أكدت مصادر دبلوماسية وأخرى غربية اختفاء قادة الصف الأول للجماعة الحوثية عن الأنظار، وصعوبة تواصل الجهات الدولية معهم بعد تهديد إسرائيل باستهداف هذه القيادات، وسط تكهنات بإصابة قادة عسكريين في الضربات الأميركية الأخيرة على صنعاء.
وفي حين ترجح المصادر مغادرة قادة الجماعة العاصمة المختطفة صنعاء أو تغيير أماكن إقامتهم وإغلاق هواتفهم، شهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد زيادة ملحوظة في محاولات تهريب الأسلحة إلى الجماعة.
المصادر التي تحدثت إلى "الشرق الأوسط"، بشرط عدم الإفصاح عن هويتها، ذكرت أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية باستهدافهم على غرار ما حصل مع قيادات �حزب الله� اللبناني.
ووفق هذه المصادر، فإن المكاتب الأممية والأطراف الدولية والإقليمية التي تعمل في سبيل تعزيز فرص السلام، وتلك العاملة في المجال الإغاثي بمناطق سيطرة الجماعة، تواجه صعوبة فعلية في التواصل مع قادة الصف الأول.
وتؤكد القيادات الوسطى في الجماعة عدم قدرتها هي الأخرى على الوصول إلى هؤلاء القادة بعد تغيير عناوين إقامتهم وإغلاق هواتفهم خشية الرصد والوشاية، ويُرجَّح أنهم غادروا صنعاء إلى محافظة صعدة التي تعيش تحت طوق أمني ومخابراتي غير مسبوق.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد هدد بملاحقة قادة الحوثيين واصطيادهم رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة المدعومة من إيران على الدولة العبرية باستخدام الصواريخ والطيران المسيّر.
وفيما دفع هذا التهديد الجماعة إلى إعلان حالة الاستنفار واتخاذ خطوات احتياطية، منها تغيير العناوين ووقف استخدام الهواتف المحمولة لمنع رصدهم، تدور تكهنات متداولة بإصابة عسكريين من قادة الجماعة دون معرفة مصيرهم خلال الضربات الأخيرة على صنعاء، من بينهم رئيس هيئة استخبارات الجماعة المعروف باسم أبو علي الحاكم.
لكنّ مصادر مطلعة في صنعاء لا تستبعد أن تكون الجماعة الحوثية مسؤولة عن هذه التسريبات، كما حدث في مرات سابقة ليظهر بعد ذلك هؤلاء القادة على قيد الحياة في سياق الحرب النفسية، وهو ما يعني تسجيل انتصار معنوي بين أتباع الجماعة وفي المقابل إشاعة الإحباط بين خصومها.
صعوبة التواصل
أشارت المصادر في حديثها لـ�الشرق الأوسط� إلى أن المبعوث الأممي الخاص باليمن لم يتمكن خلال وجوده الأخير في صنعاء من لقاء أي شخص من قيادات الصف الأول في الجماعة الحوثية، بمن فيهم مهدي المشاط، الذي يرأس مجلس حكم الجماعة الانقلابي، مع أنه لا يمثل أي ثقل فعلي في الصف القيادي.
كما أن محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة وعضو في مجلس الحكم الانقلابي، اختفى منذ آخر ظهور له خلال لقائه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي زار صنعاء ضمن مساعي الأمم المتحدة للضغط على الجماعة لإطلاق سراح العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية والبعثات الدبلوماسية المعتقلين.
وبحسب المصادر، فإنه نتيجة لهذه الإجراءات واختفاء قادة الصف الأول وتغيير عناوينهم، التقى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، بوزير الخارجية في حكومة الانقلاب جمال عامر، ورئيس الحكومة غير المعترف بها أحمد الرهوي، وكلاهما من خارج التنظيم العقائدي الحوثي، ويسلط ذلك الضوء على حالة الارتباك التي تعيشها الجماعة خشية أن تكرر إسرائيل اصطياد قادتها كما فعلت مع قيادات �حزب الله� اللبناني.
وعلى الرغم من إعلان الحوثيين أنهم سيوقفون هجماتهم على إسرائيل والملاحة في جنوب البحر الأحمر إذا التزمت إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكرت المصادر أن المجتمع الدولي �لا يثق بما يقوله الحوثيون�، وأن لديه شكوكاً بأنهم �سيبحثون عن مبرر آخر� لاستمرار هذه الهجمات، إذ إن القرار ليس داخلياً بل مرتبطاً بحسابات إقليمية.
ووفق مصادر يمنية مطلعة، فإن استئناف الحوثيين هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر سيجعل الإدارة الأميركية الجديدة تفكر بطرق أخرى للتعامل مع هذه التهديدات، بما يؤدي إلى انتزاع سيطرتهم على بقية الشريط الساحلي اليمني بمحافظة الحديدة.
تنامي تهريب الأسلحة
بيّنت عمليات السلطات اليمنية، التي أدت إلى إحباط أكثر من خمس محاولات لتهريب الأسلحة ومكونات الصواريخ والمسيرات، ارتفاعاً ملحوظاً في هذه المحاولات منذ انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
فبعد أيام من إحباط قوات خفر السواحل محاولة تهريب شحنتين من الأسلحة والذخائر ومواد تدخل في صناعة الصواريخ والطيران المسيّر، أعلنت مصلحة الجمارك إحباط شحنة بميناء عدن تحتوي على مكونات تُستخدم في صناعة الطيران المسيّر، منها خمسة محركات طيران مسير من طراز �دي إل إي� صينية الصنع تعمل بالوقود، و15 جهازاً لاسلكياً، وطائرة درون صغيرة، إضافة إلى أجهزة كشف معادن وأجهزة فحص أمتعة بالأشعة السينية.
وأكد محسن قحطان، مدير عام جمرك المنطقة الحرة بعدن، أن العاملين في الجمارك يواصلون جهودهم لضبط أي سلع تؤثر على الأمن الوطني والإقليمي، وفقاً للقوانين النافذة.
وفي جمرك منفذ شحن بمحافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان أعلنت السلطات ضبط 3975 قطعة غيار سلاح (كلاشينكوف) كانت مخفية ضمن شحنة تجارية. وأكد مدير عام الجمرك، ثابت عوض، أن التعاون بين موظفي الجمارك والجهات الأمنية كان وراء إحباط العملية.
ووفق المسؤول اليمني، تم اتخاذ الإجراءات اللازمة وفقاً لقوانين الجمارك والتشريعات الوطنية، مشدداً على أن هذا الإنجاز يأتي ضمن جهود مكافحة تهريب الممنوعات.