السبت - 14 ديسمبر 2024 - الساعة 02:28 م
بعد ثلاثة عشر عاما من النضال المستمر والآلام التي عانى منها الشعب السوري، تشهد سوريا اليوم، يوماً مفصلياً وتاريخيا يفصل بين عهد الظلم والاستبداد وعهد الأمل والحرية، إنه اليوم الأول لسوريا الجديدة، سوريا التي تخلَّصت من قبضة آل الأسد، لتفتح صفحة مشرقة في تاريخها الطويل.
منذ عام 2011، خرج السوريون إلى الشوارع حاملين شعارات الحرية والعدالة، مطالبين بحياة كريمة خالية من القمع والفساد، كانت تلك الصيحات البداية لثورة ستُخلد في ذاكرة الإنسانية كإحدى أعظم حركات التحرر في العصر الحديث.
لكن ما كان حلماً مشرقاً اصطدم بجدار الاستبداد، إذ رد نظام الأسد على أصوات الشعب بأبشع وسائل القمع، القصف العشوائي، التهجير القسري، استخدام الأسلحة الكيماوية، والاعتقالات التعسفية كانت كلها أدوات استخدمها النظام لإخماد الثورة، ومع ذلك، لم تُكسر إرادة السوريين، الذين استمروا في النضال رغم كل الصعاب، حاملين شعلة الحرية التي أضاءت ليل الاستبداد.
واليوم، يسدل الستار على حكم آل الأسد الذي استمر لعقود طويلة ملأتها الانتهاكات والاستغلال، سقط النظام الذي رسخ حكمه على القمع والفساد، ليصبح هذا اليوم نقطة تحول جذرية في مسار سوريا، إنه ليس مجرد نهاية حقبة استبداد، بل هو بداية لعهد جديد يحمل الأمل والكرامة للشعب السوري.
رغم الفرحة الغامرة بالتحرر، فإن سوريا الجديدة تقف أمام تحديات ضخمة تتطلب تضافر الجهود لتحقيقها، إعادة بناء الوطن ليست مجرد إعادة إعمار ما دمَّره القصف والحروب، بل هي أيضاً بناء مجتمع متماسك يقوم على أسس العدالة والمساواة.
إن السوريون اليوم أمام فرصة لإعادة صياغة دولتهم بشكل يعكس تطلعاتهم وأحلامهم، يجب أن يُبنى المستقبل على قيم التسامح واحترام حقوق الإنسان، وأن يكون الدستور الجديد ضمانة لحياة ديمقراطية تُمكِّن الجميع من المشاركة في صناعة القرار.
ماحققته الثورة السورية اليوم من انتصار مسنود ومدعوم بالإرادة والعزيمة الشعبية، هو رسالة أمل لكل شعوب العالم: أن الطغيان مهما طال أمده لا بد أن ينتهي، وأن إرادة الشعوب أقوى من أعتى الأنظمة، لقد أثبت السوريون أن الحرية ليست مجرد شعار، بل هي جوهر الحياة التي تستحق كل تضحية كما أن هذا الانتصار يحمل للعالم مسؤولية أخلاقية كبيرة تجاه دعم سوريا الجديدة في جهودها لإعادة البناء وإحلال السلام الدائم.
الآن، ومع إشراقة شمس الحرية، تبدو سوريا أمام مستقبل مليء بالفرص، ستكون السنوات القادمة امتحاناً حقيقياً للشعب السوري، لكنه امتحان يحمل في طياته الأمل في بناء دولة تقوم على أسس العدالة والكرامة، إنها لحظة تاريخية تعيد رسم ملامح سوريا المدنية الحديثة، حيث لا مكان للاستبداد والظلم، بل مكان تتسع فيه الحرية لكل أبنائها.
سوريا اليوم تُسطِّر فصلاً جديداً في تاريخها، فصلاً ينبض بالحرية والحياة. بعد ثلاثة عشر عاما من الألم والصمود، باتت سوريا الثورة حقيقة واقعة، ومعها يُعلن الشعب السوري للعالم أن التغيير ممكن، وأن الأمل أقوى من اليأس، ولذا فإن سوريا الحرة تنادي أبناءها جميعا للمشاركة في بنائها، ولتكون نموذجا عالميًا للصمود والتحرر، ومن هنا، يبدأ فصلٌ جديد، مليء بالطموحات والفرص، نحو مستقبل أكثر إشراقًا.