف الكاتب






مع دخول الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، تتجدد الآمال الفلسطينية في تحقيق تطلعات طال انتظارها، تعكس طموح شعب صامد يناضل من أجل حقوقه المشروعة، جاءت هذه الهدنة كخطوة تاريخية، ليس فقط لتخفيف حدة النزاع، ولكن أيضا لتأكيد انتصار إرادة المقاومة التي قادتها حركة حماس من خلال عملية "طوفان الأقصى"، العملية التي غيرت موازين القوى وأثبتت قدرة الفلسطينيين على فرض معادلات جديدة في مواجهة الاحتلال.

لقد جسدت "طوفان الأقصى" تحولاً نوعيا في طبيعة المواجهة، حيث نجحت المقاومة في كسر الحصار النفسي والسياسي الذي حاول الاحتلال فرضه على الشعب الفلسطيني، العملية لم تكن مجرد تحرك عسكري، بل كانت رسالة واضحة بأن القضية الفلسطينية ما زالت في قلب الصراع الإقليمي والدولي، وأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما بلغت التضحيات، وقد جاءت الهدنة نتيجة مباشرة لهذه القوة النضالية، لتفتح بابا جديدا أمام الفلسطينيين نحو محطة ومرحلة من إعادة البناء والتخطيط الاستراتيجي.

في ظل هذه الهدنة المعلنة مساء أمس، يأمل الفلسطينيون في أن تكون بداية مسار جديد يحقق تطلعاتهم في الحرية والاستقلال، وإعادة الإعمار ستكون أولى الخطوات التي يعول عليها سكان قطاع غزة، الذين عانوا ويلات الحرب وشاهدوا بيوتهم تُدمر وأحلام أطفالهم تُجهض، يتطلع الشعب الفلسطيني إلى أن تكون هذه المرحلة فرصة لترميم ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، ليس فقط في البنية التحتية، بل أيضا في النسيج الاجتماعي والوطني.

كما أن هذه المرحلة تحمل في طياتها آمالاً كبيرة في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي تمثل الركيزة الأساسية لأي نصر مستدام، لقد أثبتت المواجهات الأخيرة أن الشعب الفلسطيني بمختلف فصائله وتوجهاته قادر على التوحد في وجه الاحتلال، وأن هذه الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف الكبرى، سواء على مستوى إنهاء الاحتلال أو كسر الحصار أو استعادة الأرض والحقوق المسلوبة والمغتصبة.

واما على الصعيد الدولي، تشكل هذه الهدنة فرصة لتعزيز مكانة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، خصوصا بعد أن أظهرت المقاومة قدرتها على الصمود والردع، يتطلع الفلسطينيون إلى دعم دولي أكبر، ليس فقط على صعيد المساعدات الإنسانية، ولكن أيضاً على صعيد الدعم السياسي الذي يضمن حقهم في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم.

ان المرحلة القادمة تضع المقاومة الفلسطينية أمام تحديات جديدة، أبرزها استثمار الانتصار الرمزي والعملي الذي حققته في "طوفان الأقصى" لتحسين الواقع المعيشي للشعب الفلسطيني، وضمان استمرار الدعم الشعبي لها في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية المتزايدة، كما أن هذا الانتصار يضع الاحتلال أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن الشعب الفلسطيني لن يتراجع عن حقوقه، وأن أي محاولات لإنهاء القضية الفلسطينية أو تصفيتها ستواجه بمقاومة لا تلين.

ان الهدنة المعلنة ليست النهاية، بل هي بداية مرحلة جديدة تحمل الكثير من الفرص والتحديات، ومع ذلك، فإن روح المقاومة والصمود التي أظهرها الفلسطينيون تبعث برسالة واضحة: هذه الأرض ستظل عنواناً للحرية، وشعبها سيبقى ثابتاً على مبادئه، حتى تتحقق العدالة ويعم السلام العادل الذي يحفظ الحقوق ولا يساوم عليها.