كتابات وآراء


الأحد - 23 مارس 2025 - الساعة 01:17 ص

كُتب بواسطة : الإعلامي / منور مقبل - ارشيف الكاتب






في أزمنة الصراعات الكبرى، تتداخل القيم الأخلاقية مع الواجبات الوطنية، مما يخلق حالة من الالتباس حول طبيعة الفعل المقاوم. هل هو فعل أخلاقي أم واجب وطني؟ هنا، يصبح من الضروري أن نعيد تعريف مفاهيمنا حول الواجبات الوطنية والحقوق الوجودية. الحروب لا تُسقط الحقيقة فقط، بل تُخرس الأخلاق أيضًا، إذ تُستبدل القيم الإنسانية بالدعاية والكذب، وتُبرر الجرائم تحت شعارات مثل "حق الدفاع عن النفس". حيث تُستخدم الشعارات الأخلاقية لتبرير الأفعال الإجرامية، بينما تكمن الحقيقة في مواجهة هذه الأفعال باعتبارها ضرورة وجودية ووطني وهكذا، تُستخدم الأخلاق كأداة سياسية، تُختزل في عبارات تُحيّد النقاش الحقيقي حول العدالة والإنسانية.

الأخلاق ليست مجرد مبادئ فوقية تُشتق منها الأحكام، بل هي نتاج لطبائع إنسانية أساسية مثل التمسك بالحياة والنفور من الألم. ومع ذلك، نجد أن الأخلاق، في سياق الصراعات، قد تصبح الأخلاق أداة للتبرير أو التحييد، مما يجعلها غير كافية كأساس لتحديد طبيعة الفعل المقاوم. الأخلاق ليست دائمًا الدافع الأساسي للفعل البشري، بل هي أداءة تُستخدم أحيانًا لتبرير أفعال مدفوعة بدوافع أخرى، مثل حب السيطرة أو الرغبة في الانتقام.

وفي مواجهة المشروع السلالي الحوثي، الذي يسعى إلى تقويض أسس الدولة اليمنية وطمس الهوية الوطنية، يجب أن ندرك أن هذه المواجهة مبنية على مبدأ الواجب الوطني والحق وجودي؛ لأن القول بأنها قضية أخلاقية يجعلها قضية تحمل فنائها في داخلها، الأخلاق، بطبيعتها، متغيرة وقابلة للتأويل، بينما الواجب والحق الوجودي هما ثابتان لا يخضعان للتغيرات الزمنية أو السياقات السياسية. مشروع الحوثي ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لفكر كهنوتي سلالي يسعى إلى فرض نظام يقوم على التمييز العرقي والديني. الحوثيون، الذين يدّعون أنهم "أصحاب الحق الإلهي" في الحكم، يسعون إلى تقويض أسس الجمهورية اليمنية واستبدالها بنظام ثيوقراطي يُكرّس السلطة في يد فئة معينة بناءً على النسب والسلالة. إنه مشروع لا يقتصر على كونه حركة سياسية أو عسكرية، بل هو منظومة أيديولوجية تسعى إلى إعادة صياغة اليمن وفق رؤية سلالية كهنوتية تُقصي الآخر وتُكرّس التمييز. هذا المشروع لا يهدد فقط الحاضر، بل يمتد ليهدد مستقبل الأجيال القادمة، حيث يسعى إلى فرض رؤية أحادية تُقصي الآخر وتُكرّس الانقسام. في هذا السياق، تصبح مواجهة الحوثي واجبًا وطنيًا وحقًا وجوديًا، يتجاوز حدود الأخلاق إلى ضرورة الحفاظ على كيان الدولة ومصير الشعب.

في ظل هذا التهديد الوجودي للشعب اليمني والهوية الوطنية، تصبح مواجهة الحوثي واجبًا وطنيًا لا يرتبط بالاعتبارات الأخلاقية فقط، بل بالحق الطبيعي للشعوب في الدفاع عن كيانها وهويتها. الأخلاق قد تكون متغيرة، لكنها لا تكفي لتبرير الأفعال في زمن الصراع. مواجهة المشروع الحوثي ليست خيارًا، بل هي ضرورة وجودية للحفاظ على مبادئ الجمهورية. إنها معركة للحفاظ على الكرامة والحرية، ولضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.


