اخبار وتقارير

الأربعاء - 09 أكتوبر 2024 - الساعة 12:44 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي




تعيش الصحافة في اليمن أوضاعاً صعبة ومضطربة بسبب النزاع المستمر بين الأطراف المتصارعة.

بينما يُعد الإعلام الحر أحد أعمدة الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد تعرضت وسائل الإعلام في اليمن لقمع وتقييد سواء من قبل مليشيات الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، أو من السلطات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً.

قصة الإعلامي مجلي الصمدي وإذاعته "صوت اليمن" تسلط الضوء على هذا الواقع المرير، حيث وجد نفسه بين القمع الحوثي في صنعاء والتقييد من قبل السلطات الشرعية في تعز.

خلفية القضية

بدأت قصة مجلي الصمدي عندما تعرضت إذاعته "صوت اليمن" لإغلاق قسري من قبل مليشيات الحوثي في صنعاء.

لم يكن الإغلاق مجرد إجراء بيروقراطي، بل شمل اعتداءات جسدية عليه، مما أجبره على الفرار مع أسرته إلى المناطق المحررة.

كان يتوقع أن يجد الحرية والدعم في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، إلا أن المفاجأة كانت غير سارة.

رغم حصوله على دعم معلن من رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، إلا أن سلطات تعز منعته من إعادة بث الإذاعة، بل واحتجزته لفترة وأجبرته على التوقيع بعدم البث من تعز.

قمع الصحافة في مناطق الحوثي

في مناطق سيطرة الحوثيين، لا يمكن للصحافة الحرة أن تنجو من قبضتهم الحديدية.

يُحكم الإعلام بقوانين صارمة ويُستخدم كأداة للدعاية الحربية والتعبئة.

منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014، أغلقت عشرات المؤسسات الإعلامية، وتم اعتقال العديد من الصحفيين وتعرض البعض منهم للتعذيب.

يُذكر أن الصحافة المستقلة لم تعد قادرة على العمل هناك، حيث يتم استهداف كل من يعارض الرواية الرسمية أو يتجرأ على كشف انتهاكاتهم.

وتعكس حالة مجلي في صنعاء هذا الواقع القمعي، حيث تعرض للاعتداء والإغلاق القسري لإذاعته، وهي مجرد واحدة من عشرات الحالات التي توضح مدى الهيمنة الحوثية على الإعلام.

الصحفيون الذين لا يزالون يعملون في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مخاطر جسيمة، من بينها الاعتقال والاختفاء القسري والتعذيب.

تقييد الصحافة في مناطق الشرعية

رغم أن الحكومة الشرعية تمثل الطرف الذي يحظى بالاعتراف الدولي والدعم، إلا أن واقع الصحافة في المناطق الخاضعة لسيطرتها لا يبدو أفضل بكثير.

القصة التي يرويها مجلي الصمدي بعد وصوله إلى تعز، أحد أبرز معاقل الحكومة الشرعية، تكشف عن التضييق والتقييد الذي يمكن أن يتعرض له الإعلاميون حتى في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً.

ومن خلال تصريحات مجلي، يبدو أن السلطات المحلية في تعز لم تسمح له بإعادة بث إذاعته، واحتجزته لعدة أيام، وأجبرته على توقيع التزام يقضي بعدم استئناف البث.

بالإضافة إلى ذلك، تم وضعه تحت "الإقامة الجبرية" عملياً، حيث لا يمكنه مغادرة المدينة إلا بإذن مسبق من السلطات الأمنية.

تحليل الواقع

إن حالة مجلي تسلط الضوء على واقع متناقض بين الحوثيين والشرعية.

ففي الوقت الذي يتحدث فيه المجتمع الدولي عن أهمية دعم الحكومة الشرعية في اليمن، إلا أن الصحافة الحرة لا تزال تواجه قيوداً حتى في المناطق التي من المفترض أن تكون فيها حرية التعبير مكفولة.

هناك تخوف من أن هذه القيود قد تكون نابعة من مخاوف سياسية أو أمنية، حيث تُعتبر بعض الأصوات الإعلامية مصدر إزعاج أو تهديد للسلطات المحلية.

تتزامن تصريحات مجلي مع انتشار ظاهرة تكميم الأفواه في المناطق المحررة، ما يثير التساؤلات حول مدى التزام الحكومة الشرعية بدعم الصحافة الحرة وحقوق الإعلاميين.

ورغم وجود دعم من شخصيات سياسية بارزة مثل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن القوى المحلية قد تكون هي التي تفرض قيودها الخاصة.


الإعلاميون في تعز: صمت مطبق؟


ربما كانت النقطة الأكثر إثارة للدهشة في تصريحات مجلي هي استغرابه من عدم وجود تضامن من زملائه الإعلاميين في تعز.

قد يعكس هذا الصمت الواقع الذي يعيشه الإعلاميون في المدينة؛ حيث قد يكونون تحت ضغط شديد أو يخشون على حياتهم ووظائفهم.

في ظل أوضاع الحرب والاضطراب السياسي، قد يكون التعبير عن التضامن أو الدعم للزملاء محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً إذا كان هذا التضامن يستدعي توجيه النقد للسلطات المحلية.

إن قصة مجلي الصمدي تفتح الباب للنقاش حول الحريات الإعلامية في اليمن، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو الحكومة الشرعية.

فالصحافة التي كان يُفترض أن تكون صوتاً للحقائق وصوتاً للمواطنين، وجدت نفسها مكبلة بقوانين قمعية وأنظمة سياسية تتعامل معها كتهديد لا كركيزة للديمقراطية.

في هذا السياق، تظل حرية الصحافة في اليمن حلماً بعيد المنال، يتطلب إصلاحات جذرية وشجاعة سياسية لحمايتها ودعمها.