صدى الساحل - خليل الغيلاني
تصدر الناشط الحقوقي البارز المهندس أنس علي سلطان مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعرضه لمحاولة اغتيال غادرة مساء أمس، حيث أطلق ملثمان مسلحان النار عليه قبيل المغرب في منطقة الحصب وسط مدينة تعز.
وفي أول تعليق له على الحادثة، كتب سلطان في سلسلة تغريدات على صفحته بموقع فيسبوك رصدتها صحيفة " صدى الساحل":
"وصلت رسالتكم يا همج.. اثنان مسلحان ملثمان أطلقا الرصاص عليّ قبل المغرب. بدأت الأجهزة الأمنية بملاحقة الملثمين، وفي الوقت المناسب سيعرف الجميع أنكم مجرد همج ترتدون ثوب الدولة."
وأضاف: "بلطجتكم تحت الحذاء، ولو كنتم رجالًا لما غدرتم بملثمين، حتى البنت الحسناء تستطيع أن تغدر مثلكم بضغط زناد بأصابعها الناعمة."
وتابع: "سنظل نفضح كل المتسترين على المطلوبين أمنيًا، حتى لو تحولتم إلى وحوش. أرواحنا ليست أغلى من الدماء الزكية التي يقدمها الأبطال في الجبهات، وتسليط الضوء على تستركم على البلاطجة دين في رقبة كل شخص لديه نخوة ومروءة وشهامة."
*إدانات واسعة وتضامن كبير مع أنس سلطان*
أثارت الحادثة موجة غضب عارمة واستنكارًا واسعًا من قبل الناشطين والمتابعين، حيث تُعد صفحته الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي منبرًا لصوت الحق في رصد الجرائم والانتهاكات، وكشف الجناة والمتسترين عليهم، وفضح التجاوزات الأمنية، وإيصال أصوات المستضعفين إلى أصحاب القرار والقوف معهم. ومن خلال نشاطه الحقوقي والإعلامي، تمكن سلطان من تسليط الضوء على انتهاكات المجرمين والمتواطئين معهم، وهو ما جعله هدفًا لمحاولات الترهيب والإسكات.
وتفاعل عدد كبير من الناشطين والشخصيات العامة مع حادثة استهدافه، معبرين عن تضامنهم الكامل معه، وفي نفس الوقت، مطالبين بسرعة ضبط الجناة ومحاسبتهم.
وجاء في أحد بيانات الإدانة المتداولة:
"ندين ونستنكر بأشد العبارات ما تعرض له المهندس أنس علي سلطان من استهداف بإطلاق النار في محاولة لاغتياله. ونحمل السلطات المحلية والأمنية والعسكرية في تعز المسؤولية الكاملة عما جرى وما قد يتعرض له مستقبلاً هو أو غيره من الناشطين. على الأجهزة الأمنية أن تتحرك فورًا لضبط الجناة المباشرين، والتعامل مع هذه الحادثة من منطلق مسؤوليتها الوطنية والقانونية."
كما شدد الناشطون على ضرورة أن تلتزم الأجهزة الأمنية بدورها في فرض سيادة القانون، وعدم السماح بتغوّل العصابات المسلحة والبلطجية، الذين يستهدفون الأصوات الحرة التي تفضح فسادهم وتواطؤهم.
*أنس علي سلطان.. صوت الحق في زمن الفوضى*
يُعد أنس علي سلطان من أبرز الناشطين الحقوقيين في تعز، حيث عُرف بشجاعته في صدح كلمة الحق في وجه المستبدين والبلطجية، دون تمييز حزبي، أو محسوبية، وكرّس جهوده لمناصرة المستضعفين وكشف المتورطين في الجرائم والانتهاكات. كما لعب دورًا بارزًا في الضغط على الجهات المسؤولة لملاحقة المطلوبين أمنيًا، وعدم السماح بالتستر عليهم.
يواصل سلطان جهوده في كشف المتورطين في أعمال العنف، وملاحقة الجناة قضائيًا وإعلاميًا، متحديًا كافة التهديدات ومحاولات الترهيب التي يتعرض لها باستمرار.
وينحدر سلطان من عزلة النوازل بمديرية جبل حبشي، وهو نجل القيادي الكبير الشهيد علي سلطان، أحد مؤسسي حزب التجمع اليمني للإصلاح، والذي كان من الشخصيات السياسية المعتدلة في المحافظة واليمن عامة. ورغم انتمائه السياسي، كان يحظى باحترام مختلف الأطياف السياسية نظرًا لمواقفه الشريفة ومنافسته النزيهة، التي كان ينشد من خلالها خدمة الوطن قبل أي اعتبار آخر.
وكان والده شخصية بارزة في الساحة اليمنية، مشهودًا له بالنزاهة والمواقف الوطنية، ولم يُذكر يومًا إلا بالخير من قبل معارفه وأصدقائه، بل حتى من خصومه السياسيين، نظرًا لشخصيته المتزنة ورؤيته الوطنية الجامعة، وهو ما أكسبه احترام الجميع ومحبتهم، رحمة الله.
وتعاني محافظة تعز من انفلات أمني متزايد نتيجة الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي منذ سنوات، تزامنًا مع سوء الإدارة في المناطق المحررة، مما أدى إلى تفشي الجريمة، وسط تراجع واضح لدور الأجهزة الأمنية في فرض النظام والقانون.
ويرى مراقبون أن استهداف ناشطين مثل أنس علي سلطان يأتي ضمن سلسلة من المحاولات لإسكات الأصوات الحرة التي كرست جهودها لكشف المستور وفضح المتورطين في دعم الجريمة والتستر على البلاطجة والمطلوبين أمنيًا، في وقت خفتت فيه الكثير من الأصوات الجريئة التي كانت تصدح بالحق، نتيجة التهديدات والتضييق المستمر على حرية التعبير.
ومع تصاعد الغضب الشعبي، يترقب الجميع تحركات السلطات الأمنية، وسط مطالبات جادة بسرعة الكشف عن الجناة، ومحاسبة كل من يقف خلف هذه الجريمة، لضمان عدم تكرارها، وإعادة هيبة الدولة والقانون في مدينة أصبحت فيها العدالة غائبة، والكلمة الحرة تُواجه بالرصاص، وثمنها الدم.