اخبار وتقارير

السبت - 19 أبريل 2025 - الساعة 10:01 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - كتب/ عبده مخاوي

تهامة تنزف… ولكن النزيف هذه المرة ليس دمًا فقط، بل كرامة تُسفك كل يوم.

الحديدة ليست مجرد محافظة ساحلية تحت سيطرة الحوثيين، بل مدينة مخطوفة بالكامل: الأرض، البحر، الهواء، وحتى أرواح أهلها. الخطف هنا ليس فقط بالخنادق والسلاح، بل بخنق الحياة ذاتها. وكل دقيقة تمر، يموت فيها شيء من الإنسان التهامي: أمله، صوته، حقه، وكرامته.

مَن يحرّر الحديدة اليوم لا يُنقذ جغرافيا، بل يُنقذ شعبًا يُدفن حيًّا تحت ركام الخوف والقمع والتجويع. لهذا، التحرير لم يعد خيارًا سياسيًا، بل صار ضرورة إنسانية.

منذ اتفاق ستوكهولم، تجمّدت الحديدة في مشهد انتظار قاتل. لا حرب تنهي المأساة، ولا سلام يوقف نزيفها. فقط الناس هناك… يموتون ببطء. بينما الميناء تحوّل إلى شريان لتهريب السلاح لا الغذاء، وإلى منصة تهديد بدل أن يكون منارة أمل.

كل ذلك، والإنسان هناك لا يُستشار، لا يُمثَّل، لا يُسمع. يُختصر وجوده في صورة طفل جائع، أو عجوز يشكو انقطاع الماء. لكن أحدًا لا يسأل: لماذا؟ من يمنعه عن الحياة؟ من صادر قراره ومصيره ومستقبله؟

الجواب واضح: الحوثي هو الخنجر المغروس في خاصرة تهامة.
جعل من الحديدة رهينة، ومن أهلها رهائن. سجنهم داخل مدينتهم، وجعل البحر بوابة حصار، لا نافذة نجاة.

ولأن المعركة هنا ليست عسكرية فقط، بل أخلاقية، فإن تحرير الحديدة واجب يتجاوز الجيوش والسياسة. إنه صرخة إنسان في وجه الظلم.

نحن لا ندعو لحرب، بل لإنهاء حرب مفروضة، تشنّها جماعة مسلحة على شعب أعزل.
لا نطلب انتقامًا، بل عدالة.
لا نبحث عن انتصار عابر، بل عن حرية دائمة.

والسؤال الآن: إلى متى هذا الصمت؟
هل تبقى الحديدة رهينة إلى الأبد؟
هل يُترك أهلها يموتون في الظل، لأن اتفاقًا سياسيًا قرر ذلك منذ سنوات؟

التحرير ليس رفاهية، وليس مقامرة. إنه حق، والتأخّر فيه جريمة.

وفي النهاية، ربما لا نملك قوة الطائرات، ولا نفوذ القرارات الدولية، لكننا نملك الكلمة. وواجبنا أن نستخدمها. لا لنستعرض مأساة الحديدة، بل لنُطالب بتحريرها. من أجل مينائها، نعم. من أجل موقعها، ربما. لكن أولًا وأخيرًا، من أجل الإنسان.

تهامة لا تطلب المستحيل… فقط أن تعود إلى أهلها، ويعود أهلها إليها أحرارًا.