الثلاثاء - 25 مارس 2025 - الساعة 01:23 ص
في قلب اليمن الذي أثقلته الحروب وأدمت أيامه بجراح عميقة، ترتقي فكرة العطاء لتتحول من فعلٍ مادي إلى قوة وجودية تُعيد صياغة مفهوم الإنسانية. ومن بين تلك التجارب النادرة التي تحمل هذا العمق الفلسفي، تبرز "الخلية الإنسانية" (HAC) تحت قيادة عبدالله الحبيشي كمنارة أمل تُضيء ظلام المعاناة، وتُعيد تعريف العطاء بكونه رسالة تتجاوز حدود الزمن.
طوال سنوات، لم يسبق أن شاهدت عملًا إنسانيًا ممنهجًا يتسم بهذا القدر من الذكاء والرؤية العميقة مثل ما تُقدمه الخلية الإنسانية تحت قيادته. هذه الفكرة النبيلة وطريقة تجسيدها، تكاد تكون أكثر المشاريع الإنسانية إلهامًا، وتتربع على رأس النشاطات الخيرية في البلاد خلال السنوات الخمس الماضية.
أعمال الخلية الإنسانية لا تقتصر على تقديم الدعم المادي فحسب، بل تذهب أبعد من ذلك، إلى سبر أغوار الجراح الخفية، وإعادة الإنسان إلى جوهره الأول، حيث الأمل والكرامة. الحبيشي لا يرى في العطاء فعلًا مؤقتًا أو استجابة عابرة، بل يفهمه كعملية مستدامة تُعيد صياغة الواقع، لتحوّل الألم إلى طاقة نهضة، وتصنع من الضعف أساسًا لقوة متجددة.
قيادة الحبيشي للخلية الإنسانية ليست مجرد إدارة تقليدية؛ إنها تجسيد لرؤية تنطلق من الإيمان بأن الكرامة ليست امتيازًا يمنح، بل حق أصيل لكل إنسان. بعبقريته المتقدة، جمع بين الإرادة الخلّاقة والذكاء العملي ليحوّل فكرة العمل الإنساني إلى ابتسامة تتجلى على وجوه المستضعفين، وإلى أمل يرسخ في قلوبهم. وكأنما يهمس لكل روح منهكة: "أنتم فرحتنا وسر وجودنا".
بهذه الرؤية المتفرّدة، أصبحت الخلية الإنسانية، بقيادته، نموذجًا للعمل الإنساني الذي لا يكتفي بإغاثة الأجساد، بل يتجاوز ذلك إلى إحياء معاني الفرحة والسعادة في الأرواح. إنها ليست مجرد مبادرات تقليدية، بل تجسيد فلسفي للإنسانية الأصيلة التي لا تُقاس بكمّ ما تُقدمه، بل بنوعية الحياة التي تُعيد بناءها. وبهذا الفهم الفريد، تُثبت الخلية أن العطاء ليس مجرد فعلٍ يُؤدى، بل هو رسالة حية تُعاش في كل تفاصيلها.
إن عمل الخلية الإنسانية لا يقتصر على سد الاحتياجات، بل هو تصميم جديد للحياة، يجمع بين الإبداع والرحمة. إنها صورة للعمل الخيري الحقيقي، ذاك الذي يُعيد للحياة بريقها، ويرسخ السعادة في قلوب الناس قبل وجوههم. وفي كل عملٍ للخلية، تُثبت للعالم أن الرحمة ليست ضعفًا، بل هي قوة خلاقة، وأن العطاء حين يُدار بحكمة يُصبح أرقى تجليات الإنسانية.
الحبيشي، بروحه التوّاقة للخير ووعيه الوقّاد، يفهم أن جوهر الإنسانية لا يُختزل في دعمٍ مادي عابر، بل يتجلى في استعادة الإنسان لنفسه، وفي علاج الجروح العميقة التي تحفرها الحياة في النفوس. إن رؤيته ترتكز على جعل العطاء فعلًا يُحرر الأرواح، ويُعيد لها إحساسها بالكرامة. يقود مشاريع الخلية الإنسانية كمن يرسم لوحة فنية تتداخل فيها الألوان، لتعكس تنوع الإنسان وألمه وآماله، فيرى في كل مبادرةٍ فرصةً لزرع ابتسامةٍ حقيقية في وجهٍ أرهقه اليأس، وفي كل مشروع حياةً تنبض من جديد.
ما يُميز قيادة الحبيشي للخلية هو قدرته الاستثنائية على تجاوز القيود التي فرضتها الحروب، والوصول إلى أكثر الأماكن احتياجًا مثل تعز والحديدة، في ظل أصعب الظروف. هذا النجاح الاستثنائي يعكس رؤية استراتيجية عميقة، تثبت أن العمل الإنساني ليس مجرد رد فعل على الظروف، بل هو تحدٍ لمنظومات الألم، ورسالة تتجاوز الظاهر لتصل إلى الجذور. في عيون الحبيشي، المعاناة ليست نهاية القصة، بل فصل أول في مشروعٍ أعمق يُعيد صياغة الإنسان، ويحرر المجتمع اليمني من اليأس.
الخلية الإنسانية، بقيادة الحبيشي، أصبحت نموذجًا حيًا للرؤية الإنسانية المتعمقة والرحمة الموجهة. إنها مشروع يعيد الحياة إلى قلوبٍ فقدت الأمل، ويُحولها إلى مصدرٍ جديدٍ للإشراق. إنها ليست أعمالًا خيرية، بل فلسفة تُعبر عن الروح اليمنية الرافضة للهزيمة، والباحثة دومًا عن السلام والكرامة.
من يقترب من أعمال الخلية الإنسانية، تحت إشراف الحبيشي، يُدرك أنها ليست مجرد مجموعة مشاريع. إنها فلسفة مكتملة تجمع بين الحكمة والعمل. في كل خطوة تخطوها الخلية، تُثبت أن العطاء ليس مجرد فعل آني، بل فلسفة متجذرة تحمل في جوهرها رسالة تتجاوز الدعم المادي لتصل إلى أعماق الأرواح. الحبيشي هو ذلك القلب الذي يُضيء الطريق، والعقل الذي يُعيد صياغة الواقع ليكون أكثر إنسانيةً وتراحمًا.