اخبار وتقارير

الجمعة - 11 أكتوبر 2024 - الساعة 12:11 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي




على مدار العقود الماضية، شكلت اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة المتوجهين إلى دول الخليج العربي، حيث يسعى الآلاف من الأفراد، غالبيتهم من إثيوبيا والصومال، إلى الهروب من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في بلادهم، باحثين عن فرص أفضل في بلدان المقصد.

غير أن الطريق إلى اليمن محفوف بالمخاطر، إذ يواجه المهاجرون تحديات اقتصادية وأمنية جسيمة، فضلاً عن ظروف معيشية وصحية غير مستقرة.

في تقرير أممي حديث صادر عن "منظمة الهجرة الدولية" بشأن تدفق المهاجرين إلى اليمن خلال الفترة ما بين أبريل ويونيو 2024، تم تسليط الضوء على الملامح الديمغرافية والاجتماعية للمهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن.

التقرير أوضح أن 94% من هؤلاء المهاجرين هم من حملة الجنسية الإثيوبية، في حين تشكل نسبة الصوماليين 6% فقط.

ورغم الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة اليمنية، والتي ساهمت في خفض عدد المهاجرين بنسبة 8% خلال النصف الثاني من هذا العام، لا تزال الهجرة غير الشرعية تمثل تحدياً إنسانياً وأمنياً كبيراً.


طرق الهجرة وخطورتها


بحسب التقرير، هناك مساران رئيسيان للهجرة إلى اليمن الأول عبر محافظات شبوة، حضرموت، والمهرة، والثاني عبر محافظتي لحج وتعز.

ويشير التقرير إلى أن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية مؤخرًا ضد المهربين على طول ساحل محافظة لحج تُعد تحولًا كبيرًا قد يعيد تشكيل ديناميكيات الهجرة في المستقبل.

ورغم هذه الجهود، لا تزال سواحل هذه المحافظات تشهد تدفق المهاجرين، حيث تم تتبع 4984 مهاجراً دخلوا اليمن عبر سواحل لحج وتعز في الربع الثاني من هذا العام، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 8% مقارنة بالربع السابق.


الملامح الديمغرافية للمهاجرين


تُظهر نتائج المسح الأممي أن غالبية المهاجرين الذين تم رصدهم هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاماً، حيث يشكلون 87% من العينة، كما أن معظمهم من الذكور بنسبة 95%.

ويعزى غياب الإناث عن العينة إلى الصعوبة التي واجهها الباحثون في العثور على مسافرات من النساء لإجراء المقابلات معهن.

الهجرة إلى اليمن مدفوعة بشكل أساسي بالأوضاع الاقتصادية، حيث أفاد 99% من المستجيبين بأنهم هاجروا لأسباب تتعلق بالبحث عن فرص عمل.

ويظهر التقرير أن 58% من هؤلاء المهاجرين تلقوا تعليمًا ابتدائيًا أو أقل، فيما أن 93% منهم عاطلون عن العمل.

كما تبين أن نصف المهاجرين (51%) قدموا من مناطق ريفية في بلدانهم الأصلية.


المناطق الريفية والحضرية: نمط الهجرة


التقرير كشف أن 42% من المهاجرين الأفارقة يعتزمون الانتقال إلى مناطق ريفية في اليمن أو في دول الخليج، بينما يسعى 28% فقط للانتقال إلى المناطق الحضرية.

وتبرز هذه البيانات أهمية المناطق الريفية في هذا النوع من الهجرة، حيث تشير إلى أن غالبية المهاجرين الذين يغادرون المناطق الريفية في بلادهم الأصلية يسعون للعمل في بيئات مشابهة في بلدان المقصد.

ومن اللافت للنظر أن نصف المهاجرين الإثيوبيين (49%) بدأوا رحلتهم من المناطق الريفية، فيما كان 80% منهم يعتزمون الوصول إلى مناطق ريفية أخرى.

وفي المقابل، نجد أن غالبية المهاجرين الصوماليين (80%) غادروا المناطق الريفية، حيث يسعى 94% منهم إلى الوصول إلى مناطق ريفية في اليمن أو الخليج.


التحديات والمخاطر


رغم الجهود الأمنية المبذولة من قبل السلطات اليمنية، إلا أن الطريق البحري بين القرن الأفريقي واليمن لا يزال يشكل خطراً جسيماً على المهاجرين.

ففي يوليو 2024، لقي 45 مهاجرًا حتفهم، فيما فُقد 61 آخرون عندما انقلب قاربان كانا يقلان نحو 300 مهاجر أفريقي كانوا في طريقهم للعودة إلى جيبوتي.

ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فإن هذه الحادثة ليست إلا جزءًا من سلسلة مآسٍ مستمرة على طول هذا الطريق البحري الذي يُعد واحدًا من أكثر الطرق ازدحاماً وخطورة في العالم.

وغالبًا ما يلجأ المهربون إلى وسائل نقل غير آمنة وزوارق مكتظة بالمهاجرين، ما يزيد من خطر الحوادث المميتة.


وتظل الهجرة الأفريقية إلى اليمن جزءًا من واقع اقتصادي وإنساني معقد، تدفعه الأوضاع الاقتصادية الصعبة في دول المنشأ.

ورغم الإجراءات الأمنية الأخيرة التي ساهمت في خفض عدد المهاجرين بنسبة 8%، لا يزال اليمن يمثل وجهة رئيسية للمهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية في دول الخليج.

ومع تزايد التحديات الأمنية والإنسانية التي تواجه المهاجرين، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل هذه التدفقات، وما إذا كانت التدابير الأمنية وحدها كافية للتعامل مع مشكلة الهجرة غير الشرعية، في ظل استمرار الطلب على العمالة في دول الخليج، واستمرار الأزمات الاقتصادية في دول المصدر.