تهامة منكوبة...

مليشيا الحوثي تستهدف السفينة روبيمار و تُغرق اليمن

مليشيات الحوثي تغرق اليمن



كتابات وآراء


الإثنين - 10 فبراير 2025 - الساعة 03:38 م

كُتب بواسطة : الصحفي / عبدالله باصهي - ارشيف الكاتب




في خضمّ الأمل الذي يرجوه المواطن بعد اخر اتفاقيات وحوارات احتضنتها العاصمة السعودية الرياض ، حيث بدا أن الشعب اليمني يلوح بيده نحو مستقبلٍ أكثر نزاهة وعدالة، باتت الحقائق المُرة تُعيد لنا دروس التاريخ بكل قسوتها، ففي المناطق المحررة، التي كان من المفترض أن تكون نبراساً للشرعية والحكم الرشيد، تَجلّت ملامح أزمةً أعمق وأظلم من أيّ حقبة مضت.

على الرغم من الآمال الكبيرة التي رافقت كل التحركات الدبلوماسية والسياسية، فإن اليمن اليوم يعيش في خضمّ دورة لا تنتهي من الإحباط والفشل، فما بدأ كحراكٍ لتحرير الوطن من قيود الفساد المالي والإداري، تحول إلى مأساة سياسية واقتصادية حادة، إذ تدهورت الخدمات الأساسية بشكلٍ مقلق، وتراجعت مصادر الدخل إلى مستويات لا تُحسد عليها، وقد تجلى هذا التدهور في سلسلة التعيينات والإقالات التي لم تُحدث سوى تبدّل في الوجوه دون تغييرٍ جذري في السياسات أو النهج العام للإدارة او الحكم.

ثم يأتي السؤال المحوري الذي يُحيّر العقول: هل تكمن جذور الأزمة في شخصيات رؤساء الوزراء الحاليين أو السابقين وبعض الوزراء؟ أم أن الصورة الأوسع تشير إلى هيمنة هوامير الفساد الذين ينهبون المال العام دون رقيب، مُستغلين ضعف الأنظمة وسُوء الإدارة لتأمين مصالحهم على حساب مستقبل الوطن؟ إنّ نقص الإيرادات وضعف آليات توجيهها لخدمة المواطن، فضلاً عن تراكم الإخفاقات في الملفات الاقتصادية والخدمية، تضع اليمن أمام تحديات ضخمة تستدعي إصلاحات جذرية لا تقتصر على تغيير الكوادر فقط.

وفي هذا المشهد المأساوي، يبدو أن الإجراءات الإدارية العشوائية، من استبدال اعضاء الحكومه بكل سلمها الوظيفي وإقالة المسؤولين، لم تكن سوى محاولات مؤقتة لتغيير مظهر النظام دون أن تصل إلى صلب المشكلة، فالتجارب المتكررة تثبت أن التغيير الحقيقي يتطلب نهجاً يعالج الأسباب الجذرية للأزمة، بما في ذلك مكافحة الفساد بمفهومه الشامل، وإرساء قواعد الشفافية والمساءلة في كل قطاعات الدولة.

يستحق المواطن اليمني، الذي طالما حلم بحياة كريمة على أرض وطنه، أن يرى مستقبلًا يعاد فيه بناء الثقة بين الحكومة والشعب، وأن يُستبدل السياسيون الذين يعجزون عن خدمة الوطن بنظام حقيقي يضع مصلحة المواطن في قلب كل قرار، فليس من المجدي أن نُبدّل الوجوه إذا ظلت السياسات القديمة ترافقها نفس الممارسات الفاسدة والإدارة الضعيفة، بل يجب أن يكون هناك تغيير حقيقي في العقلية والنهج السياسي والاقتصادي.

إن الوطن اليوم بحاجة إلى إصلاح شامل يرتكز على محاسبة كل من يشارك في آليات الفساد، على تعزيز سيادة القانون، وعلى إعادة توزيع الإيرادات لخدمة المواطن بدلاً من استخدامها في تعزيز مصالح ضيقة، وهذا المسعى لن يتحقق إلا بإرادة سياسية صادقة وإرادة شعبية لا تعرف الكلل، تسعى إلى أن تكون الحكومة عاملةً بحق وليس مجرد جهة إدارية تترك الأمل يذبل مع كل يومٍ جديد.

في نهاية المطاف، يبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح على كل مسؤول: ما قيمة التعيينات والإقالات إذا لم تصحبها إصلاحات تُعيد لليمن كرامته ومكانته بين الأمم؟ فالطريق إلى الوطن الأفضل لا يُعبّد بتغيير الوجوه فقط، بل بإصلاح جُذور الفساد وتفعيل سياسات ترمي إلى استعادة الثقة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي يستحقها كل يمني.

ورغم كل هذه المعاناة، لا نرى أي تحرك جاد من الحكومة لإنقاذ الوضع، فبدلاً من أن تتفرغ لمعالجة مشاكل المواطنين، إذا بها تتصارع على السلطة والنفوذ.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، هل نحن أمام أزمة فساد أم أزمة إدارة؟ أم أننا أمام أزمة ضمير؟

إننا اليوم في أمس الحاجة إلى قيادة رشيدة قادرة على تحمل المسؤولية، و إعلاء مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى، قيادة تعرف كيف تحارب الفساد، وتعيد بناء مؤسسات الدولة، وتحقق العدالة الاجتماعية.
فهل نجد فينا هذه القيادة؟