اخبار وتقارير

الإثنين - 06 يناير 2025 - الساعة 12:06 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي






في ظل انتشار الزحف العمراني في معظم مناطق محافظة تعز وغياب دور الجهات الرسمية، تتصاعد المبادرات الفردية التي تهدف إلى حماية المعالم والمرافق العامة، ومن أبرز هذه المبادرات، مشروع تسوير مقبرة الكدم في منطقة الكلائبة بمديرية المعافر، الذي أطلقه نزيه محمد سفيان الطاهش، أحد وجهاء المنطقة، بجهود ذاتية تماماً ودون تدخل من الجهات الحكومية.


واقع مقبرة الكدم وتهديد الزحف العمراني


تقع مقبرة الكدم في منطقة الكلائبة، وهي إحدى أبرز المناطق التاريخية في مديرية المعافر بمحافظة تعز، لسنوات طويلة، كانت هذه المقبرة تحتفظ برونقها وقدسيتها كمساحة مخصصة لدفن الموتى، إلا أن موجة الزحف العمراني الأخيرة التي شهدتها المنطقة بدأت تهدد وجودها، مع تنامي محاولات مواطنين لاقتطاع أجزاء من أراضيها لصالح البناء.

تأتي هذه الأزمة في سياق تزايد الضغط السكاني والنمو العمراني العشوائي في المديريات الريفية والحضرية على حد سواء، ما يضع المرافق العامة، بما فيها المقابر، في مواجهة مصير غامض في ظل ضعف الرقابة الحكومية.


مبادرة نزيه الطاهش: رؤية للحفاظ على المقدسات


أمام هذه التحديات، قرر نزيه محمد سفيان الطاهش، المعروف بدوره الاجتماعي ومكانته كأحد وجهاء المنطقة، التدخل لإنقاذ مقبرة الكدم من الضياع، وقد دشن الطاهش مشروع تسوير المقبرة، معتمداً بالكامل على تمويله وجهوده الذاتية، في خطوة تعكس وعيه بأهمية الحفاظ على المقدسات واحترام حرمة المقابر.

"لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام محاولات الزحف على أراضي المقبرة،" قال الطاهش في تصريح خاص، لصحيفة صدى الساحل مؤكدًا أن المبادرة جاءت نتيجة شعوره بالمسؤولية تجاه المنطقة وسكانها.


دور غائب لأوقاف مديرية المعافر


بالرغم من أهمية المقبرة كمرفق عام، يشير مراقبون إلى غياب دور مكتب الأوقاف في مديرية المعافر بشكل كامل، ما أتاح المجال لمحاولات استغلال الأراضي العامة دون رادع.

وأشار أحد سكان المنطقة إلى أن مكتب الأوقاف لم يقم بأي خطوة للحفاظ على المقبرة أو تعزيز الرقابة عليها، معتبراً أن الجهود الفردية، كجهود الطاهش، هي البديل الوحيد في ظل هذا الغياب.


تفاعل شعبي ومجتمعي مع المبادرة


لقيت مبادرة نزيه الطاهش استحسانًا واسعًا من قبل سكان المنطقة، الذين اعتبروا أن مثل هذه الجهود تمثل نموذجًا إيجابيًا لما يمكن أن يحققه التعاون المجتمعي، وأشاد العديد من الأهالي بالمشروع، واصفين إياه بأنه خطوة ضرورية لحماية حرمة الموتى والحفاظ على هوية المنطقة.

"نحن ممتنون لما يقوم به الطاهش، هذه المبادرة تؤكد أن لدينا أفرادًا يتحملون المسؤولية عندما تعجز الجهات الرسمية،" قال أحد سكان الكلائبة.


دعوات لتعميم المبادرات الفردية وتفعيل دور الجهات الرسمية


أثارت مبادرة تسوير مقبرة الكدم دعوات واسعة لتفعيل دور الجهات الرسمية في حماية المرافق العامة، كما دعا ناشطون المجتمع المدني والسلطات المحلية إلى دعم مثل هذه المبادرات الفردية وتعميمها في مناطق أخرى.

وأكدت مصادر محلية أن مشروع الطاهش يجب أن يكون نموذجًا يحتذى به، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الممتلكات العامة نتيجة النمو العمراني العشوائي.

وفي وقت تتراجع فيه الأدوار الحكومية لحماية المرافق العامة، تبقى المبادرات الفردية مثل مشروع نزيه محمد سفيان الطاهش لتسوير مقبرة الكدم شاهدًا على دور المجتمع في حماية مقدراته وهويته.

ومع استمرار التحديات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتحرك الجهات الرسمية لدعم مثل هذه الجهود، أم ستظل المقابر وغيرها من المرافق العامة رهينة الإهمال والزحف العمراني؟