الواجب الوطني والحق الوجودي هما ثابتان يُشكلان الأساس لمواجهة التحديات التي تهدد كيان الهوية الوطنية للشعب اليمني. وهنا، يمكننا أن نستنتج أن مواجهة الحوثي لا يمكن أن تُختزل إلى فعل أخلاقي، لأن الأخلاق قد تُستخدم لتبرير أفعال الجماعة نفسها، أو قد تُحيّد في لحظات معينة لصالح مصالح سياسية أو سياقات دولية. الأخلاق، قد تكون نسبية، بينما الواجب الوطني والحق الوجودي هما مطلقان في سياق الدفاع عن الوجود الإنساني والهوية والثقافة الوطنية. مواجهة هذه الجماعة واجب وطني وحق وجودي يجب أن يدركه كافة أبناء الشعب اليمني. في حالة المواجهة من العصابة السلالية، يمكن أن تُستخدم القيم الأخلاقية لتبرير أفعال هذه السلالة الكهنوتية، بينما الحقيقة هي أن هذه الجماعة تسعى لتدمير الهوية الوطنية واستبدالها بأفكار طائفية مدمرة. وهذا ما يدفعنا للقول بأن: القيم الأخلاقية غالبًا ما تتقاطع مع المشاعر الإنسانية، مثل الشعور بالإذلال أو الكبرياء، مما يجعلها عرضة للتلاعب.

الواجب الوطني لا يخضع للتأويل أو التغيير، لأنه مرتبط بوجود الدولة واستمرارها. إذا كانت الأخلاق قد تتغير بتغير السياقات، فإن الواجب الوطني يظل ثابتًا، لأنه يتعلق بالحفاظ على الكيان السياسي والاجتماعي الذي يضمن بقاء الأمة. ومواجهة الحوثي ليست مجرد دفاع عن الدولة، بل هي أيضًا دفاع عن وجود الشعب اليمني وهويته. الحوثي يمثل تهديدًا وجوديًا لأنه يسعى إلى فرض مشروع طائفي يمزق النسيج الاجتماعي ويقوض أسس التعايش. في هذا السياق، يصبح الدفاع عن النفس حقًا وجوديًا لا يمكن التنازل عنه.

التأكيد على أن مواجهة الحوثي واجب وطني يُسهم في توحيد الصفوف وتعزيز التضامن بين أبناء اليمن. الواجب الوطني لا يُفرق بين أبناء الوطن بناءً على انتماءاتهم السياسية أو الاجتماعية، بل يجمعهم تحت راية واحدة هي راية الدفاع عن الجمهورية. هذا الإطار الوطني يُعزز من قدرة المجتمع على الصمود في وجه التحديات، ويُكرّس قيم الوحدة والتضامن في مواجهة المشروع السلالي.

إلى جانب الواجب الوطني، تأتي فكرة الحق الوجودي كإطار فلسفي يُبرر مواجهة المشروع الحوثي. الحق الوجودي هو حق الشعوب في الدفاع عن كيانها وهويتها وكرامتها. الحوثي يمثل تهديدًا لهذه الحقوق، حيث يسعى إلى فرض نظام يقوم على التمييز والإقصاء. في ظل هذا التهديد، يصبح الدفاع عن الهوية اليمنية، ومواجهة هذه الجماعة ليس فقط واجبًا وطنيًا، بل أيضًا حقًا وجوديًا للشعب اليمني. يجب أن تكون المواجهة مع الحوثي مبنية على واجب وطني وحق وجودي، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية كجزء من الهوية الوطنية، الدفاع عن الهوية الوطنية، واجبًا يتجاوز الأخلاق الفردية ليصبح مسؤولية جماعية. مواجهة الحوثي ليست مجرد فعل أخلاقي، بل هي ضرورة وطنية لحماية الهوية والوجود.

مواجهة الحوثي ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي أيضًا معركة وعي. الحوثي يسعى إلى تقويض الهوية الوطنية وفرض مشروع طائفي، مما يجعل من الضروري بناء وعي وطني يعزز الوحدة والتضامن. هذا الوعي يجب أن يقوم على إدراك أن المواجهة ليست خيارًا أخلاقيًا، بل هي واجب وطني وحق وجودي. بناء الوعي الوطني يتطلب تعزيز القيم الوطنية والهوية الجامعة، وتثقيف الشعب بمخاطر المشروع الحوثي. هذه الجهود يجب أن تكون جزءًا من استراتيجية شاملة لمواجهة الحوثي، تتضمن العمل العسكري والسياسي والثقافي.


في النهاية، يجب أن ندرك أن مواجهة الحوثي ليست مجرد فعل أخلاقي، بل هي واجب وطني وحق وجودي للشعب اليمني. القول بأنها واجب أخلاقي قد يميع القضية، إذ يمكن أن تتغير القيم الأخلاقية مع الزمن، بينما يبقى الواجب الوطني ثابتًا لا يتغير. لذا، يجب أن تكون المواجهة مع الحوثي مبنية على أساس الدفاع عن الوطن والهوية، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية كجزء من الهوية الوطنية.