صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي
يشهد اليمن منذ عام 2014 حرباً مستمرة أدت إلى تدمير مؤسسات الدولة، وتفكك الاقتصاد، وتفاقم الوضع الإنساني، إلى جانب الأثر المدمر للحرب، تسلط التقارير الضوء على جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين استغلوا الصراع لتكديس ثروات هائلة من خلال مصادر غير قانونية.
*حجم الأموال المغسولة*
وفقاً لتقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في عام 2022، فإن حجم الأموال المغسولة خلال فترة الحرب في اليمن يتجاوز 30 مليار دولار، وهو مبلغ يعادل ميزانية اليمن لثلاثة أعوام في الظروف الطبيعية.
يشير هذا الرقم إلى حجم الفساد المالي الذي تفاقم خلال سنوات الصراع، والذي أدى إلى انهيار الاقتصاد اليمني وزيادة الأعباء على المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
*طرق غسل الأموال لدى الحوثيين*
تشير التقارير إلى أن جماعة الحوثي قد استخدمت عدة طرق لتمويل عملياتها العسكرية وغسل الأموال، أبرزها مصادرة أموال وأصول الأفراد والكيانات المعارضة لها ف منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، عمد الحوثيون إلى الاستيلاء على أصول وأموال المعارضين لهم من السياسيين ورجال الأعمال، بالإضافة إلى ممتلكات الدولة، حيث تم تحويل هذه الأصول إلى تمويل مباشر لدعم عملياتهم العسكرية.
وتتلقى مليشيات الحوثي دعماً مالياً ولوجستياً من إيران، مما يمكّنهم من مواصلة حربهم وإطالة أمد الصراع، هذا التمويل غير المشروع يتم تمريره عبر قنوات مالية غير نظامية لضمان عدم اكتشافه.
إلى ذلك فإن مليشيات الحوثي تقوم ب التجارة في السوق السوداء حيث يستغل الحوثيون الأوضاع الاقتصادية السيئة لفرض سيطرتهم على السوق السوداء، ويقومون ببيع الوقود والسلع الأساسية بأسعار مرتفعة، مع فرض رسوم غير قانونية على الواردات والأنشطة التجارية.
كما يقوم الحوثيون بالتهريب عبر الحدود، سواء عبر تهريب المخدرات، الأسلحة، أو التحف والآثار اليمنية وتزوير العملة المحلية ما يؤدي إلى تضخم اقتصادي وانهيار قيمة الريال اليمني.
تقارير مختلفة تشير إلى تورط الحوثيين في تجارة المخدرات ك مصدر تمويل إضافي، حيث يتم تهريبها عبر الحدود إلى بلدان مجاورة.
وقام الحوثيون بفرض الزكاة بشكل قسري على المواطنين والتجار، مع ابتكار أشكال جديدة من الضرائب والرسوم التي لا تخضع لأي رقابة حكومية، ما يدر عليهم أموالاً ضخمة تُستخدم في تمويل الحرب.
ويسيطر الحوثيون على الموانئ الرئيسية، ما مكنهم من فرض رسوم جمركية على الواردات، وتحويلها إلى مصادر لتمويل عملياتهم.
*فساد حكومي*
إلى جانب جرائم الحوثيين، اتهم مراقبو العقوبات في الأمم المتحدة حكومة صنعاء نفسها بالتورط في غسل الأموال والفساد.
وفي تقرير صدر في عام 2019، اتهم المراقبون الحكومة بتحويل مبالغ كبيرة من الأموال، مما أدى إلى تعطيل وصول الإمدادات الغذائية إلى المناطق المتضررة.
وفقاً للتقرير، الحوثيون استغلوا ما لا يقل عن 1.8 مليار دولار من إيرادات الدولة في عام 2019 لتمويل مجهوداتهم العسكرية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
*الحوثيون ونهب المال العام*
خلال فترة سيطرتهم على مناطق شاسعة في اليمن، ظهر الحوثيون ك لاعبين رئيسيين في نهب المال العام، وتحويله لخدمة مصالحهم العسكرية.
تقارير عديدة أشارت إلى أن الحوثيين قاموا بالاستيلاء على مؤسسات مالية وبنوك، كما فرضوا سيطرتهم على عائدات النفط والموانئ.
ومن أهم وسائل النهب الاستحواذ على الشركات الخاصة خاصة تلك التي تعارض حكمهم أو تلك التي يملكها أفراد في الحكومة الشرعية حيث تم الاستيلاء على أصول هذه الشركات وتحويلها إلى دعم مباشر لأنشطة الحوثيين.
إلى جانب فرض الضرائب والرسوم غير القانونية فرض الحوثيون رسوماً جديدة على المواطنين والتجار، سواء تحت اسم الزكاة أو لدعم "المجهود الحربي"، ما أدى إلى زيادة المعاناة الاقتصادية على الشعب.
*التأثير الكارثي لغسل الأموال على الاقتصاد*
إن غسل الأموال والفساد المالي المنتشر في اليمن، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، تسبب في تدمير الاقتصاد الرسمي للبلاد ف معظم الأموال المغسولة لم تُستخدم في تحسين معيشة الشعب، بل تم توجيهها لتمويل الحرب، ما أدى إلى تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
وساهمت عمليات تزوير العملة التي تورط فيها الحوثيون بشكل كبير في انخفاض قيمة الريال اليمني، مما أدى إلى تضخم كبير في الأسعار وصعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية.
ومع سيطرة الحوثيين على السوق السوداء والموارد الاقتصادية، تراجعت قدرة الحكومة الشرعية على التحكم في الاقتصاد الرسمي، ما زاد من تفاقم الفوضى الاقتصادية في البلاد.
جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب في اليمن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد غير المشروع الذي يدير الصراع.
الحوثيون، باعتبارهم الجهة الرئيسية المسؤولة عن تمويل الحرب، استخدموا كل الوسائل المتاحة من مصادر خارجية، وفرض الضرائب، والسيطرة على الموارد الاقتصادية لتحقيق أهدافهم العسكرية.
في المقابل، تفاقمت معاناة الشعب اليمني مع زيادة الفقر والتضخم، واستمرار النزاع الذي يموله فساد واسع النطاق من قبل جميع الأطراف.