تواجه مناطق محافظة تعز المحررة أزمة متفاقمة في القطاع التعليمي، في ظل إغلاق المدارس ونقص الرواتب للمعلمين. وعلى الرغم من بعض التدابير الحكومية لمحاولة تهدئة الوضع، فإن الأوضاع في مركز المحافظة لا تزال على شفا الانفجار. المعلمون في الشوارع يطالبون بحقوقهم، بينما يقبع الطلاب في المنازل بعيدًا عن مقاعد الدراسة.
فمنذ بداية العام الدراسي، تفاقمت أزمة التعليم في تعز، حيث أُغلقت العديد من المدارس بسبب نقص التمويل وتأخر صرف رواتب المعلمين. المعلمون الذين يعملون في ظروف صعبة يواصلون الاعتصامات احتجاجًا على حقوقهم المفقودة. في الوقت نفسه، يواجه الطلاب التحدي الأكبر: انقطاع التعليم بسبب غياب المعلمين، ما يهدد مستقبلهم الدراسي.
*مسيرات احتجاجيةحاشدة*
وفي صدد الأزمة، شهدت مدينة تعز صباح يوم الأحد مسيرة احتجاجية حاشدة شارك فيها الآلاف من المعلمين والموظفين الحكوميين، تعبيرًا عن رفضهم لقرار نقابة المعلمين بإيقاف الإضراب واستئناف العملية التعليمية. ورفع المحتجون شعارات تطالب بتحسين أوضاعهم المعيشية وصرف كافة المستحقات المالية المتأخرة، مؤكدين أنهم سيستمرون في الإضراب حتى تحقيق جميع مطالبهم.
وفي السياق ذاته، أعلنت اللجنة التحضيرية لاتحاد التربويين اليمنيين في تعز استمرار الإضراب ورفضها لقرارات نقابة المعلمين. واتهم الاتحاد السلطة المحلية ومكتب التربية بتقديم 10 آلاف ريال سعودي كمساعدة لبعض قيادات النقابة لإيقاف الإضراب.
وقال الاتحاد في بيان نشر على صفحته الرسمية في "فيسبوك" تابعته صحيفة "صدى الساحل":
"قرار رفع الإضراب جاء نتيجة ضغوط من السلطة المحلية التي تحاول الالتفاف على مطالب المعلمين عبر تقديم وعود وهمية لا تلبي الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة."
وشدد الاتحاد على أن المعلمين لن يرضخوا لأي اتفاقات لا تتضمن حلولًا جذرية لتحسين أوضاعهم، وقرر تنظيم مسيرة مليونية خلال الأيام القادمة للتأكيد على مطالبهم.
*خذلان نقابة المعلمين*
وعلق الناشط الحقوقي المعروف جميل الشجاع على قرار نقابة المعلمين، واصفًا إياه بـ"الخذلان" للمعلمين الذين كانوا يعولون على نقابتهم في الدفاع عن حقوقهم.
وفي منشور له عبر صفحته على "فيسبوك"، قال الشجاع:
"بيان عيال مسعدة الذي أصدرته نقابة المعلمين، يؤكد أن النقابة ما زالت أداة بيد السلطة المحلية وحزب الإصلاح. على المعلمين الاستمرار في التصعيد حتى انتزاع كامل حقوقهم."
*استياء أولياء الأمور*
من جهتهم، عبّر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم من استمرار الإضراب، محملين السلطة المحلية مسؤولية ضياع مستقبل أبنائهم، مطالبين بتقديم ضمانات واضحة للمعلمين لضمان عودتهم إلى الفصول الدراسية.
وقال أحد أولياء الأمور في حديثه لـ"صدى الساحل":
"مطالب المعلمين مشروعة ولا خلاف عليها، لكن استمرار الإضراب ألحق ضررًا كبيرًا بالطلاب الذين خسروا سنوات من تعليمهم. نطالب المحافظ نبيل شمسان بالتحرك الجاد لحل الأزمة وإعادة الحياة المدرسية إلى طبيعتها."
*رفع الإضراب*
كانت نقابة المعلمين اليمنيين قد أصدرت يوم السبت بيانًا رسميًا على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تناقلته وسائل إعلامية، أعلنت فيه رفع الإضراب بعد اجتماعها مع محافظ تعز نبيل شمسان.
وجاء في البيان:
"قررنا رفع الإضراب بعد التوصل إلى اتفاق مع السلطة المحلية على صرف المرتبات المتأخرة وتحسين الأوضاع المعيشية للمعلمين، مع الحفاظ على حقوقهم الأساسية."
وأكدت النقابة أنها وضعت مصلحة الطلاب فوق كل اعتبار، وأنها حريصة على استمرار العملية التعليمية مع متابعة تنفيذ الاتفاقات مع السلطة المحلية.
*استمرار الأزمة*
رغم إعلان نقابة المعلمين رفع الإضراب، رفض عدد كبير من المعلمين هذا القرار، مؤكدين أنهم تعرضوا للخداع من قبل النقابة، التي اعتبروها لم تعد تمثلهم.
علق أحد المعلمين في الاتحاد العام للتربويين قائلاً:
"التاريخ يعيد نفسه، ومن خان الوطن في 2011 خان المعلم في 2025. نحن نرفض أي اتفاقات شكلية لا تضمن حقوقنا المشروعة، ولن نُخدع بوعود جديدة."
*أزمة مستمرة*
تعيش محافظة تعز أزمة تعليمية خانقة نتيجة الإضرابات المستمرة، وسط غياب الحلول الجذرية من قبل السلطة المحلية والحكومة المركزية في العاصمة المؤقتة عدن.
*الحلول المؤقتة*
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الحلول التي تقدمها السلطات ليست سوى "مسكنات مؤقتة"، بينما يبقى مستقبل آلاف الطلاب معلقًا في ظل استمرار الإضرابات وتصاعد الاحتقان بين المعلمين والسلطة.
*التصعيد المحتمل*
ومع رفض اتحاد التربويين لاتفاق رفع الإضراب ودعواته لتنظيم احتجاجات أوسع، تتجه الأزمة نحو مزيد من التصعيد في حال لم تتخذ السلطة المحلية والحكومة خطوات جادة لتنفيذ مطالب المعلمين.
*مستقبل التعليم في تعز*
يؤكد مراقبون أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير العملية التعليمية في تعز، في ظل الدعوات المتزايدة لاستمرار الإضراب والتصعيد. فيما يظل مستقبل طلاب مدارس تعز مرهونًا بين مطرقة المسكنات الحكومية وسندان تصعيد احتجاجات المعلمين في "الشارع".