اخبار وتقارير

الثلاثاء - 29 أكتوبر 2024 - الساعة 08:10 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي




تشهد محافظة تعز انتشارًا متزايدًا لمرض الملاريا في ظل تدهور القطاع الصحي ونقص التمويل لمكافحة الأوبئة في البلاد.

وأكدت السلطات الصحية في المحافظة، التي تُعدّ من أكبر المحافظات من حيث عدد السكان، تسجيل آلاف الإصابات بالملاريا منذ مطلع عام 2024، مع تركز الإصابات في المناطق الريفية.

يأتي هذا التفشي وسط ظروف صعبة تمرّ بها المحافظة، حيث يعاني السكان من عدم توفر الرعاية الطبية اللازمة في ظل الأزمات الاقتصادية والإنسانية المتتالية.


إحصائيات مرعبة وانتشار واسع للملاريا

قال تيسير السامعي، مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة في تعز، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن عدد الإصابات بمرض الملاريا بلغ حتى الآن 4338 حالة، دون تسجيل أيّ حالات وفاة مرتبطة بالمرض حتى الآن.

وأشار السامعي إلى أن مديرية موزع، الواقعة غربي المحافظة، سجّلت أعلى عدد من الإصابات بـ 1157 حالة، تليها مديرية المخا بـ 867 حالة، ومديرية مقبنة في المرتبة الثالثة بـ 689 حالة.

ويأتي هذا الانتشار الواسع للملاريا في ظل تدهور ملحوظ في البنية التحتية الصحية ونقص حاد في الكوادر الطبية والمعدات اللازمة، خاصة في المناطق الريفية التي تشهد فقراً مدقعاً.

وأوضح السامعي أنّ هذا المرض الطفيلي ينتقل بواسطة بعوضة "الأنوفيليس"، ويستهدف خصوصاً المناطق المحيطة بالمستنقعات والمياه المكشوفة والراكدة التي تهيّئ الظروف المناسبة لتكاثر البعوض الناقل.


المخاطر الصحية المرتبطة بالملاريا وضعف المناعة

تُعدّ الملاريا من الأمراض التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة لدى المصابين باضطرابات في جهاز المناعة، إذ أشار السامعي إلى أن الأشخاص الذين يعانون من "العوز المناعي الأولي" يكونون أكثر عرضة للإصابة الشديدة بالملاريا، نظرًا لضعف أجهزتهم المناعية.

وتُقدّر هذه الاضطرابات بأكثر من 300 نوع، وتضعف الجهاز المناعي مما يجعل المصابين عرضة لمختلف الأمراض، وفقًا لتقارير طبية بحثية من مجموعة مايو كلينك الطبية.

وأوضح أن مثل هذه الحالات المرضية تتطلب رعاية طبية خاصة غير متوفرة في ظل الأزمة الصحية التي يمر بها اليمن.


ملاريا منسية وسط أوبئة أخرى

يشير السامعي إلى أن الملاريا قد أصبحت مرضاً منسياً في اليمن، رغم خطورته، وذلك بسبب التركيز المتزايد على مكافحة أمراض أخرى ك الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك التي تتفشى هي الأخرى في البلاد.

ويعاني اليمنيون من نقص فادح في الإمكانيات الصحية وتدهور في الخدمات الطبية نتيجة الصراعات الدائرة، مما يجعل مكافحة الملاريا تحديًا إضافيًا يصعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية.

وقد دعا السامعي المنظمات الدولية والمانحين إلى توفير الدعم للمركز الوطني لمكافحة الملاريا، مشددًا على ضرورة التدخل الفوري في المناطق الريفية، التي تمثل بؤراً لانتشار المرض.


دور المنظمات الدولية ومشروع البنك الدولي في مكافحة الملاريا

على الرغم من الظروف الصعبة، تقوم منظمة الصحة العالمية، بدعم من البنك الدولي عبر مشروع رأس المال البشري الطارئ، بتنفيذ مجموعة من التدخلات لمكافحة الملاريا في اليمن.

وتهدف هذه الجهود إلى تقديم رعاية صحية مخصصة لإدارة مرض الملاريا على مستوى البلاد، بما يتناسب مع عبء المرض المتزايد.

ويشمل ذلك بناء قدرات مراكز التنسيق الخاصة بالملاريا، وتنظيم حملات رشّ في المناطق المتضررة والأكثر عرضة للخطر.

وقد أفادت المنظمة بأن نحو ثلثي سكان اليمن لا يزالون معرضين لخطر الإصابة بالملاريا، مما يفرض تحديات كبيرة على الجهود الصحية في البلاد.

وتمثل حملة الرشّ الداخلية للمنازل إحدى الاستراتيجيات الأساسية لمكافحة انتشار الملاريا، حيث تُستهدف المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات الإصابة.

وتأمل منظمة الصحة العالمية في تحقيق نتائج إيجابية من خلال توفير التدريب والموارد اللازمة للعاملين في مجال مكافحة الأمراض.


القطاع الصحي اليمني في أصعب مراحله

يواجه القطاع الصحي في اليمن واحدة من أصعب مراحله نتيجة استمرار الصراع، مما أدى إلى تدهور كبير في البنية التحتية الصحية.

وتعاني المستشفيات والمرافق الصحية من نقص في الأدوية والمعدات، بينما يواجه العاملون الصحيون تحديات هائلة في توفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين.

وقد أدت هذه الأوضاع إلى تراجع إمكانية تقديم خدمات صحية شاملة، مما جعل اليمن واحدًا من أكثر البلدان تضررًا صحيًا في العالم.

وبسبب هذه التحديات، يعاني المواطنون في المناطق الريفية من عجز في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، مما يجعل الملاريا تهديدًا حقيقيًا على حياتهم.

كما أن العديد من الحالات قد لا تصل إلى المستشفيات أو المراكز الطبية إلا بعد أن تتفاقم أعراض المرض، مما يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة.


الحاجة إلى تدخلات عاجلة وشاملة

في ضوء الأرقام المتزايدة للإصابات بالملاريا واستمرار التدهور في الوضع الصحي، تُبرز هذه الأزمة الحاجة الملحة لتدخلات دولية عاجلة لدعم القطاع الصحي في تعز، سيما في المناطق الريفية.

ويرى السامعي أن التدخلات يجب أن تشمل ليس فقط الدعم المادي، ولكن أيضًا توفير برامج تثقيفية لرفع الوعي لدى السكان حول كيفية الوقاية من المرض.

وتبقى آمال سكان تعز معلقة على تعاون الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية للحد من تفشي الملاريا والأمراض الأخرى، خاصة في ظل الافتقار إلى البنية التحتية الصحية القادرة على مواجهة هذه التحديات المتزايدة.