اخبار وتقارير

الأحد - 13 أبريل 2025 - الساعة 04:59 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - بقلم/ محمد الصباري






لطالما كانت اللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب بحاجة إلى من يمتلك شجاعة المواجهة، ووضوح الرؤية، وصلابة الموقف.. في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس المقاومة الوطنية بدا طارق صالح كأنه يدق جرس الإنذار لجمهوريي اليمن، معلنًا أن زمن التردد قد ولّى، وأن المعركة الآن ليست فقط مع جماعة انقلابية، بل مع مشروع فارسي متكامل يتغذى على الفراغ، ويستثمر في الخلافات.

ما لفتني في حديثه، هو نبرته الصريحة في توصيف المرحلة بـ”المفصلية”.. كلمة لا تلقى عبثًا، بل جاءت محمّلة بالتحذير والدعوة إلى المبادرة.. لقد حاول الرجل أن يقول لنا، بوضوح لا يحتمل التأويل ، إن لم نستعد زمام المبادرة كقوى جمهورية، فسنخسر اليمن بكل ما فيه من روح وتاريخ وهوية.

في خطابه، أعاد طارق صالح تصويب البوصلة نحو العدو الحقيقي.. ليس الحوثي في ذاته، بل اليد التي تحركه – طهران، الحرس الثوري، مشروع التمدد الطائفي الذي لا يعترف بحدود ولا يعير للشعوب أي كرامة.. الحوثيون في نظره ليسوا سوى “أداة قتل بيد إيران”، استغلوا لحظة ضعف سياسي فاقتحموا الدولة، وجرّوا البلاد إلى حرب عبثية منذ 2014.

ما أعجبني في خطابه أيضًا، هو شجاعته في الحديث عن هشاشة الجماعة الحوثية من الداخل.. نعم، هؤلاء ليسوا قوة صلبة كما يتوهم البعض, إنهم يتصدّعون، ويخفون شروخهم الداخلية بالقمع والرعب.. وكم هو مهم أن يسمع الشعب هذه الحقيقة من على منبر رسمي، خصوصًا حين يترافق ذلك مع دعوة مباشرة لتعزيز التواصل مع أهلنا في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، وتطمينهم بأن هدفنا ليس الانتقام بل استعادة الدولة.

ولا يمكن المرور على الخطاب دون التوقف عند مفارقةٍ مؤلمة أشار إليها وهي بأن الحوثي يزعم دعم فلسطين، بينما يقتل أطفال اليمن في حيس والحديدة وتعز.. كيف لمن يدّعي الوقوف مع المظلوم أن يمارس الظلم في كل حي وشارع وقرية؟ إنها سياسة تضليل ممنهجة، لا تنطلي على من رأى ركام البيوت ومقابر الطفولة بأم عينيه..!

أما عن الداخل الجمهوري، فقد جاءت دعوته صريحة لا لبس فيها, توحيد الصف، البناء على المشتركات، ونبذ الحسابات الصغيرة.. الرسالة واضحة, المعركة أكبر من خلافات الأشخاص والمكونات ، إنها معركة وطن.

ولم يغفل طارق صالح عن الإشادة بالدعم السخي من التحالف العربي، وعلى رأسه السعودية والإمارات، مؤكدًا أن هذه الشراكة هي رافعة أساسية في مواجهة المشروع الحوثي الإيراني، وأن من واجبنا السياسي والأخلاقي استثمار هذا الدعم لا فقط في ميادين القتال ، بل أيضًا في ميادين الإدارة والتنمية واستعادة الدولة.

بل ذهب إلى ما هو أبعد حين دعا إلى تشكيل تحالف دولي ضد الحوثيين، معتبرًا أن المعركة لم تعد يمنية فقط، بل جزء من صراع أوسع ضد الإرهاب والتدخلات الإيرانية في المنطقة.

في النهاية، شدد طارق صالح على أهمية أن نعكس في المناطق المحررة نموذجًا مشرفًا للدولة، يحترم كرامة المواطن ويقدم له خدمات تليق به، بالتوازي مع رفع الكفاءة العسكرية والاستعداد السياسي.

بصراحة، لم يكن الخطاب مجرد احتفاء بذكرى انطلاق المقاومة الوطنية، بل كان بمثابة خارطة طريق، ونقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة عنوانها ( المبادرة، الشراكة، والحسم)

ويبقى السؤال.. هل تلتقط القوى الجمهورية هذه الرسائل؟ وهل تتحول من مجرد ردود أفعال إلى فاعل رئيسي في صناعة المشهد؟؟.. الكرة الآن في ملعب الجميع.