صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي
مع استمرار الحرب في اليمن وتفاقمالأزمات الإنسانية والاقتصادية، باتت ظاهرة المرتزقة قضية تتزايد حدتها في المجتمعات الهشة التي تبحث عن فرص للهروب من الصراعات الداخلية. واحدة من أبرز هذه الظواهر هي استقطاب الشباب اليمني للعمل ك مرتزقة في روسيا.
هذه الظاهرة تُعدُّ جزءًا من تجارة دولية تُديرها شبكات معقدة تستغل الظروف المعيشية القاسية لجذب الأفراد إلى ساحات الصراع في الخارج.
*استقطاب اليمنيين للعمل ك مرتزقة*
يتم استقطاب اليمنيين من خلال آليات متعددة، تستغل بشكل رئيسي اليأس الاقتصادي الذي يعاني منه الشباب اليمني في ظل استمرار الحرب، وفقدان الفرص المستقبلية في وطنهم.
وتعمل شبكات تجنيد محلية ودولية مع سماسرة داخل اليمن، خاصة في المناطق الريفية الاكثر فقرًا التي تعاني من شح الفرص.
يقدم هؤلاء السماسرة عروضًا مغرية للشباب تتضمن رواتب مغرية مقارنة بالوضع الاقتصادي اليمني المتدهور.
تُروَّج لهم وظائف تتعلق بالحراسة الأمنية أو العمل في شركات خاصة في روسيا، دون الكشف عن التفاصيل الحقيقية المتعلقة بطبيعة العمل.
ويتم إرسال الأفراد الذين يقبلون العرض إلى دول وسيطة، مثل سلطنة عمان و وبلدان أخرى، حيث يخضعون لتدريبات عسكرية مكثفة في معسكرات مغلقة.
هذه التدريبات تُعدهم لأدوار قتالية أو شبه قتالية في ساحات الصراع داخل روسيا أو مناطق أخرى.
ويتم إغراء هؤلاء الشباب بالوعود ب مرتبات تتراوح بين 1000 إلى 2000 دولار شهريًا، بالإضافة إلى تأمين السكن والإقامة وتقديم تسهيلات لهم للحصول على التأشيرات إلى روسيا، لكن الواقع غالبًا ما يكون مختلفًا تمامًا.
*طبيعة العمل في روسيا*
عند وصول اليمنيين إلى روسيا، يتم توزيعهم على مهام مختلفة تتراوح بين القتال في مناطق النزاع داخل روسيا أو خارجها، والعمل في الحراسة الخاصة في مشاريع ومواقع شديدة الخطورة وتختلف المهام التي يكلفون بها حسب الحاجة والوضع الميداني.
*القتال في مناطق الصراع*
تشير تقارير إلى أن اليمنيين يُستخدمون ك جنود في مناطق الصراع الساخنة، مثل إقليم دونباس أو مناطق النزاع التي تندلع في محيط روسيا، حيث يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية للمعارك، مما يعرضهم لخطر الموت أو الإصابة.
و بعضهم يتم توظيفه في مهام الحراسة الخاصة في مواقع استراتيجية، غالبًا ما تكون محاطة بالمخاطر.
هذه المهام تتطلب الحضور المستمر في مواقع نائية أو غير آمنة، وفي حالات كثيرة يتم انتهاك حقوقهم العمالية والقانونية.
ويتم استغلال بعض هؤلاء المرتزقة في التعامل مع الجماعات المسلحة أو التنظيمات شبه العسكرية المرتبطة بالحكومة أو الشركات الخاصة التي تحتاج إلى أفراد مدربين لتنفيذ مهام معينة.
*المصير المجهول*
رغم الوعود الأولية، غالبًا ما يجد المرتزقة اليمنيون أنفسهم في وضع مأسوي فور وصولهم إلى روسيا وهناك عدة عوامل تساهم في تفاقم معاناتهم منها الظروف القاسية حيث يُجبر المرتزقة على العمل في ظروف قاسية جدًا، سواء على المستوى الميداني أو في مواقع العمل وفي كثير من الأحيان، لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة، كما أن الحماية القانونية تكون شبه معدومة إذا تعرض أحدهم للإصابة أو القتل، يُترك دون تعويض أو تأمين لعائلته.
*الرواتب غير المدفوعة*
على الرغم من الوعود بمرتبات مجزية، يجد العديد من اليمنيين أنفسهم ضحية للاحتيالففي كثير من الحالات، لا يحصلون على رواتبهم بشكل كامل، أو تُخفض بشكل كبير عن المتفق عليه.
و يظل المرتزقة في حالة من العجز المالي، غير قادرين على العودة إلى بلادهم أو حتى توفير احتياجاتهم الأساسية.
*الإهمال والتخلي*
إذا تعرض المرتزقة اليمنيون للإصابة أثناء أداء عملهم أو انتهاء مدة عقودهم، يتم التخلي عنهم دون أي دعم. في بعض الأحيان، يتم ترحيلهم قسريًا إذا انتهت مدة تأشيراتهم دون تمديد، دون أي مساعدة من الجهات التي استقدمتهم.
*المصير المجهول بعد انتهاء الخدمة*
مع انتهاء فترة خدمتهم، يُترك المرتزقة في مواجهة مصير مجهول و كثير منهم يجدون أنفسهم عاجزين عن العودة إلى اليمن بسبب الحرب، ويواجهون صعوبة في البقاء في روسيا بسبب غياب التأمين القانوني أو الوضع المالي المتدهور.
إن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجانب العسكري أو المالي فقط، بل تمتد إلى أزمة إنسانية عميقة حيث أن العديد من هؤلاء الشباب كانوا يسعون إلى الهروب من الفقر والحرب في اليمن، لكنهم وجدوا أنفسهم في دوامة جديدة من الاستغلال والخطر، كثير منهم يفقدون حياتهم أو يُتركون معاقين جسديًا أو نفسيًا، دون وجود أي دعم اجتماعي أو حكومي لهم.
وهنا يأتي دور الدولة والمجتمع الدولي في معالجة هذه الظاهرة، حيث يحتاج المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية هؤلاء الأفراد ووضع حد لاستغلالهم من خلال تشديد الرقابة على شبكات التجنيد إذ يجب على الحكومات المحلية والدولية فرض قيود صارمة على شبكات التجنيد والسماسرة الذين يستغلون الشباب اليمني.
إلى جانب د العمل على توفير فرص اقتصادية حقيقية داخل اليمن.