اخبار وتقارير

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - الساعة 01:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي





في خطوة تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إطلاق خدمة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي في اليمن، ما فتح باباً واسعاً للتساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على واقع الاتصالات في البلاد، خصوصاً في ظل سيطرة الحوثيين المطلقة على هذا القطاع.

وبينما رحبت الحكومة اليمنية بهذه الخدمة معتبرة إياها نقلة نوعية للتواصل والاتصال في اليمن، عبر الحوثيون عن معارضتهم الشديدة، معتبرين إياها تهديداً لأمنهم القومي.

هذا التقرير الصحفي يسلط الضوء على موقف الحوثيين من الإنترنت الفضائي، ويفحص كيفية تأثير هذه الخدمة على سيطرتهم الاحتكارية لقطاع الاتصالات، إلى جانب توضيح الفوائد التي يمكن أن يجنيها المواطن اليمني من توفر الإنترنت الفضائي.

*سيطرة الحوثيين على قطاع الاتصالات في اليمن*

منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء في 2014، سيطرت مليشيات الحوثي على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها قطاع الاتصالات، الذي يعتبر رافداً أساسياً لاقتصادهم ومورداً مهماً لتمويل أنشطتهم. تحتكر شركة "يمن نت" الحكومية، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خدمات الإنترنت في المناطق الواقعة تحت نفوذهم، وتفرض رقابة صارمة على جميع الاتصالات والبيانات المتدفقة عبر شبكات الإنترنت.

تستخدم المليشيات هذه السيطرة لتعزيز قدراتهم على التجسس ومراقبة المعارضين السياسيين والمدنيين، وكذلك لكبح حرية التعبير والتواصل الحر بين المواطنين.

ووفقًا لتقارير صحفية وحقوقية عديدة، يعاني اليمنيون في المناطق الخاضعة للحوثيين من انقطاع متكرر للإنترنت، بطء شديد في السرعة، ورقابة صارمة تفرضها المليشيات.

في الواقع، تُعد الاتصالات والإنترنت في اليمن أداة رئيسية للحوثيين لمراقبة المعارضين وتصفية الحسابات السياسية.

*معارضة الحوثيين لـ "ستارلينك" واتهامات بالتجسس*

أثار إعلان إيلون ماسك عن إطلاق خدمة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي في اليمن ردود فعل قوية من قبل الحوثيين.

ووصف محمد البخيتي، العضو في المكتب السياسي للحوثيين، الخطوة بأنها "تهديد مباشر للأمن القومي" وانتهاك لسيادة اليمن، واعتبرها جزءًا من "الحرب التي تشنها أمريكا على اليمن". هذا الموقف يعكس خوف الحوثيين من فقدان سيطرتهم المطلقة على الاتصالات والإنترنت، حيث تتيح خدمة "ستارلينك" لليمنيين إمكانية الوصول إلى الإنترنت دون الحاجة إلى الاعتماد على البنية التحتية التي يسيطر عليها الحوثيون.

*كيف يمكن أن يحرر "ستارلينك" اليمنيين من التجسس الحوثي؟*

توفر خدمة الإنترنت الفضائي مثل "ستارلينك" القدرة على تجاوز القيود المحلية التي تفرضها الجهات المسيطرة على البنية التحتية للاتصالات.

ووفقًا للتقارير التقنية، فإن "ستارلينك" يعتمد على أقمار صناعية منخفضة المدار لتوفير الإنترنت للمستخدمين مباشرة، ما يعني أن الوصول للإنترنت لن يكون بحاجة إلى المرور عبر الخوادم المحلية التي يتحكم بها الحوثيون.

هذه التكنولوجيا قد تكون مفتاحًا لتحرير اليمنيين من الرقابة الصارمة التي تفرضها المليشيات على الاتصالات.

فهي تتيح لهم التواصل بحرية تامة بعيدًا عن أي رقابة أو تجسس، سواء كان ذلك في الأحاديث اليومية أو في تنظيم حملات سياسية أو اجتماعية مناهضة للحوثيين.

كما أنها تفتح الباب أمام نشر الوعي والإعلام المستقل، بعيداً عن قمع المليشيات للصحافة الحرة والإعلام المناهض لهم.

*الآثار الاقتصادية والاجتماعية لخدمة الإنترنت الفضائي*

تعتبر خدمة الإنترنت الفضائي من الحلول التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد والمجتمع في اليمن.

بفضل هذه التقنية، يمكن لليمنيين الحصول على اتصال إنترنت موثوق وسريع في المناطق الريفية والجبلية النائية التي تعاني من انعدام التغطية أو ضعفها. وفي بلد كاليمن، حيث تدمير البنية التحتية من قبل الحرب أدى إلى انقطاع واسع في الخدمات، سيكون الإنترنت الفضائي وسيلة حيوية لتحسين جودة الحياة وإحياء الاقتصاد المحلي.

على الصعيد الاقتصادي، ستسهم هذه الخدمة في فتح الباب أمام فرص العمل الحر، التعليم عن بعد، وتطوير الأعمال التجارية الصغيرة التي تعتمد على الإنترنت.

كما يمكنها أن تدعم قطاع التعليم، حيث سيتمكن الطلاب من الوصول إلى المعلومات والمواد الدراسية عبر الإنترنت، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.

*الحوثيون بين المخاوف الأمنية والضغوط الاقتصادية*

إن رفض الحوثيين لهذه الخدمة لا يعكس فقط مخاوفهم الأمنية، بل يشير أيضًا إلى إدراكهم للخطر الذي قد يشكله الإنترنت الفضائي على احتكارهم لقطاع الاتصالات.

فهم يستفيدون اقتصاديًا بشكل كبير من تحكمهم الكامل في هذا القطاع، حيث يجمعون مبالغ مالية طائلة من الضرائب والرسوم المفروضة على خدمات الاتصالات والإنترنت.

من المتوقع أن يؤدي توفر خدمة "ستارلينك" بأسعار معقولة إلى تقليص أرباح الحوثيين من هذا القطاع، خصوصًا إذا ما تبنت الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف هذه التقنية على نطاق واسع في المناطق المحررة.

ومع انخفاض عائدات الاتصالات، ستجد المليشيات صعوبة في تمويل عملياتها العسكرية وحملاتها الإعلامية.

*التحولات السياسية والإقليمية في ضوء هذه التطورات*

إن توفر الإنترنت الفضائي في اليمن قد يساهم في إعادة تشكيل المعادلة السياسية داخل البلاد.

ففي المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، سيكون من الأسهل بناء تحالفات مجتمعية وحملات توعية تتحدى أيديولوجيا الحوثيين وتفضح انتهاكاتهم.

كما أن توفر الإنترنت بحرية قد يُعزز من الأصوات المناهضة للمليشيات، ويفتح المجال أمام تنظيم صفوف المقاومة الشعبية.

تشكل خدمة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي خطوة حاسمة قد تغير قواعد اللعبة في الصراع اليمني.

في ظل احتكار الحوثيين لقطاع الاتصالات والإنترنت، فإن هذه الخدمة تمنح اليمنيين فرصة للتحرر من قيود الرقابة والتجسس، وتفتح الباب أمام تحسين حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.

معارضة الحوثيين لهذه الخدمة تعكس خوفهم من فقدان سيطرتهم المطلقة على قطاع الاتصالات، لكنها في الوقت ذاته تُبرز حجم التحول الذي قد يشهده اليمن في حال تمكن المواطنون من الوصول إلى الإنترنت بحرية بعيدًا عن سيطرة المليشيات.