اخبار وتقارير

الخميس - 10 أكتوبر 2024 - الساعة 12:44 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي





في السنوات الأخيرة، توسعت ممارسات الاستيلاء على الأراضي والعقارات الحكومية والخاصة من قِبل مليشيات الحوثي في مناطق سيطرتهم، بما في ذلك الممتلكات التابعة للمؤسسات الرياضية والثقافية، والأراضي الحكومية، والمنازل التي تعود ملكيتها لخصومهم السياسيين.

تعد هذه العمليات جزءاً من خطة ممنهجة لتحقيق السيطرة الكاملة على الموارد الاقتصادية والاستفادة منها في تعزيز نفوذهم العسكري والسياسي.


استيلاء على الممتلكات العامة والخاصة: نماذج متكررة


أحدث مثال على هذه الممارسات هو إغلاق مليشيات الحوثي لسوق الخضروات بالجملة التابع لنادي شعب إب الرياضي والثقافي، والذي يعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنادي.

بحسب بيان صادر عن إدارة النادي، قامت مجموعة مسلحة تابعة للحوثيين باقتحام السوق وإغلاقه دون مبرر قانوني، بهدف الاستيلاء على الأرض ونقل السوق إلى موقع آخر يتبع أحد قادة الجماعة القادمين من خارج المحافظة.

يُمثل هذا العمل استهتاراً بالقوانين وتهديداً مباشراً لاستقرار النادي وموارده المالية، التي يعتمد عليها في تمويل أنشطته الرياضية والاجتماعية.

الضغوط على التجار

لم تتوقف الضغوط عند إغلاق السوق، بل استمرت الجماعة في ممارسة ضغوط مكثفة على التجار لإجبارهم على الانتقال إلى السوق المستحدثة التابعة لقادتها.

كما شملت الحملة اعتقال أكثر من 22 تاجراً وعاملاً رفضوا الانصياع لأوامر الحوثيين، في تصعيد واضح لأساليب القمع والابتزاز.


تدمير البنية التحتية الرياضية والثقافية

يأتي استهداف سوق نادي شعب إب ضمن سلسلة أوسع من الاعتداءات الحوثية على المؤسسات الرياضية والثقافية.

فقد كشفت تقارير إعلامية عن تحويل الحوثيين 25 نادياً رياضياً في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى استراحات لقادتهم ومراكز لتلقين الدروس العقائدية، فيما تم تدمير العديد من الصالات الرياضية أو تحويلها إلى معسكرات لتدريب المقاتلين.

ووفقاً لمصادر محلية، خرجت نسبة كبيرة من مرافق الرياضة عن الخدمة، إذ توقفت أكثر من 85% من هذه المرافق عن العمل، ما أدى إلى شلل شبه كامل في النشاط الرياضي.

كما توقفت 32 اتحاداً رياضياً عن العمل بشكل شبه كلي، ما ساهم في تفاقم الفقر والبطالة بين الرياضيين والعاملين في هذا المجال.


الاستيلاء على العقارات الحكومية والخاصة


لم تقتصر ممارسات الحوثيين على قطاع الرياضة، بل امتدت لتشمل العقارات الحكومية والخاصة في مختلف المناطق.

منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، عمدت المليشيات إلى مصادرة العقارات المملوكة لخصومهم السياسيين، خاصة القيادات العسكرية والقبلية المناهضة لهم. وقد شملت هذه العمليات منازل ومزارع، وحتى أراضٍ مملوكة للدولة، مما عزز من موارد الجماعة المالية وعزز من سيطرتهم على مفاصل الاقتصاد المحلي.


مؤسسات الدولة تحت سيطرة الحوثيين


تُستخدم هذه الممتلكات، بحسب تقارير، في تمويل المجهود الحربي للجماعة، حيث أصبحت المباني الحكومية المهجورة مقرات لقيادات الحوثيين أو معسكرات تدريب.

بالإضافة إلى ذلك، فقد استولت الجماعة على عدد من المرافق الخدمية، مثل المدارس والمستشفيات، وحولتها إلى مراكز لإيواء المقاتلين أو أماكن لتلقي الدروس العقائدية.


استهداف الخصوم السياسيين


أحد الأوجه الأكثر خطورة في هذه الاستراتيجية هو استهداف العقارات المملوكة لخصوم الحوثيين.

فقد شهدت مناطق مثل صنعاء وتعز والحديدة ومأرب حملات مصادرة موسعة طالت ممتلكات قيادات في الحكومة الشرعية، أو قيادات في الأحزاب السياسية المناوئة للحوثيين، فضلاً عن رجال الأعمال الذين رفضوا التعاون مع الجماعة.

يُقدر حجم العقارات التي استولت عليها المليشيات الحوثية بمئات الآلاف من الأمتار المربعة، تشمل منازل، مزارع، أراضٍ تجارية، وورش صناعية.

وتعتبر هذه الممارسات جزءاً من سياسة عقابية تستخدمها الجماعة للضغط على خصومها ودفعهم إلى الاستسلام أو مغادرة البلاد.


أبعاد قانونية وسياسية


فيما يتعلق بالقوانين، تُعتبر جميع هذه الممارسات غير قانونية، حيث تعمد الجماعة إلى تجاهل القوانين المعمول بها، سواء القوانين المحلية أو الدولية التي تحمي الملكيات الخاصة والعامة.

وقد أكدت منظمات حقوق الإنسان مراراً على أن الاستيلاء على الممتلكات بالقوة يُعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، وقد طالبت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الممارسات.

إلى جانب ذلك، يُعد الاستيلاء على الممتلكات جزءاً من استراتيجية الحوثيين لترسيخ حكمهم وإقصاء كل من يعارضهم، سواءً من الناحية الاقتصادية أو السياسية.

ويؤكد خبراء أن هذا النمط من الاستيلاء يُعزز الانقسام المجتمعي، ويزيد من حدة الفقر والتوتر في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.

وتواصل مليشيات الحوثي تنفيذ خططها للاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة في مناطق سيطرتها، في محاولة لتأمين مصادر دائمة لتمويل عملياتها العسكرية وتعزيز قبضتها على السلطة.

ورغم تصاعد الضغوط المحلية والدولية لوقف هذه الممارسات، لا تزال الجماعة ماضية في استغلال الأراضي والعقارات وتدمير البنية التحتية للرياضة والثقافة في البلاد، مما ينذر بتبعات خطيرة على مستقبل اليمن وأجياله القادمة.