اخبار وتقارير

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2024 - الساعة 03:42 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي





يشهد اليمن، بعد أكثر من عقد من الحرب والأزمات المتلاحقة، انهياراً غير مسبوق في العملة الوطنية، حيث تجاوز سعر صرف الريال حاجز 2000 أمام الدولار الأمريكي.

هذا الانهيار المروع يسلط الضوء على واقع اقتصادي مأساوي يتفاقم منذ سنوات، وسط شلل تام في القدرة على احتواء الأزمة من قبل الحكومة والانقلابيين على حد سواء.


أزمة الريال: ما وراء الانهيار؟

لم يكن تدهور قيمة الريال اليمني مفاجئًا، بل نتيجة حتمية لعوامل متعددة تفاقمت على مدى العقد الأخير، أبرزها:

1. الحرب المستمرة: الحرب التي اجتاحت اليمن منذ العام 2014 أدت إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية، بما في ذلك المؤسسات المالية والبنك المركزي، مما تسبب في ضعف شديد لقدرة الدولة على التحكم بسعر العملة.


2. الأزمات السياسية والاقتصادية: صراعات السلطة بين الحكومة الشرعية والمليشيات الانقلابية فرضت حصاراً خانقاً على الاقتصاد اليمني، حيث تم إيقاف تصدير المشتقات النفطية والغاز، اللذين يعدان من أبرز مصادر الدخل القومي.


3. تراكم الديون الداخلية والخارجية: نتيجة لحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، عجزت الدولة عن سداد ديونها المتراكمة، مما أدى إلى فقدان الثقة بالعملة المحلية وتزايد الضغوط التضخمية.



التداعيات الإنسانية

الانهيار المستمر لقيمة الريال لا يعد فقط أزمة اقتصادية، بل أزمة إنسانية تهدد حياة ملايين اليمنيين.

فقد شهدت أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية ارتفاعاً جنونياً، ما جعل المواطن البسيط عاجزاً عن تلبية احتياجاته اليومية.

وفقاً لتقارير منظمات الإغاثة الدولية، يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، فيما يواجه الملايين انعدام الأمن الغذائي.


الفقر والجوع

الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية دفع العديد من الأسر إلى التخلي عن وجباتها اليومية، فيما يعاني الأطفال والنساء من سوء التغذية الحاد.

البطالة والفقر المدقع

مع انهيار الاقتصاد، تزايدت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية.

كثير من اليمنيين فقدوا وظائفهم، وأصبحت فرص العمل شحيحة في ظل الأوضاع الراهنة، مما زاد من معاناة الأسر اليمنية.


السياسات الاقتصادية: هل من مخرج؟

تظهر الأزمة بشكل واضح غياب الرؤية الاستراتيجية لحل المشكلة الاقتصادية، حيث تفتقر الحكومة الشرعية إلى القدرة الفعلية على إدارة الموارد الوطنية، فيما تستمر المليشيات الانقلابية في فرض حصار على الاقتصاد عبر السيطرة على مناطق إنتاج النفط ومنع تصديره.

حلول ممكنة:

1. إعادة تصدير المشتقات النفطية: يُعد استئناف تصدير النفط من أهم الخطوات لاستعادة بعض الاستقرار الاقتصادي. ويمثل تصدير المشتقات النفطية فرصة لتعزيز احتياطات العملة الصعبة وإعادة التوازن إلى الاقتصاد.


2. العمل بالريال اليمني: تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة تتمثل في دفع مرتبات المسؤولين الحكوميين بالريال اليمني وليس بالعملات الأجنبية، لتحفيز الثقة في العملة المحلية وإيقاف الانهيار المستمر.


3. إصلاحات هيكلية: لا بد من العمل على إصلاحات اقتصادية جذرية تشمل تحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المالية.



المجتمع الدولي: غياب الضغوط الدولية

على الرغم من أن المجتمع الدولي أبدى اهتمامًا كبيرًا بإجراءات البنك المركزي اليمني في السنوات الأخيرة، إلا أن الردود الدولية تجاه الحصار المفروض على تصدير النفط كانت باهتة.

لم يتخذ المجتمع الدولي أو الإقليم أي إجراءات ملموسة لدفع الأطراف المتنازعة نحو حل الأزمة الاقتصادية، مما يفاقم من معاناة اليمنيين.


مجلس القيادة الرئاسي: اختبار القوة

في ظل هذا الواقع، يقع على عاتق مجلس القيادة الرئاسي مسؤولية كبيرة، إذ يتعين عليه اتخاذ قرارات حاسمة لفرض شروطه على الأرض والعمل على استعادة السيطرة على موارد الدولة.

يجب أن يدرك المجلس أن استعادة الدولة كافة مواردها الممكنة هو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد ومنع انهيار العملة بشكل كامل.


الاستنتاج: مخاطر الانفجار المجتمعي

لا شك أن استمرار الانهيار الاقتصادي سيقود إلى انفجار اجتماعي لا يمكن التحكم بتداعياته.

الفقر والجوع والبطالة المتزايدة ستؤدي في النهاية إلى انتفاضات شعبية تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، مما قد يزيد من حدة الصراع الداخلي.

المطلوب الآن هو تكاتف الجهود بين جميع الأطراف اليمنية لتجنب هذا المصير المأساوي.

كما يجب أن يكون هناك جهد جماعي داخل الحكومة الائتلافية لتجاوز هذه الأزمة المدمرة.

إن الفشل في التصرف قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، ولن يكون هناك أي ناجٍ في سفينة تغرق بالكامل.