صدى الساحل - خليل السفياني
في تحذير مثير للجدل، تناقلت وسائل إعلامية رسمية عن مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية، كشفه عن وجود عصابة تنتحل صفة موظفي المكتب لتنفيذ عمليات نصب واحتيال على المواطنين، مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق "واتس آب" لإيهام الضحايا بتوفير مساعدات مالية مقابل دفع مبالغ مالية.
ورغم أهمية هذا التحذير، إلا أنه يطرح تساؤلات أكبر عن غياب الرقابة الأمنية والإلكترونية على التعاملات المالية، سواء عبر شركات الصرافة أو الحسابات البنكية، التي باتت منفذاً سهلاً لهذه العصابات. فكيف يمكن لعصابة انتحال صفة جهة سيادية أن تتحرك بهذه الحرية دون أن يتم تحديد هويتها وضبطها؟
الأمر الأخطر أن هذه العصابات لا تبدو مجرد مجموعة من الخارجين عن القانون، بل تثير الشكوك حول ارتباطها بشخصيات نافذة داخل السلطة نفسها، تستغل مواقعها لتسهيل عمليات النصب والاحتيال. فليس من السهل الوصول إلى معلومات وبيانات المواطنين دون أن يكون هناك تواطؤ أو تراخٍ أمني مقصود.
في ظل غياب الرقابة الإلكترونية الفاعلة على التعاملات المالية، يبدو أن العصابات الصغيرة ليست التهديد الحقيقي، بل الهوامير الكبيرة التي قد تكون لها يد في السلطة، تستغل مناصبها لتنفيذ هذه الجرائم بطرق منظمة يصعب كشفها.
إذا كان مكتب رئاسة الجمهورية نفسه يحذر من عمليات احتيال تستهدف المواطنين، فإن السؤال الذي يطفو على السطح: كيف سيتمكن المواطن العادي من حماية نفسه في ظل هذا التواطؤ أو العجز الأمني؟
يظل التحذير خطوة ناقصة ما لم تُتبع بإجراءات ملموسة لتحديد هويات هذه العصابات، وتعقب شبكاتها المرتبطة بالمنظومة المالية والسياسية، وإعادة هيكلة الرقابة الأمنية على المعاملات البنكية، لضمان عدم تحولها إلى مصدر تمويل لعصابات احتيال قد يكون لها يد خفية في مفاصل السلطة.
في النهاية، إذا لم يتم التعامل بجدية مع هذه الظاهرة، فإن الثقة الشعبية بالمؤسسات الرسمية ستتآكل تدريجياً، لتبقى الحقيقة المُرّة أن المواطن بات هدفاً سهلاً لعصابات منظمة، تتحرك بحرية في ظل غياب المسؤولية، ومسؤلية الرقابة وغياب المساءلة القانونية.