اخبار وتقارير

السبت - 28 سبتمبر 2024 - الساعة 07:43 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل -سمير اليوسفي


قبل 22 عامًا، كنت في لبنان. الجنوب كان يحتفل بتحريره، وصور حسن نصر الله تملأ الشوارع. الرجل الذي وعد بتحرير القدس بات رمزًا للمقاومة، لكن اليوم، وبعد مقتله، يبدو أن المقاومة هُزمت أمام الفوضى والانقسامات.

نصر الله، الذي اختبأ 22 عامًا خلف الشاشات، واختفى في السرداب لسنوات منتظرًا “النصر”، هدد بتغيير المعادلات، لكنه قُتل مدفونًا في سردابه، كأنه المهدي المنتظر. لم يكن يتوقع أن ينتهي به المطاف مدفونًا تحت 14 طابقًا من الخرسانة. مقتله يُعد نهاية مرحلة كاملة من تاريخ لبنان.

هذا الزعيم، الذي حوّل حزب الله إلى كيان موازٍ للدولة، اختفى في الخفاء كما بدأ. بدلاً من أن يُسجَّل اسمه كبطل، ترك وراءه أزمة أكبر من أي مقاومة. حزب الله، الذي اغتال رفيق الحريري عام 2005، واجه مصيرًا مشابهًا.

إسرائيل، التي شاركت في اغتيال سليماني في العراق وقتلت هنية في طهران، دفنت نصر الله في لبنان. الرسالة واضحة: اليد التي قتلت كبار القادة لم تتردد في الوصول إليه. أنهت مهمتها عصر يوم الجمعة، لتكتفي بإعلان مقتله في عيدها الأسبوعي صبيحة يوم السبت.

تزامن إعلان مقتل نصر الله مع ذكرى وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر يثير التأمل. هل التاريخ يفضل إنهاء الفصول في نفس اليوم؟

ليلى عبداللطيف تنبأت بكل شيء، عدا مقتل نصر الله. فهل كان “رادار” التنبؤات معطلاً في الضاحية؟

وكالعادة، خرج المرشد الإيراني خامنئي ليقول: “لبنان سيجعل إسرائيل تندم”. نفس الأسطوانة المشروخة التي أطلقها بعد مقتل سليماني وهنية. يبدو أن المرشد يهدد من مخبأه، وكأن الإسرائيليين سيشعرون بالقلق.

خلال زيارتي قبل 22 عامًا، مررت بمغارة جعيتا، ووادي البردوني، وذهبت حتى بوابة فاطمة، رفقة زميل أصبح وزيرًا في حكومة الحوثيين. فهل سيتعلم الحوثيون من مصير نصر الله؟

الحوثي، أحد “إفرازات” نصر الله، يواصل تدمير اليمن بنفس العقلية الطائفية التي مزقت لبنان. وهو مجرد وجه آخر لتلك السياسة. من الضروري أن يستفيد المتحوثون من درس نصر الله ومقتله.

السؤال الآن: هل انتهت “المقاومة”؟ أم أن حزب الله سيجد من يعيد تكرار اللعبة؟ الحزب شبكة معقدة من التحالفات، لكنه يواجه تحديًا أكبر من أي وقت مضى. من سيملأ الفراغ؟ وهل سيظل الحزب واقفًا وسط الفوضى؟

تم الإعلان عن تولي نائبه ‘نعيم قاسم’ تسيير أعمال الحزب مؤقتًا، ومن المتوقع تعيين ‘هاشم صفي الدين’، ابن خالته وشبيهه في لثغة الراء، وصهر قاسم سليماني. يبدو وكأن اختياره تم بعناية من عائلة تحمل مواهب استثنائية في الفشل!

في النهاية، مقتل نصر الله يُنهي مرحلة من الصراع الإقليمي. الرجل الذي كان يقود “المقاومة” وُجد مقتولًا في خندقه. وبين برج البراجنة وحارة حريك، اللافتات التي كانت تُمجده تثير سؤالًا مريرًا: من التالي؟