اخبار وتقارير

الأحد - 29 ديسمبر 2024 - الساعة 11:28 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - تقرير: حسين الشدادي

منذ سيطرة مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء في عام 2014، أصبح احتكار السلطة والوظائف السيادية في مناطق سيطرتهم واضحاً وجلياً لصالح الأسر الهاشمية. هذا الاحتكار لم يقتصر على مناطق سيطرة المليشيات، بل امتد أيضاً ليظهر بشكل لافت في مناطق الحكومة الشرعية، وعلى الرغم من الحرب المستعرة التي تقودها مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، ضد الشرعية والشعب اليمني، إلا أن حضور الأسر الهاشمية في مواقع القرار في مناطق سيطرة الجيش الوطني يطرح تساؤلات ملحّة حول مستقبل التوازن السياسي والاجتماعي في البلاد.


احتكار السلطة القضائية في مناطق الحوثيين


في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، أصبحت السلطة القضائية حكراً على الأسر الهاشمية، إذ جرى تعيين القضاة والمحامين والموظفين في الجهاز القضائي من هذه الأسر، وهو ما أثار استياء واسعاً بين اليمنيين،
وفق تقارير حقوقية وإعلامية، فإن المليشيات الحوثية عملت على تطهير المؤسسات القضائية من الكوادر غير الهاشمية واستبدالها بعناصر تدين بالولاء لفكرها وأيديولوجيتها، هذا السلوك أضعف القضاء كمؤسسة حيادية وعدالة مستقلة، وجعل منه أداة لتثبيت نفوذ الجماعة وقمع الخصوم.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو استغلال المحاكم لإصدار أحكام بالإعدام أو مصادرة الممتلكات ضد معارضي الحوثيين، ما عزز شعور المظلوميات لدى اليمنيين وأدى إلى تفاقم الغضب الشعبي.


مناطق الشرعية.. هروب من الجحيم إلى واقع مشابه


فرّ آلاف اليمنيين من مناطق سيطرة الحوثيين إلى مناطق الشرعية أملاً في حياة أكثر عدالة وديمقراطية، إلا أن الصدمة كانت كبيرة حين وجدوا أن الأسر الهاشمية ما زالت تحتل مواقع هامة في القضاء والوظائف العامة حتى في ظل الحكومة المعترف بها دولياً.

رغم أن الأسر الهاشمية تقود تحالفاً مع الحوثيين في الحرب ضد الشرعية، إلا أن نفوذها في مؤسسات الدولة بمناطق الشرعية ما زال قوياً، يظهر ذلك في تعيين القضاة والمحامين وتوزيع الوظائف العامة على المحسوبين من هذه الأسر، ما أثار انتقادات واسعة حول عدم جدية الحكومة الشرعية في تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص.


لماذا يقبل اليمنيون بالوضع في مناطق الشرعية؟


عدة عوامل تفسر قبول اليمنيين بالوضع القائم في مناطق الشرعية، على الرغم من استيائهم:

1. الحاجة إلى الأمن:
في ظل الحرب، يبحث اليمنيون عن مناطق توفر لهم الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، ما يجعلهم يتجاهلون بعض القضايا مثل احتكار الوظائف.


2. غياب البدائل:
لا توجد قوى سياسية أو اجتماعية قادرة على فرض تغييرات جوهرية في توزيع المناصب بسبب ضعف الحكومة الشرعية واعتمادها على التحالفات السياسية التي تشمل بعض الأسر الهاشمية.


3. النفوذ المتجذر:
الأسر الهاشمية تتمتع بنفوذ تاريخي وثقافي عميق في اليمن، ما يجعل من الصعب التخلص من هيمنتها دون حدوث تغييرات جذرية في البنية السياسية والاجتماعية.


الآثار المترتبة على احتكار السلطة

1. تآكل الثقة بالشرعية:
احتكار الهاشميين للوظائف الهامة في مناطق الشرعية يضعف ثقة المواطنين بالحكومة، ما يجعلها تبدو وكأنها امتداد للحوثيين في جوانب معينة.


2. استمرار الصراعات الاجتماعية:
يُعمّق احتكار السلطة الانقسامات الاجتماعية ويؤدي إلى تغذية النزاعات بين الأسر الهاشمية وبقية المكونات اليمنية.


3. إضعاف مؤسسات الدولة:
يعني سيطرة فئة واحدة على القضاء والوظائف العامة تفريغ هذه المؤسسات من الكفاءات القادرة على قيادة الدولة نحو مرحلة جديدة من الاستقرار.


إن استمرار سيطرة الأسر الهاشمية على السلطة القضائية والوظائف السيادية في اليمن، سواء في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي أو في مناطق الشرعية، يشكل تهديداً لاستقرار البلاد ومستقبلها. تحتاج الحكومة الشرعية إلى اتخاذ خطوات جادة لتعزيز العدالة والمساواة وتطبيق مبدأ الكفاءة في التوظيف، بعيداً عن الولاءات العائلية أو المذهبية. كما يتطلب الأمر جهداً شعبياً ومجتمعياً لرفض هذا الواقع والمطالبة بإصلاحات تضمن بناء دولة مدنية عادلة تتسع لجميع اليمنيين.