صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي
في خضم النزاع الدائر في اليمن، أصبحت القطاعات الاقتصادية الحيوية هدفاً للجماعات المسلحة، وعلى رأسها جماعة الحوثي التي تسعى إلى السيطرة على الشركات الوطنية الكبرى، بما في ذلك شركة "كمران للصناعة والاستثمار"، وهي إحدى أكبر شركات التبغ في البلاد.
ووفقاً لتصريحات وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، فإن سيطرة الحوثيين على أصول هذه الشركة يشكل خطراً بالغاً على الاقتصاد اليمني، حيث تُستغل عائداتها لتمويل الأنشطة العسكرية للجماعة، مما يعزز من قدرتها على الاستمرار في الصراع.
خلفية تاريخية عن شركة كمران
تأسست شركة كمران في عام 1963، وتعد واحدة من أهم شركات التبغ في اليمن، حيث تمثل جزءاً كبيراً من قطاع الصناعة والتجارة.
تنتج الشركة مجموعة واسعة من منتجات التبغ التي تُباع محلياً ودولياً، وتساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني من خلال دفع الضرائب والرسوم للحكومة الشرعية.
إلا أن الجماعة الحوثية تسعى منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في عام 2014 إلى بسط نفوذها على هذه الشركة لاستغلال عائداتها الكبيرة.
السيطرة الحوثية على قطاع التبغ
تشير التقارير الإعلامية وتصريحات المسؤولين إلى أن الحوثيين يسعون إلى السيطرة الكاملة على "شركة كمران" لتحويلها إلى مصدر تمويل رئيسي لأنشطتهم المسلحة.
ويقول الإرياني إن الجماعة تسعى لنهب إيرادات الشركة بشكل منهجي لتوجيهها نحو تمويل جهودها الحربية، وهو ما يتضح من تزايد أرقام الضرائب والرسوم التي تُفرض على شركات التبغ المحلية.
وتفيد التقارير بأن الإيرادات السنوية للحوثيين من قطاع التبغ تقدر بحوالي 618 مليون دولار، وهو رقم ضخم يُستخدم لتعزيز قدرتهم العسكرية.
أنشطة التهريب والتقليد
إلى جانب استغلالهم لشركات التبغ المحلية مثل "كمران"، تنخرط جماعة الحوثي في أنشطة غير مشروعة مثل تهريب السجائر وتزييف العلامات التجارية.
هذا التهريب، الذي يُقدر بآلاف الحاويات من السجائر المقلدة، يُدرّ مئات الملايين من الدولارات سنوياً.
ومن خلال هذه الأنشطة، لا يُضيع الحوثيون فرصتهم في توسيع شبكاتهم التجارية غير المشروعة، ما يُضعف من قدرة الشركات الوطنية على المنافسة ويضرب الاقتصاد الرسمي للدولة.
التبعات الاقتصادية للسيطرة الحوثية
تُعد السيطرة الحوثية على شركة كمران والشركات المماثلة بمثابة طعنة للاقتصاد اليمني، إذ تمثل هذه الشركات أحد آخر الأعمدة التي تعتمد عليها الحكومة الشرعية في تمويل ميزانيتها.
وفي ظل السيطرة الحوثية على هذا القطاع، يتم توجيه عائدات الضرائب والرسوم التي كانت مخصصة لخزينة الدولة إلى دعم المجهود الحربي، مما يؤدي إلى تضاعف معاناة الشعب اليمني الذي يعيش تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة.
تفاصيل الأرقام والضرائب
وفقاً للتقديرات الرسمية، تجني جماعة الحوثي أكثر من 283 مليون دولار سنوياً من الضرائب والرسوم المفروضة على شركات التبغ المحلية، بما في ذلك 120 مليون دولار من شركة كمران وحدها.
كما تسهم شركات أخرى بحوالي 168 مليون دولار سنوياً.
هذه الأرقام تكشف عن حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد اليمني نتيجة للسيطرة الحوثية على هذا القطاع.
الانعكاسات السياسية والأمنية
استغلال الحوثيين للقطاعات الاقتصادية، وخاصة شركات التبغ، يمكّنهم من الاستمرار في حملاتهم العسكرية ضد الحكومة الشرعية والقوات المدعومة دولياً.
هذا التمويل الذي يأتي من الاستيلاء على الأصول الوطنية يسمح لهم بشراء الأسلحة وتجنيد المزيد من المقاتلين، مما يؤدي إلى تصعيد الأعمال القتالية ويعقد الجهود الدولية لتحقيق السلام في البلاد.
إن سيطرة الحوثيين على شركة كمران للصناعة والاستثمار، وغيرها من الشركات الوطنية، يمثل جزءاً من استراتيجيتهم للسيطرة على مفاصل الاقتصاد اليمني.
هذا التحكم في القطاعات الحيوية يزيد من معاناة الشعب اليمني الذي يجد نفسه عالقاً بين سندان الحرب ومطرقة الاستغلال الاقتصادي.
ومع تزايد تدخل الحوثيين في القطاع التجاري والصناعي، يبدو أن النزاع في اليمن قد يطول، مما يفاقم من أزمة إنسانية هي بالفعل من بين الأسوأ في العالم.