صدى الساحل - تقرير - حسين الشدادي
تشهد منطقة يفرس في مديرية جبل حبشي بمحافظة تعز أزمة متفاقمة نتيجة استغلال مياه الشرب المخصصة للمواطنين والجامع التاريخي جامع الشيخ أحمد بن علوان لصالح ري شجرة القات، في خطوة أثارت غضب السكان وأثارت تساؤلات حول دور مكتب أوقاف المحافظة والسلطات المحلية.
بيع المياه للمزارعين: وقائع الكارثة
المصدر الوحيد للمياه في منطقة يفرس هو مياه جبل هداره، التي تُضخ لتلبية احتياجات السكان ومرافق المنطقة، بما في ذلك جامع الشيخ أحمد بن علوان التاريخي. إلا أن تقارير محلية أكدت قيام عاقل عقال المديرية، عوض عبدالله الأهدل، بالتنسيق مع مكتب أوقاف تعز لتشكيل مجموعة تقوم ببيع هذه المياه لمزارعي القات في وادي بني خولان ووادي الذنبة.
وفقًا لشكاوى الأهالي، يتم بيع المياه بسعر 15,000 ريال يمني للساعة الواحدة، بعد أن كان السعر 12,000 ريال. تُقسَّم العوائد بين عاقل العقال، ومدير أوقاف تعز أبو بكر عبدالرزاق هاشم والمجموعة المشرفة والموزعة للمياه. و هذا الاستغلال التجاري أدى إلى شح المياه المخصصة لمنازل المواطنين والجامع التاريخي، وأثار استياء الأهالي الذين يعانون من نقص شديد في مياه الشرب.
سد مواسير المياه: تفاقم المعاناة
بالإضافة إلى بيع المياه، كشفت الشكاوى عن ممارسات أخرى تزيد من تفاقم الأزمة، حيث يقوم المتورطون بسد بعض المواسير التي تغذي المستفيدين بمياه الشرب بهدف توفير كميات إضافية للمشروع التجاري الجديد. المواطن محمد هزع، أحد المتضررين، أكد شكواه من هذه الانتهاكات التي تترك السكان دون مياه كافية، لصالح مشروع ري شجرة القات الذي يستنزف الموارد.
غياب صندوق رسمي للإيرادات
رغم العوائد الكبيرة التي يتم تحصيلها من بيع المياه، لا يوجد صندوق رسمي لجمع هذه الأموال كما يدّعي المتورطون. وهذا يثير الشكوك حول إدارة الأموال وتوزيعها، ويعزز الاتهامات بوجود فساد مستشرٍ في مكتب الأوقاف وإدارته.
حرمان الجامع التاريخي والمواطنين من المياه
جامع الشيخ أحمد بن علوان، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الهجري، يُعتبر أحد أهم المعالم الدينية والثقافية في اليمن. يعتمد الجامع بشكل رئيسي على مياه جبل هداره لتلبية احتياجاته، إلا أن هذه الانتهاكات تهدد وجوده واستمراره في أداء دوره الديني والتاريخي.
إلى جانب ذلك، يعاني سكان يفرس من نقص حاد في مياه الشرب، ما دفعهم إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الجهات المسؤولة عن استنزاف المياه لصالح زراعة القات، التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وتؤثر على الأمن المائي للمنطقة.
غياب دور أجهزة الدولة: من يحمي المواطنين؟
تبرز في هذه الأزمة غياب الرقابة الفعّالة من قبل الدولة وأجهزتها المعنية، التي يُفترض أن تُشرف على إدارة الموارد المائية وحماية المعالم التاريخية. بدلاً من ذلك، ظهر مكتب الأوقاف كطرف رئيسي في القضية، وسط اتهامات بتورطه في فساد يهدد المصلحة العامة ويزيد من معاناة المواطنين.
المواطنون يدقون ناقوس الخطر
لم يقف أهالي يفرس مكتوفي الأيدي أمام هذه الانتهاكات، حيث تصاعدت أصوات الاستغاثة والمطالبات بوقف استنزاف الموارد المائية وإعادة توزيعها بما يحقق العدالة. المواطنون شددوا على ضرورة تدخل الجهات الرسمية لإنهاء هذه الأزمة التي تهدد حياتهم اليومية وتراثهم التاريخي.
زراعة القات: تحدٍ بيئي واجتماعي
تُعد زراعة القات واحدة من أكثر المحاصيل استنزافًا للمياه، وتسبب أضرارًا بيئية واجتماعية كبيرة في اليمن. ومع تصاعد الأصوات المطالبة بترشيد استخدام المياه، يتوجب على السلطات اتخاذ إجراءات صارمة لوقف استغلال المياه في ري القات، خاصة عندما يكون ذلك على حساب حقوق المواطنين ومصالح المرافق الحيوية.
دعوات لإنقاذ جامع الشيخ أحمد بن علوان
الحفاظ على جامع الشيخ أحمد بن علوان التاريخي ليس مجرد قضية دينية أو ثقافية، بل هو مسؤولية وطنية تستوجب التدخل الفوري من الجهات الرسمية والمنظمات المدنية. يجب فتح تحقيق شفاف في الفساد المرتبط بإدارة المياه ومحاسبة المتورطين، مع وضع خطة شاملة تضمن استدامة الموارد المائية وحماية المعالم التاريخية.
ماذا بعد؟
تظل قضية استغلال مياه جامع الشيخ أحمد بن علوان اختبارًا حقيقيًا للجهات المسؤولة في اليمن، ومدى قدرتها على التصدي للفساد وحماية حقوق المواطنين. في ظل استمرار الضغط الشعبي، يُعقد الأمل على تحركات جادة لإيقاف هذه الممارسات، وضمان توزيع عادل للمياه بما يخدم المصلحة العامة ويحمي التراث الوطني من الاندثار.