اخبار وتقارير

الجمعة - 25 أكتوبر 2024 - الساعة 02:29 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي




تعيش اليمن أزمة إنسانية واقتصادية غير مسبوقة، إذ فقدت البلاد أكثر من 6 مليارات دولار من مواردها خلال الأشهر الثلاثين الماضية نتيجة توقف صادرات النفط والغاز.

جاء هذا التوقف نتيجة لهجمات الحوثيين على موانئ تصدير النفط، مما زاد من تفاقم الأوضاع المعيشية وأدى إلى انهيار مالي خطير في ظل استمرار الحرب التي تقترب من دخول عامها العاشر.

وفي هذا التقرير، سنتناول أبعاد هذه الأزمة وتأثيرها على الشعب اليمني، مستندين إلى تصريحات المسؤولين اليمنيين والدوليين والإحصاءات المتاحة.


خلفية الصراع وتأثيره على الصادرات

في أكتوبر 2022، شنت جماعة الحوثيين هجوماً بالطائرات المسيرة على ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت، مما أدى إلى توقف الحكومة الشرعية عن تصدير النفط والغاز.

يُعد ميناء الضبة أحد أهم المنافذ التي تعتمد عليها الحكومة الشرعية لتأمين العملة الصعبة، وتغطية جزء من النفقات العامة.

الهجوم الحوثي على الضبة لم يكن مجرد حادثة فردية بل جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى الضغط على الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي.

فالحوثيون يعتمدون بشكل رئيسي على التمويل الخارجي من إيران ومحور المقاومة، ويستخدمون الحرب الاقتصادية كأداة لتعزيز مكاسبهم السياسية والعسكرية.


تصريحات الحكومة اليمنية وتحذيراتها

أحمد غالب المعبقي، محافظ البنك المركزي اليمني في الحكومة المعترف بها دولياً، كشف في تصريحاته خلال اجتماع صندوق النقد الدولي في واشنطن، أن البلاد فقدت أكثر من 6 مليارات دولار من عائدات صادرات النفط والغاز خلال الثلاثين شهراً الماضية بسبب الهجمات الحوثية.

وأشار إلى أن هذا التوقف أدى إلى تضاعف الأزمة الإنسانية، حيث تجاوزت معدلات الفقر 80%، بالإضافة إلى تدهور الأمن الغذائي وتوقف تقديم الخدمات الأساسية.

المعبقي دعا في كلمته إلى ضرورة تقديم دعم عاجل لليمن والاستفادة من برامج التمويل الدولية التي تستهدف الدول الأكثر هشاشة.

كما أشار إلى أن استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين ضاعف من تكاليف النقل والتأمين، مما زاد من اضطراب سلاسل الإمداد العالمية ورفع كلفة الشحن، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد اليمني المتعثر بالفعل.


دور الحوثيين ومحور المقاومة

الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط تأتي في سياق أوسع لحرب اقتصادية تقودها إيران وحلفاؤها في المنطقة، ضمن استراتيجية "محور المقاومة".

هذا المحور لا يهدف فقط إلى السيطرة العسكرية والسياسية، بل يسعى أيضاً إلى شل الاقتصاد اليمني وتحويله إلى ساحة حرب تستنزف موارد الحكومة الشرعية.

إيران تستفيد من حالة الفوضى في اليمن لتوسيع نفوذها الإقليمي وإرسال رسائل إلى القوى الدولية، خاصة في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، لا سيما مع إسرائيل.

من خلال دعم الحوثيين مادياً وعسكرياً، تسعى طهران إلى تأكيد حضورها في الممرات البحرية الحيوية مثل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يمنحها قدرة على التأثير في حركة التجارة الدولية.


الأزمة الإنسانية وانعكاسها على المجتمع اليمني

توقف صادرات النفط والغاز أدى إلى حرمان الحكومة من أهم مواردها، حيث كانت تعتمد على هذه العائدات لدفع رواتب الموظفين الحكوميين، وتمويل المشاريع الخدمية، وتأمين احتياجاتها الأساسية من الغذاء والدواء.

هذا الوضع أدى إلى زيادة معاناة الشعب اليمني، الذي يواجه بالفعل نقصاً حاداً في الغذاء والمياه الصالحة للشرب.

تجاوزت معدلات الفقر 80%، فيما تشير تقارير دولية إلى أن اليمن يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج حوالي 24 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

توقف الصادرات النفطية دفع بالحكومة الشرعية إلى طلب دعم دولي عاجل، ولكن الدعم الدولي لا يزال محدوداً وغير كافٍ لتغطية الاحتياجات المتزايدة.


تصريحات المجتمع الدولي

المجتمع الدولي أعرب عن قلقه إزاء تصاعد الهجمات الحوثية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وليس فقط اليمني.

الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمات دولية أخرى دعت إلى ضرورة إيجاد حلول سلمية للأزمة، وتقديم الدعم المالي العاجل للحكومة الشرعية لمواجهة التحديات الاقتصادية.

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، التي ترأست الاجتماع الذي شارك فيه المعبقي ووزير المالية اليمني سالم بن بريك، أكدت أهمية مساعدة اليمن عبر برامج تمويل خاصة بالدول التي تمر بأزمات مشابهة.

كما شددت على ضرورة وقف الأعمال العسكرية التي تؤثر على الملاحة الدولية وسلاسل الإمداد، وحذرت من أن استمرار الحرب في اليمن سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الإقليمي والدولي.


انعكاسات إقليمية ودولية

توقف تصدير النفط اليمني بسبب هجمات الحوثيين لم يؤثر فقط على الاقتصاد اليمني، بل امتد تأثيره إلى السوق النفطية العالمية.

اليمن، رغم كونه منتجاً صغيراً مقارنة بدول الخليج، يلعب دوراً استراتيجياً في تأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

توقف تصدير النفط اليمني أدى إلى رفع تكاليف الشحن البحري، وزيادة مخاطر الملاحة في المنطقة، مما أثر سلباً على تجارة النفط العالمية.


مستقبل مظلم بدون حلول

في ظل استمرار الهجمات الحوثية وتفاقم الأزمة الإنسانية، يبدو أن اليمن مقبل على مستقبل مظلم ما لم يتحرك المجتمع الدولي بجدية لتقديم الدعم المطلوب.

الحوثيون، بدعم من إيران، مستمرون في استهداف المنشآت الاقتصادية والبنى التحتية بهدف تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، غير مكترثين بتدهور الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها الملايين.

على الرغم من جهود الحكومة الشرعية لاستعادة السيطرة الاقتصادية وطلبها للدعم الدولي، فإن اليمن بحاجة إلى حلول جذرية تبدأ بإيقاف الحرب وإعادة بناء الاقتصاد.