اخبار وتقارير

الخميس - 03 أكتوبر 2024 - الساعة 12:39 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي





في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يشهدها اليمن منذ اندلاع الحرب في عام 2015، أصبح شراء اللحوم حلماً يراود العديد من الأسر اليمنية.

فقد ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء (الأبقار والأغنام) إلى مستويات تفوق القدرة الشرائية لأغلب المواطنين، ما دفع الكثير منهم إلى تقليص استهلاكهم اليومي أو الاستغناء عن اللحوم كلياً في وجباتهم.

هذه الزيادة الحادة في الأسعار لا تعود فقط إلى النزاع المستمر، بل أيضاً إلى انقطاع الرواتب، تدني القيمة الشرائية للريال اليمني، وانقسام البلاد اقتصادياً بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية وتلك الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين.

في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من لحوم الأبقار إلى ما بين 12 و15 ألف ريال يمني، بينما يصل سعر لحوم الأغنام إلى 17 ألف ريال.

أما في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث العملة المحلية أكثر استقراراً نسبياً، يتراوح سعر الكيلوغرام من لحوم الأبقار بين 4 و6 آلاف ريال، وسعر لحوم الأغنام يصل إلى 9 آلاف ريال. ورغم هذا التفاوت في الأسعار بين المناطق، يشتكي المواطنون في كلا الجانبين من غياب الرقابة الحكومية، ما أدى إلى استغلال بعض التجار للأزمة برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، خصوصاً في المواسم.

*أسباب الأزمة*


الأزمة لا تتعلق فقط بالأسعار المرتفعة، بل أيضاً بالتراجع الكبير في أعداد الثروة الحيوانية في اليمن.

حيث أوضح المهندس الزراعي علي الشرماني أن الحرب والنزوح الجماعي للسكان قد تسببا في انخفاض عدد الماشية بشكل ملحوظ، حيث اضطر العديد من المزارعين لبيع ماشيتهم ومغادرة أراضيهم بحثاً عن مناطق أكثر أماناً.

وقد ساهم هذا النزوح، إلى جانب الاضطرابات الاقتصادية، في تراجع الإنتاج الحيواني، ما أدى إلى تقليص المعروض من اللحوم في الأسواق.

كما أشار الشرماني إلى أن الاعتماد المتزايد على استيراد المواشي من دول القرن الأفريقي، مثل إثيوبيا والصومال وجيبوتي، قد ساهم في ارتفاع أسعار اللحوم فارتفاع أسعار الصرف، إلى جانب تكاليف النقل الباهظة بسبب الوضع الأمني المضطرب، أدى إلى زيادة كبيرة في تكلفة استيراد المواشي، ما انعكس بشكل مباشر على أسعار اللحوم في الأسواق المحلية.

*انخفاض مقلق في الإنتاج الحيواني*

وفقاً لتقرير إدارة الإحصاء والأرصاد الزراعي لعام 2018، انخفضت أعداد الثروة الحيوانية في اليمن بين عامي 2014 و2018.

ففي عام 2014، بلغ عدد الثروة الحيوانية حوالي 21 مليون رأس، ليتراجع العدد إلى نحو 19 مليون رأس في عام 2018. كما انخفض الإنتاج الحيواني من اللحوم من 215 ألف طن إلى 180 ألف طن خلال نفس الفترة. هذا الانخفاض المقلق يعكس تأثير الحرب بشكل مباشر على قطاع الثروة الحيوانية، الذي يوفر الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، ويعمل به نحو 25% من القوى العاملة في الأرياف.

*العوامل المساهمة في ارتفاع الأسعار وتراجع الإنتاج*

إلى جانب الحرب والنزوح، هناك العديد من العوامل الأخرى التي ساهمت في تراجع الإنتاج الحيواني وارتفاع أسعار اللحوم في اليمن.

ومن أبرز هذه العوامل الانقسام الاقتصادي بين المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أدى إلى ازدواجية الضرائب والجمارك، مما زاد من تكلفة النقل وأسعار السلع، بما في ذلك اللحوم.

كما أن ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية أدى إلى زيادة تكلفة تربية المواشي.

وتضررت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمراعي بسبب الحرب، مما أثر على قدرة المزارعين على تغذية مواشيهم بشكل كافٍ.

ويشير العديد من المواطنين إلى تلاعب تجار اللحوم بالأسعار في ظل غياب الرقابة الحكومية الفعالة، حيث يتم رفع الأسعار بشكل غير مبرر، خاصة في المناسبات والأعياد.



*النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأزمة*

تعاني الأسر اليمنية اليوم من تداعيات هذه الأزمة بشكل مباشر.

فقد أصبح شراء اللحوم أمراً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية للريال اليمني وارتفاع تكلفة المعيشة.

ويزيد من هذه المعاناة انقطاع الرواتب في بعض المناطق، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

من ناحية أخرى، يعاني تجار اللحوم أنفسهم من ارتفاع تكاليف الاستيراد وتراجع الإنتاج المحلي هذا الوضع أدى إلى زيادة في الاعتماد على الاستيراد من الخارج، مما يزيد من هشاشة الأمن الغذائي في البلاد.

*أزمة تحتاج إلى حلول عاجلة*

أزمة اللحوم في اليمن ليست مجرد مشكلة اقتصادية عابرة، بل هي نتيجة مباشرة لحرب مستمرة منذ سنوات وتأثيراتها العميقة على كافة جوانب الحياة و لتخفيف هذه الأزمة، يحتاج اليمن إلى دعم دولي لإعادة بناء قطاع الثروة الحيوانية، وتوفير بيئة أكثر استقراراً للمزارعين ومربي الماشية.

إلى جانب ذلك، يتطلب الوضع أيضاً إصلاحات حكومية عاجلة لضمان الرقابة على الأسعار ومحاربة الفساد الذي يزيد من معاناة المواطنين.