صدى الساحل - كتب / خالد علي الجعمي
منذ عقود، واليمن يعاني من تدخلات خفية تهدف إلى تفكيك نسيجه الوطني وتمزيق وحدته السياسية. ومع تتبع مسار الأحداث، يظهر جليًا أن التنظيم السياسي لجماعة الحوثي هو المحرك الأساسي وراء اتساع رقعة الخلاف بين الفرقاء السياسيين، حيث استغل الأحزاب والمكونات الوطنية لاختراقها من الداخل،وقام من خلال أدواته بزرع الخلافات، وتعميق الفجوة بين أبناء اليمن، في إطار مخطط مدروس يهدف إلى الوصول إلى السلطة بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب دماء اليمنيين واستقرار وطنهم.
الاختراق السياسي وتفكيك المكونات الوطنية بدأ منذ وقت مبكر عندما بدأت جماعة الحوثي باستخدام استراتيجيات خبيثة لاختراق الأحزاب السياسية والسيطرة على مراكز القرار داخلها. حيث عملت هذه الجماعة على دس عناصرها في مختلف التوجهات السياسية والدينية وبدت وكأنها جزء من التعددية السياسية، والمكونات الدعوية، لكنها في الواقع كانت تخطط لخلق صراعات داخلية تدفع الأحزاب والجماعات إلى الانقسامات، مما يعطل أي جهود للتوافق الوطني، ومع كل محاولة لليمنيين للوصول إلى تسوية، كانت الجماعة تتدخل بأساليبها المعهودة، فتؤجج الخلافات من خلال أدواتها الإعلامية والسياسية، وتنشر الشائعات، وتحرض طرفًا على آخر، لتبقى الفوضى قائمة، وهو ما يخدم مشروعها القائم على الوصول إلى السلطة والاستفراد بها وإقصاء الجميع هذا النهج المتشدد والتآمر المستمر
لطالما أظهرت جماعة الحوثي ومن خلال خلاياها إلى خلق مواقف متشددة في كل محطة سياسية كان من الممكن أن تؤدي إلى تهدئة الصراع وكانت هذه المواقف جزءًا من استراتيجيتها لإبقاء اليمن في حالة نزاع دائم، بحيث لا يكون هناك فرصة لتوحيد الصف الوطني، وعبر غرف عمليات تديرها إيران، كانت الجماعة تضع الخطط لإفشال أي توافق وطني، بهدف استنزاف جميع القوى السياسية والعسكرية، والدعوية والقبلية حتى تحين لحظتها المناسبة للانقضاض على الدولة والمجتمع، ومن أبرز الأدلة على هذا المخطط الحوثي هو الفجور في الخصومة السياسية عند بعض القيادات الحزبية والعلمية، حيث تعمد الجماعة إلى زرع عناصرها في مختلف الأحزاب والجماعات ليقوموا بإثارة الفتن والاختلافات، حتى إنهم يظهرون أحيانًا بمواقف متناقضة، لكن هدفهم الحقيقي هو جرّ الجميع إلى صراعات داخلية تُضعفهم وتُشغلهم عن معركتهم الحقيقية لاستعادة الدولة اليمنية، كما أن هؤلاء العناصر يتبنون خطابًا تصعيديًا ضد أي محاولة للصلح أو التوافق، وينشطون في استغلال الأحداث لإذكاء الانقسامات. وعندما يرى اليمنيون أنهم يقتربون من حل، تعمل هذه العناصر على إفساده من خلال الدسائس والمؤامرات الإعلامية والسياسية، إن هذه الحقائق تستوجب من جميع أبناء اليمن، بمختلف أحزابهم ومكوناتهم، الحذر الشديد من هذا التنظيم السلالي الطائفي، الذي يعمل على تمزيق البلاد خدمةً لأجندات خارجية. لقد آن الأوان لليقظة الكاملة، والتمييز بين الخلافات السياسية الطبيعية، وبين تلك التي يُراد منها إضعاف الصف الوطني.
والمعركة القادمة ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة وعي، تتطلب من الجميع فضح مخططات هذا التنظيم، وكشف عناصره، وعدم الانجرار خلف دعاياته التحريضية. ووحدة اليمنيين هي السلاح الأقوى ضد هذا المشروع التدميري، ولن يكون هناك خلاص إلا بالتحذير منهم، وإفشال مخططاتهم، والاستعداد الكامل لمعركة استعادة اليمن من براثن هذه الجماعة.
لقد استطاع التنظيم الحوثي، عبر سنوات من العمل السياسي الخفي، أن يُدخل اليمن في دوامة من الصراعات الداخلية، لكن إدراك اليمنيين لحقيقة هذا المخطط هو الخطوة الأولى نحو إفشاله. والتاريخ لن يرحم من يتخاذل في هذه اللحظة الفاصلة، فالوطن بحاجة إلى كل وطني غيور يعمل من أجل استعادة سيادته ووحدته، بعيدًا عن مؤامرات المتسللين في صفوفه.