اكد الباحث السياسي مصطفى الجبزي، ان ما حققته ثورتي ٢٦ سبتمبر، و ١٤ اكتوبر المجيدتين، يعد مكسباً كبيرا..مشيراً الى انه في الجنوب انتجت ثورة أكتوبر لحظة قيام الكفاح المسلح إلى نيل الاستقلال، وتغيرت الخارطة السياسية كلياً، وانهار المشروع الاستعماري الذي كان يريد بناء كيان منفصل عن الذات اليمنية باسم الجنوب العربي، ويريد إعادة صياغة المشهد السياسي في الجنوب ليضمن هيمنته في عدن ويكبح انخراط القوى الاجتماعية في مناطق الجنوب والشرق في أي مسار استقلالي.
وقال الباحث الجبزي "ان الحركة الوطنية اليمنية تبلورت في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين واكتسبت وعياً وطنياً يأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها اليمن بشطريه جنوبأ وشمالاً وأدركت مخاطر الإمامة والاستعمار في آن واحد، وبالتالي أسست كيانات تعبر عن هذا الوعي سواء الاتحاد اليمني أو ما إلى ذلك من كيانات وجمعيات واندية عبر مغتربين أو طلاب أو نخب سياسية".
واضاف الجبزي في حديث لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) بناسبة العيد الـ٦١ لثورة الـ ١٤ من اكتوبر الخالدة "ان النخب النضالية في مناطق الجنوب أسهمت بشكل مباشر في معارك ثورة 26 سبتمبر لادراكها ان قيام نظام غير إمامي في الشمال سيمهد لتكوين كتلة سياسية عسكرية مسلحة للدفع بقيام ثورة مسلحة في الجنوب"..مشيراً الى انه حينما نضجت الظروف لقيام ثورة و كفاح مسلح للخلاص من العقبات سواء في الشمال (الإمامة) أو الاستعمار في الجنوب اشتركت هذه القوى في هذا النضال الواحد.
ونوه الى ان قيادات الجبهة القومية تدريت وتسلحت وتجهزت في تعز التي كانت متنفساً لقوى النضال التحرري في الجنوب، فيما ان قيام ثورة 26 سبتمبر على يد قوى شمالية اشتركت معها قوى جنوبية، أسهم كثيراً في تسريع النضال المسلح في الجنوب وفي إيجاد مكان تزود وتموين وتمويل ينطلق من الشمال للقوى التي كانت فدائية وتنفذ مهام عسكري.
ولفت الباحث الجبزي، الى انه بعد ذلك قامت ثورة 14 أكتوبر واخذت مساراً يوازي تقريباً المسار الذي دخلت فيه ثورة 26 سبتمبر، وذلك المسار المسلح والكفاح خلال فترة الحرب ضد الاستعمار حتى عام ١٩٦٧م ادى الى قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، ولهذا قيام سبتمبر في عام ١٩٦٢م لا يعني أبوية انما أسبقية ظرف وأوضاع تاريخية.
واستدرك الجبزي "وبالتالي ظهرت قوى عربية قومية يمنية ككتل سياسية وتبنت مشروع سياسي واجتماعي مغاير لما كان يريد أن يثبته الاستعمار أو القوى المنضوية تحته، اضافة الى قيام دولة مستقلة في الجنوب أعاد تحديد هوية البلد السياسية، وأعاد إدماج البلد في مشروع تحرري عربي".
واشار الى ان التحول الأكبر والأهم كان اجتماعي، حيث أعادت الثورة توزيع القوة داخل المجتمع وانتجت قوة جديدة بأيديولوجيا تسعى إلى تغييرات جذرية، احدثت تغييراً كبيراً في كل ما هو متراكم تاريخياً بخصوص البناء الهرمي داخل المجتمع ومكنت قوة جديدة.