صدى الساحل - بقلم / ياسر غيلان
منذ تعيينه مبعوثًا أمميًا إلى اليمن، أثبت هانس غروندبرغ أن مهمته الحقيقية لم تكن أبدًا دفع عملية السلام أو حماية المدنيين، بل كانت، وبكل وضوح، حماية مليشيا الحوثي وتمكينها سياسيًا وعسكريًا، حتى في أحلك لحظات انكشافها. لقد تحوّل هذا المبعوث من وسيط مزعوم إلى منسق إنقاذ دائم للجماعة الإرهابية، سواء في الميدان العسكري أو في دهاليز السياسة الدولية لتستطيع القول إنه من تحول من وسيط أممي إلى مظلة سياسية لمليشيا إرهابية
غروندبرغ وإنقاذ الحوثيين من الهزيمة
لن ينسى اليمنيون كيف تدخل غروندبرغ في اللحظات الأخيرة من معركة الحديدة ليجمّد المعركة عبر اتفاق ستوكهولم، منقذًا المليشيا من انهيار وشيك. لم يُنفّذ الحوثيون أي بند من بنود الاتفاق، ومع ذلك، لم يتحرك المبعوث خطوة واحدة للمحاسبة، بل استمر في تقديمهم كشريك "مضطهد" في العملية السياسية.
ومع كل مرحلة حرجة تمر بها المليشيا، تجد أن هانس غروندبرغ يظهر فجأة بقلق بالغ، ويبدأ بالتحركات والبيانات و"الوساطات"، والتي تنتهي كلها بنتيجة واحدة: إنقاذ الحوثي، وتمديد عمر مشروعه الطائفي.
الهدن الكاذبة وإعادة ترتيب الصفوف
في كل مرة يُعلن فيها عن هدنة، يكون الهدف الحقيقي - كما أثبتت التجربة - هو منح الحوثيين الوقت الكافي لإعادة ترتيب صفوفهم، وتجميع السلاح، وتجنيد الأطفال، وإعادة التموضع العسكري. بينما يُمنع الجيش الوطني من التحرك، وتُقيد عملياته، يكون الحوثي قد تسلم دفعة جديدة من المسيّرات والصواريخ الإيرانية.
التواطؤ المكشوف مع الإرهاب
وبعد التصنيف الأمريكي الأخير للحوثيين كجماعة إرهابية، لم يُظهر غروندبرغ أي موقف جاد يتماشى مع الموقف الدولي. بل على العكس، تدخل بشكل غريب للسماح لناقلة نفط بالمرور إلى ميناء رأس عيسى الخاضع للحوثيين، قبل ساعات من قصف أمريكي متوقع على ذات الميناء، في مشهد يعكس عمق التنسيق بين الرجل والجماعة المصنفة.
وفي الوقت الذي يتلقى فيه الشعب اليمني الضربات والمؤامرات من كل اتجاه، يلتقي المبعوث في مسقط بمحمد عبدالسلام، المتحدث باسم المليشيات، لبحث وقف الحرب، مبدياً قلقه - لا من معاناة اليمنيين تحت حكم الحوثيين - بل من "الضربات الأمريكية" ضد الجماعة الإرهابية!
تاجر حرب ببدلة دبلوماسية
غروندبرغ ليس مجرد مبعوث فاشل، بل هو مستفيد مباشر من استمرار الحرب. يتقاضى مبالغ ضخمة، ويحصل على مكافآت سخية كلما طال أمد الصراع. وكل جلسة جديدة في مجلس الأمن تُعقد لإطالة أمد الأزمة، تُعني له تقريرًا جديدًا، وميزانية جديدة، ومبررًا للبقاء في موقعه. باختصار: الرجل تاجر حرب ببدلة دبلوماسية.
رسالة للحكومة الشرعية: لا تستقبلوه.. واحسموا المعركة
اليوم، يجب على الحكومة اليمنية الشرعية أن تتخذ موقفًا شجاعًا ومسؤولًا تجاه هذا المبعوث المنحاز. لا مبرر لاستقباله، ولا مبرر للتعامل معه، طالما أنه يتصرف كغطاء سياسي للمليشيات الإرهابية. لا حوار مع أدوات إيران، ولا مكان لمن يحتمي بالأمم المتحدة ليبيع أوهام السلام بينما يرعى الحرب ويجني ثمارها.
إن الطريق الوحيد لإنهاء الحرب هو الحسم العسكري، وتحرير اليمن بالقوة، لا عبر موائد العبث الأممي. وقد آن أوان أن تدرك الحكومة أن بقاء غروندبرغ في المشهد هو بقاء للحوثي، وتأجيل لتحرير صنعاء.