اخبار وتقارير

السبت - 05 أكتوبر 2024 - الساعة 12:51 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي





في ظل أزمة اقتصادية خانقة ومعاناة متزايدة يعيشها المواطنون في محافظة تعز، تتفاقم الأوضاع مع فرض زيادة غير قانونية على أسعار الخدمات الأساسية، آخرها الغاز المنزلي.

بائعو الغاز والمواطنون في المدينة المحاصرة يجدون أنفسهم بين مطرقة تلاعب السلطات المحلية وسندان الظروف الاقتصادية الصعبة.

زيادة مفاجئة وغير قانونية

في نهاية سبتمبر الماضي، فرضت قيادة محور تعز العسكري، بالتنسيق مع محافظ المحافظة نبيل شمسان، زيادة غير معلنة بلغت 500 ريال على سعر أسطوانة الغاز المنزلي سعة 20 لتراً.

وبهذه الزيادة، ارتفع سعر الأسطوانة من 8500 ريال إلى 9000 ريال، في ظل غياب أي وثيقة رسمية تؤكد هذه الزيادة.

مصادر نقابية في نقابة مالكي وكالات الغاز بتعز أكدت أن هذه الخطوة جاءت بعد ضوء أخضر من محافظ تعز، رغم أنها لا تحمل أي مسوغ قانوني، الأمر الذي أدى إلى حالة من التوتر بين وكلاء الغاز والمواطنين المتضررين.

الجرحى ذريعة لفرض الجبايات


الزيادة السعرية لم تكن وليدة اللحظة، فقد بدأت محاولات فرضها قبل أشهر عندما تعرض مدير مكتب شركة الغاز في تعز بلال القميري لاعتداء من مجموعة محسوبة على الجرحى التابعين لألوية محور تعز، بهدف إجباره على إضافة مبلغ مالي يتم توجيهه لصالح الجرحى.

رفض القميري تلك المطالب بحجة أن تسعير الغاز هو من اختصاص رئاسة الوزراء وقيادة شركة الغاز في صافر.

ورغم رفض وكلاء الغاز لهذه الزيادة، إلا أن الأمر تطور ليصل إلى احتجاز مقطورات الغاز في نقاط عسكرية تابعة لمحور تعز، خاصة عند نقطة اللواء الرابع في مديرية المقاطرة.

بعد أيام من الاحتجاز والضغوطات المستمرة، تم السماح للمقطورات بالمرور شريطة فرض المبلغ الزائد، الذي تم تطبيقه بالقوة على محطات توزيع الغاز في تعز.

تلاعب وابتزاز بقوة السلاح


شهود عيان ووكلاء غاز أكدوا أن مندوبين لشركة الغاز وبعض الوكلاء الذين رفضوا تطبيق الزيادة تم إجبارهم على التوقيع تحت تهديد السلاح، وتم احتجازهم في إدارة أمن الشمايتين قبل إطلاق سراحهم بعد التوقيع.

محمد العزي، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في نقابة مالكي وكالات الغاز، أكد في تصريح لـه أن "الزيادة تم فرضها دون مسوغ قانوني، وهي نتيجة تلاعب مباشر من قيادة محور تعز بالتعاون مع المحافظ".

وأضاف العزي أن المواطنين هم الأكثر تضرراً من هذه الزيادة، التي تضاعف معاناتهم الاقتصادية.

وطالب العزي بضرورة وقف استخدام ورقة الجرحى لفرض الجبايات، مشيراً إلى أن الجهات المعنية بالجرحى يجب أن تتحمل مسؤوليتها بدلاً من تحميلها للمواطنين.

سلسلة من الجبايات غير القانونية الزيادة على سعر الغاز لم تكن الحادثة الوحيدة في تعز السلطات المحلية والقيادات العسكرية في المحافظة، وفقاً لمصادر صحفية، أدمنت فرض الإتاوات والجبايات على مختلف الخدمات العامة.

مرزوق ياسين، صحفي من تعز، وصف الأمر بـ"الابتزاز الممنهج"، قائلاً إن المدينة أصبحت أكبر سوق سوداء للجبايات في اليمن.

وأشار ياسين إلى أن السلطات المحلية وقيادات الجيش في تعز فرضت خلال الأشهر الماضية زيادات مماثلة على أسعار الوقود، وجوازات السفر، ورسوم البطاقات الشخصية، إلى جانب ضرائب على القات، وكل ذلك يتم توجيهه إلى حسابات خاصة بدلاً من الخزينة العامة للدولة.

ولفت إلى أن ما يحدث هو استغلال مباشر لمعاناة المواطنين تحت ذرائع مختلفة، مع تحقيق أرباح طائلة تصل إلى مليار ريال شهرياً من بعض هذه الأنشطة غير القانونية، مثل تهريب السجائر الممنوعة.

معاناة يومية وصمت رسمي


في ظل هذا التلاعب المستمر، يتزايد استياء المواطنين الذين باتوا يدفعون ثمن هذه السياسات من جيوبهم المثقلة.

ومع استمرار فرض الزيادات والجبايات، تعيش تعز حالة من الفوضى الاقتصادية وسط غياب أي رقابة حكومية فعلية.

الجهات التي يفترض أن تكون مسؤولة عن حماية المواطن ومراقبة الأسعار هي نفسها التي تقوم بالتلاعب واستغلال الوضع لصالحها.

إجمالي عدد أسطوانات الغاز التي تدخل إلى الجزء الواقع تحت سيطرة الحكومة في تعز يومياً يصل إلى 32 ألف أسطوانة، بما يعادل 640 ألف لتر، وهو ما يعني أن الزيادة الأخيرة تفرض على كافة شرائح المجتمع، من سكان المدينة إلى الريف وكبار المستهلكين.

وبينما يعاني المواطنون في تعز من التدهور الاقتصادي، تبدو السلطات المحلية والقيادات العسكرية غير مهتمة بتخفيف المعاناة، بل تزيدها من خلال فرض جبايات غير قانونية تحت ذرائع مختلفة.

هذا الوضع يتطلب تدخلات عاجلة، ليس فقط لوقف هذه الجبايات، بل أيضاً لمحاسبة المسؤولين عنها وضمان عدم تكرارها في المستقبل.