كتابات وآراء


الإثنين - 30 سبتمبر 2024 - الساعة 09:21 م

كُتب بواسطة : د. عبدالحميد سيف - ارشيف الكاتب






في عالمٍ يعصف به الصراعات والتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، تتجلى أهمية العمل الإنساني كبريق امل من اجل المحتاجين والمستضعفين حول العالم، يستدعي استنهاض جهود الإنسانية في مواجهة هذه التحديات.

في قلب هذا المشهد، تبرز المملكة العربية السعودية كفاعل انساني عالمي مؤثر تعكس بجلاء دورها الريادي في خدمة الإنسانية، وليس بمستغرب أن تكون المملكة الحاضرة بقوة في مثل هذه المواقف، كون العمل الإنساني قيمة أصيلة وراسخة حكومة وشعبا وليس وليد اللحظة، فهو امتداد طبيعي لتلك الجذور التاريخية العريقة التي رسخت قيم التكافل والتراحم في نفوس أبنائها.

وقد استمر هذا النهج على مر العصور فهي المركز المحوري للرسالة الإنسانية العالمية الخاتمة القائمة على الخير والعطاء والرحمة على مر العصور، وقد استمر هذا النهج برؤية انسانية ترسخت في نسيج المجتمع منذ تأسيس المملكة قبل 94 عاماً، ليصبح الإنسان محور هذا البلد المبارك، وجزءاً أصيلاً من الهوية الجمعية للمملكة بصورة رسمية وشعبية واهلية، التي جعلت من المملكة مكانة بين الأمم كقائد إنساني على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي.

وتعزيزا لهذا النهج أولت المملكة البعد الإنساني جل اهتمامها خلال السنوات الماضية، حيث جعلت الرؤية الانسانية للمملكة ضمن الرؤية العامة للمملكة 2030، لتكسبها بُعدًا إنسانيًا واسعًا يتجاوز حدود المملكة.

حيث تم انشاء العديد من المؤسسات والمبادرات والبرامج الانسانية والشراكات المجتمعية لتعزيز هذا الرؤية، ويعد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أحد أبرز نتائج هذه الرؤية، حيث يقوم بتنسيق الجهود الإغاثية للمملكة وتقديم الدعم للمحتاجين في جميع أنحاء العالم و تعزيز الشراكات مع المنظمات الاممية والإقليمية العاملة في المجال الإنساني.

وخصصت المملكة ميزانيات ضخمة لدعم البرامج النوعية لتحقيق اهداف التنمية المستدامة وكذلك الاستجابة السريعة والفعالة للأزمات الإنسانية، مما جعلها شريكًا موثوقًا به في المجتمع الدولي، محققة مرتبة متقدمة بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم.

وقد بلغت قيمة المساعدات السعودية مئات المليارات من الدولارات، غطت العديد من المشاريع الاغاثية والتنموية العابرة للحدود في القطاعات الصحية والتعليمة والبنية التحتية، ولم يقتصر العمل الانساني على الجهود الرسمية فحسب بل برز الظهور الاخوي والانساني للشعب الكريم والمؤسسات الخيرية الفاعلة في تحقيق هذه الرؤية الانسانية.

ومنها على سبيل الحصر لا التعميم، الندوة العالمية للشباب الإسلامي أحد أهم الجهات التي تساهم بشكل فعال في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، ببعدها الانساني، من خلال دعمها للعديد من البرامج والمبادرات الاغاثية والتنموية وبناء وتمكين الشباب، ليعكس هذا الدور جهود المملكة في تعزيز الشراكة المجتمعية، والمساهمة في ابراز الجهود الانسانية العالمية للمملكة كقيمة كريمة تنبض بأصالتها من بلد الحرمين فتتدفق خيرا وعطاء معززة حق الانسان في الحياة والعيش الكريم.

ويسعدني في الذكرى 94 لتأسيس المملكة العربية السعودية أن اتقدم بخالص التهاني والتبريكات لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الامير محمد بن سلمان والشعب السعودي الكريم.. ولتكن الذكرى 94 كمناسبة وطنية محلية معراجا تحلق من خلالها المملكة في سماء الإنسانية، والمضي بثبات وعزم لتعزيز الارث التاريخي الشامخ المزدان بالرسالة العالمية الانسانية الخالدة، نحو الغاية التي ينشدها الجميع.

عالم يسوده العدل ويعيش فيه الجميع بحب وسلام.. وإن كانت التحديات كبيرة والازمات التي نشهدها اكثر تعقيدا، ينبغي أن يكون القائد الإنساني أشد تحديا وإصرارا لتجاوز الصعاب من اجل تعزيز رؤيته الاصيلة كرائد عزيز حكيم، لشعب كريم وبلد مبارك يمثل قلب العالم والمركز المحوري الذي تهوي إليه الافئدة والارواح.. رحمة للعالمين.