صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي
في ظل الصراع المستمر في اليمن، تُعد صحة الأطفال واحدة من أكبر الضحايا المتأثرين بالوضع الإنساني المتدهور ف وفقًا لتقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، شهد عام 2022 وفاة 41 ألف طفل نتيجة إصابتهم بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات.
ولكن في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين، أدت سياسات الجماعة بمنع حملات التطعيم إلى تفاقم هذه الكارثة الإنسانية.
*سياسات الحوثيين المناهضة للقاحات:*
في السنوات الأخيرة، أظهرت جماعة الحوثي موقفًا رافضًا تجاه اللقاحات، خصوصًا لقاحات الأطفال هذه السياسات ليست فقط نتيجة الجهل أو الشكوك في فعالية اللقاحات، بل تمثل جزءًا من حملة تحريضية أكبر تعززها الجماعة داخل مناطق سيطرتها.
ويُزعم الحوثيون أن حملات التطعيم استهدافًا خارجيًا و تهديدًا سياسيًا، حيث قاموا بترويج الشائعات والمعلومات المضللة حول أمان اللقاحات، مما دفع بالعديد من الأهالي إلى الامتناع عن تطعيم أطفالهم.
*النتائج الكارثية:*
إحدى أبرز ضحايا هذه السياسات هي الطفلة ندى، البالغة من العمر 5 سنوات، التي توفيت في أحد مستشفيات صنعاء بعد إصابتها بمرض الحصبة.
كان يمكن منع وفاتها بكل سهولة عبر تطعيمها بلقاح الحصبة المتوفر دوليًا والذي يعتبر من أكثر اللقاحات أمانًا إلا أن سيطرة الحوثيين وعرقلتهم لحملات التطعيم حرمت ندى وغيرها من آلاف الأطفال من الحصول على الحماية اللازمة.
الطفلة ندى ليست حالة فردية؛ إذ تشير الإحصائيات إلى ارتفاع مقلق في حالات الأمراض التي يمكن الوقاية منها، مثل الحصبة والدفتيريا وشلل الأطفال، خصوصًا في المناطق النائية والتي تعاني أصلاً من ضعف الخدمات الصحية.
يمنع الحوثيون حملات التطعيم في المدارس والمستشفيات المحلية، مما يعرض آلاف الأطفال للخطر.
*التحديات الإنسانية والأزمات المتزايدة:*
إلى جانب السياسات المناهضة للقاحات، تعاني المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يزيد من صعوبة علاج الأطفال المصابين بهذه الأمراض.
المستشفيات تعاني من ضغط هائل، ولا تستطيع التعامل مع الأعداد المتزايدة من المرضى، في ظل تدهور النظام الصحي بشكل عام بسبب الصراع المستمر.
وفي الوقت الذي تواصل فيه المنظمات الدولية، مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، مساعيها لإدخال المساعدات الطبية، يظل المنع الذي تفرضه جماعة الحوثي أحد أكبر العوائق أمام وصول اللقاحات الضرورية للأطفال.
*العواقب الاجتماعية والإنسانية:*
نتيجة لهذه السياسات، بات اليمن اليوم في مواجهة كارثة صحية تتعلق بمستقبل أجياله.
آلاف الأطفال مهددون بالموت أو الإعاقة جراء أمراض يمكن الوقاية منها ببساطة.
كما أن استمرار الحوثيين في نشر الأكاذيب حول اللقاحات زاد من تدهور الثقة بين المواطنين والنظام الصحي، مما يجعل من الصعب استعادة الأوضاع الصحية حتى بعد انتهاء الصراع.
وتتطلب هذه الأزمة الصحية الحادة تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي، لتكثيف الضغط على جماعة الحوثي لفتح المجال أمام حملات التطعيم وضمان حصول الأطفال في مناطق سيطرتهم على اللقاحات الضرورية.
الأطفال اليمنيون لا يجب أن يكونوا ضحايا للسياسات الطائشة أو التوجهات السياسية؛ فكل طفل يحق له الحصول على الرعاية الصحية والحماية من الأمراض.
إن استمرار منع اللقاحات في مناطق الحوثيين يعني استمرار الكارثة، وإضافة مزيد من الأرقام المؤلمة إلى قائمة الوفيات.